لطف «سوري» مع يهود أمريكا و«جمال مغربي» في إسرائيل!

رأي القدس

يتناظر البطش الهائل الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه مع قابلية هائلة للمرونة مع أي قوة خارجية تساهم في إبقاء سلطته على ذلك الشعب، لكن المفارقة الكبيرة في هذا السلوك السياسي أن «المرونة» الهائلة لم تقتصر على حلفائه الذين وظفوا جيوشهم وميليشياتهم للدفاع عنه، بل كذلك لأهم الخصوم التي لم تكف وسائل إعلامه عن التنديد بهم على مدى عقود، وعلى رأس أولئك إسرائيل.

مفيد للتذكر في هذا السياق توجيه رامي مخلوف، ابن عمة الرئيس (الذي كان في عز سلطته وحظوته المالية حينها) رسالة لإسرائيل مع بداية المظاهرات الشعبية ضد النظام السوري عام 2011 مفادها بأن أي خطر على النظام هو خطر على الدولة العبرية أيضا، وبالتالي فإن ما يفيد النظام سيفيدها أيضا.

مر تحت جسر هذه المعادلة الغريبة بين النظام السوري وإسرائيل مياه كثيرة، فرغم أن تل أبيب لم توفر، وخصوصا بعد تزايد الوجود العسكري الإيراني في سوريا، شهرا من دون قصف لمواقع داخل سوريا بشكل يقوض تماما سيادة النظام ويجعله هدفا للسخرية والمهانة، لكن الحقيقة المعلومة أن تل أبيب كانت أحد الرافضين لسقوط النظام، وأن نظام الأسد، الموقن من هذه الحقيقة، لم يكف، من ناحيته، عن استغلال المسألة، من دون أن يتوقف عن إظهار قدرته الوظيفية على التشبه بإسرائيل في مواجهة السوريين والفلسطينيين.

 

آخر هذه الإشارات التي قام النظام بإرسالها إلى إسرائيل استقباله 12 شخصا من أبناء عائلة يهودية أمريكية، جاءت، حسب الأخبار، «بتشجيع من القصر الرئاسي في سوريا» ولتوضيح الرسالة وإبلاغها للمعنيين فقد استقبلت العائلة المذكورة، في سوريا التي لا يمكن أن يدور فيها شيء بهذا الحجم من دون ترتيب أمني، بترحيب في مناطق كان يسكنها يهود في سوريا.

لا شيء يجري في العالم العربي، حين يتعلق الأمر بإسرائيل، من دون معان رمزية وخلفيات سياسية بحيث يتم استغلاله في إطار استرضاء الدولة العبرية واستدعاء نفوذها، كما يحصل حاليا في الانتخابات الليبية، وما رافقها من زيارة لابن الجنرال خليفة حفتر إلى إسرائيل، وما حصل في السودان، التي زادت أسهم تل أبيب فيها إلى حد أن الولايات المتحدة الأمريكية، على ما قيل، قد طلبت تدخلها لتبريد تحرك الجنرالات، وإعادة قادة الانقلاب إلى الجادة السياسية.

كان لافتا، في التطورات الجارية ضمن هذا التوجه، أن ملكة جمال المغرب، كوثر بن حليمة، وصلت للمشاركة في «مسابقة جمال الكون» في إسرائيل، ولقيت الواقعة ترحيبا سريعا من السفير الإسرائيلي في المغرب، في الوقت الذي قامت به ملكات جمال بلدان أخرى غير عربية منها إندونيسيا وماليزيا وجنوب افريقيا، التي أعلنت مرشحتها رفضها المشاركة دعما للفلسطينيين، واليونانية التي قالت إنها لا يمكنها الصعود إلى المسرح «والتصرف وكأن لا شيء يحدث بينما يقاتل الناس من أجل حياتهم هناك».

لا بد من الاعتراف هنا، بنجاح الدبلوماسية والخطط والمؤامرات الإسرائيلية بتحقيق أهدافها باختراق الصف العربي، ولكن الأهم هو ضرورة الاعتراف ومواجهة تردي الحالة العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص.