حراك السويداء، وتململ الساحل، وتخييم الجوع .. من يلتقط الفرصة ؟؟!!

زهير سالم*

ونبدأ بتوجيه تحية الإكبار إلى حراك السويداء في الجنوب السوري..إلى أولئك الرجال الذين خرجوا ضد الظلم الاجتماعي الذي بات جاثوما حقيقيا يهدد كل السوريين.

في مأثورنا الإسلامي، وتنسب مرة لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وحينا للإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "عجبت لمن جاع ولم يشهر سيفه". ونحن الآن لا ندعو الناس لإشهار سيوفهم، بل إلى إعلان غضبهم ورفضهم وإلى مطالبتهم بحقوقهم، وأن يقولوا لظالمهم : آن أوان الرحيل

وإذا كانت المؤامرات وألوان المكر السيء، قد أحاطت بثورة الحرية والكرامة، فإن ثورة "الجياع" المنكوبين برزقهم وقوت عيالهم، لن تكون ،في سياق الثورات، أقل شرعية، وأهون أثرا..

إن الحراك اليومي العملي الذي نتابعه بشغف منذ أيام في مدينة السويداء .. الحراك المطالب برحيل المستبد الظالم العاجز عن تأمين قوت يوم الإنسان..

والأصوات المتململة نتابعها كل يوم من رجال ونساء من أبناء الساحل، من الفئة المحسوبة كرها على بشار الأسد، كل أولئك مع جملة من المتغيرات الجوهرية في المعطيات الوطنية؛ تقدم لقوى الثورة بكل تراتبيتها لحظة متغيرات جديدة مستحقةيمكن للعقلاء العاملين إعادة التقاطها، والتعامل الإيجابي معها، والبناء عليها.

 

لحظة جديدة يمكن أن نطلق عليها "إعادة توطين الثورة" بعد جهود أهل المكر التي عملت على تهجير الثوار، أو عزلهم كما هي الحال القائمة اليوم، والتي يحاول البعض بحسن نية أو غيرها يجعلنا نبني عليها ..!!

في هذه اللحظة يمكن أن نعود إلى المنطلقات الأولية، والمركزية معا:الثورة في كل سورية، والثورة لكل السوريين، والثورة التي لا سلاح لها غير الإرادة، والصبر، والانتشار، حتى لا نقع مرة أخرى تحت إرادة مانح أو ماتح.. ويلاه ماذا لقيت هذه الثورة من المانحين!!

إنها لحظة تاريخية مفصلية هامة في تاريخ الثورة، أن نستقبل نحن السوريين جميعا من أمرنا ما استدبرنا، وأن نعيد البناء على ما علمنا وتعلمنا..

أما وقد أمسى الجوع ضجيع كلالسوريين ،إلا من ظلم وطغى، كضجيع كل رجل وامرأة كل شيخ وطفل ..فقد آن الأوان ليعلم كل سوري أن الجوع لن يفارقه ما دام ظل الأسد على الناس ممدود. وبحسبة اقتصادية مستشرفة بسيطة، سيعلم كل سوري وسورية أن غده سيكون أسوأ من يومه، وأنه شهره الآتي سيكون أكثر قسوة من شهره الذي انصرم، ما دامت هذه العصابة مسيطرة على مقاليد الأمور، ومادام المحتلون السبعة والسبعون يستنزفون ما بقي في ضرع البقرة السورية التي أمست عجفاء، بعد أن كانت حلوبا ..

نعم لاشيء في ظل عصابة الأسد يبشر بخير، وهذا الروسي اليوم يستأجر مرتزقة من بيلاروسيا لإحكام قبضة أعياها انغلاقها...

ونداؤنا هذا لا يخص سوريا دون سوري، ولا يتوجه إلى أكثرية أو أقلية..هو دعوة للثورة من أجل الحق في لقمة من الخبز "الحافي" التي عزت وذل في سورية الإنسان!!

جميل وفأل حسن أن تنطلق هذه الثورة من جبل العرب، ثم تعرّج على مرابع صالح العلي وبدوي الجبل وعارف دليلة، وعبد العزيز الخير، جميل أن تشارك سلمية محمد الماغوط صاحب كاسك يا وطن في رفع نخب الكأس الوطني من جديد، جميل هذا وجميل أن نسمع صوت مشعل تمو يعلو في الشمال الشرقي من جديد، جميل أن يعود لغوطة دمشق بهجتها، ولحي الميدان الدمشقي وحدته مع حي باب توما، وأن حلب وحمص وحماة وأحرار الجزيرة السورية توحد صفوفها. ضد الظلم وضد الفقر وضد الجوع..

رنين الجرس الذي يصلنا من السويداء هذه الأيام ينعش قلوبنا بالأمل، ولا يكفي فقط أن نقول لأبطال السويداء القابضين على جمر المظاهرة، وجمر المظاهرة أشد وأبقى من جمر البارودة، أجدتم وأحسنتم. وياسويدا حنا معاك للموت ...

كلما قلت يقول أحسنت زدني .. وبأحسنت لايباع الدقيق.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية