السؤال الذي بات أكثر إلحاحا ..

زهير سالم*

ما هو المصدر الذي تستمد منه " هيئات المعارضة " المتعددة ، شرعية وجودها، وتمثيلها لجماهير الثورة السورية . داخل سورية وخارجها ؟؟

هل تستمد هذه الشرعية، من طريقة اختيارها وتركيبها ؛ وكلنا يعلم من اختار وركب، وقرّب وأبعد ؟ وفك وركب ؟؟

هل من الجماهير التي تمثلها هذه الهيئات ؟؟ ونحن نعلم أن في ثنايا هذه الواجهات أفرادا لا يجتمع على أحدهم مائة سوري بمن فيهم أمه وأبوه ؟؟

أم هل من الإنجازات التي قدمتها،؛ ونحن ندرك أنها على مدى عشر سنين لم تستطع إثبات نفسها بالإفراج عن معتقل ، أو بإضافة بند على جدول أعمال محلي أو دولي ..

لقد ظلوا يلوحون لنا بورقة " الاعتراف الدولي بهم " واليوم نرى أن دول الإقليم قد باتت تضيق بهم وعليهم، أو تستتبعهم وتستأجرهم ، ودول العالم قد غدت تتجاهلهم ، فلا يكاد أحد ينقل عنهم خبرا ، أو يتعقب لهم أثرا ... وأصبحوا كما " فطيم في سوق الغزل " لا حس ولا أنس!!

نقرر كل هذا ونحن نعلم أن المشهد السوري لا يملك بديلا لهم ، ولكن أليس هذا هو نفس منطق بوتين العدمي، حين يقول لبايدن : أعطني بديلا لبشار؟؟!!

 

نعلم أن الجواب الجدير على هذا السؤال سيضعنا أمام خطوة في الظلام .. وليس من عادة العاقل أن يخطو في الظلام إلا مكرها مضطرا ، ولم يعد في صبرنا على ما نحن فيه معذرة ولا رجاء ..فكل الخيارات المجهولة المحتملة أقل سوء من صير أمر بتنا ، بما كسبت أيدي البعض، نعايشه ونعانيه!!

الانفلات من ربقة الشر المحيط بأعناقنا قد ينقلنا إلى حالة تستشعر فيها النخبة الوطنية السورية الخطر، فتستعيد دورها في تشكيل هيئات معارضة حقيقية، أصدق تمثيلا ، وأقوم سبيلا ..!! وما ذلك على الله بعزيز ..

وخيار آخر لا يقل إيجابية ، أن نسحب ورقة " الحل السياسي الكذوب " من أيدي المتلاعبين بها ويفقد المتلاعب بالمشهد السوري خيال الظل الذي يلعب عليه، ويجد ه نفسه محاطا بحالة من الفوضى لا ضابط لها ، ولا قبل له بها ،ملايين من السوريين الثائرين الصادقين الرافضين ، يحار بهم ، ولا يجد طريقة للتحدث معهم ، ولا للتدجيل باسمهم . ملايين الأفراد الذين لا يجد المتآمر عليهم ، رأسا لهم يخدعه أو يخدع به ؛ نعم هي " الفوضى " في سياق المؤامرة التي تريد للجمل أن يلج في سم الخياط ..وربما في مثل حالنا تكون الفوضى أقدر على " الرفض " اليائس والأعمى من النظام ..وكل شيء يقوله عدو أو متآمر أو متواطئ يكون جوابه : لا ....

والخيار الأكثر إيجابية، والأكثر نفعا، والأقوم سبيلا ؛ أن يدير شباب حيوي من شباب سورية ظهرهم للعبة الدولية " المثيرة للاشمئزاز " ويدركوا حجم المسئولية الملقاة على عاتقهم ، فيستأنفوا ثورتهم ، على طريقتهم ، مستفيدين من كل تجاربهم . فيعيدونها جذعة لا سبيل عليها لمانح أو مانع !!

الثورات لا تتمثل في أجسام سياسية، ولا تجلس على طاولات المماحكات، ولا تفكر في تفاصيل وليد المعلم؛ قبل أن يصبح حصرمها عنبا، وعنبها زبيبا..

ثلاث خيارات كلها أقل سوء من معارضة يقال لها : إن نهاركم ليل فتقول مظلم، أو أن شهدكم مرّ فتقول علقم ...

(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية