مجزرة حي التضامن والقراءة الطائفية
نعم هي جريمة طائفية بكل الأبعاد والمعايير والاعتبارات والمقاييس. طائفية في دوافعها، طائفية في غرائزها، طائفية في أشخاص منفذيها، طائفية في المتسترين عليهم، طائفية في داعميهم، طائفية في المتحالفين معهم، وفوق كل ذلك هي طائفية في أشخاص ضحاياها. الشهداء المعذبين.
ورغم كل ذلك، ومع كل ذلك، ومع معرفتنا بكل ذلك يجب أن لا يكون رفضنا للجريمة من منطق طائفي، وأن لا تكون إدانتنا لها من مواقع طائفية ولا بلهجة طائفية، ولا أن نتحدث عنها بغرائز طائفية. بل يجب أن نحافظ حين نفعل كل ذلك على إنسانيتنا، وأن نتمسك ببشريتنا، وأن نتمسك دائما بأننا بشر مخلوقون في أحسن تقويم، ونرفض أن نتسفل إلى أسفل سافلين، مهما كان الدرك الذي هبط إليه هؤلاء الطائفيون المرتكبون للجريمتين الكبرى والصغرى بأبعادهما. وهل محرقة حي التضامن إلا أنموذج مصغر لمحرقة سورية الكبرى، هم طائفيون حقراء مهما تكن طائفتهم. تركيبة الشر في سورية الأسد كل واحد منهم طائفي حقير متسفل مهما تكن طائفته وانتماؤه ..
تتنزى قلوبنا ألما ونحن نتابع الفيديو الرهيب، أو ونحن نمتنع عن متابعة الفيديو الرهيب، الذي لا قبل للإنسانية السوية بمتابعته، والوقوف على هوله بكل ما فيه.
نستمطر اللعنة والخزي والعار على مرتكبي الجريمة والمتسترين عليهم وداعميهم والمتحالفين معهم، والراضين بما جرى ويجري، ثم نلجم الغريزة أن تتمادى..!!
صديق سأل : وماذا لو كان الضحايا مسيحيين؟؟؟؟ أما بالنسبة إلينا، فإنه لم يكن موقفنا من المحرقة الجريمة ليتغير ، حتى لو كان الضحايا علويين من القرداحة نفسها، إنكار واستنكار وبراءة واستمطار الخزي والعار على المنفذين، مهما يكن عرق الضحايا أو دينهم أو مذهبهم ..!!
أما بالنسبة لغيرنا فربما يظل السؤال مفتوحا، فاغرا فاه ينتظر الجواب، يبقى السؤال مشهرا في وجه كل أدعياء البشرية والإنسانية والمدنية وحقوق الإنسان؟؟
ماذا لو ؟؟
نعم الجريمة طائفية بشعة مقيتة، من طراز كل جرائم الإبادة التي شهدها العالم منذ النمرود ومنذ ذي نواس صاحب الأخدود مرورا بالهلكوست النازي ومجازر الهوتو ومحارق الصرب...
ومع يقيننا بكل هذا..
سنبقى مستمسكين بإنسانيتنا، بكرامتنا البشرية، باستعلائنا الحضاري بقول ربنا (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ)
وقوله تعالى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ)..
ستبقى الجريمة المحرقة المجزرة، وكلنا على يقين، أن حياتنا السياسية في ظل الجريمة الأسدية على مدى نصف قرن شهدت ما هو أكثر هولا ورعبا وتوحشا على النطاقين الفردي والجماعي، ستبقى المجزرة ومثيلاتها شاهدا على توحش من ارتكبها، ستبقى درسا ويجب أن تبقى عبرة، ويجب أن تستفاد منها الدروس والعبر، ويجب أن يكون شريط هذه المجزرة بكل هوله وبشاعته نقطة تحول في أداء المعارضة السورية، وفي بنية العقل الوطني، حين نفكر : إلى أين؟ ومن أين؟ وكيف؟
ويجب أن يكون شريط المجزرة وشخصيات مجرميها موضعا للدراسات الأكاديمية، في علم نفس الإجرام، والدراسات المخبرية حول الطفرات المتسفلة التي قد تطرأ على إنسانية الإنسان. حالات التوحش التي قد تنحط إليها بعض المخلوقات الحيوانية المتسفلة.
يجب أن يدرس شريط المجزرة لطلاب الصفوف المدرسية الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية كنقطة علام في تاريخ سورية الحديث، ليدرك طلاب كل المراحل حقيقة العنوان الأسدي لسورية التي عانت وما تزال تعاني من التواطؤ الدولي على شعبها المنكوب..
اعرف عدوك تعرف من أنت!!
يجب أن يوزع شريط المجزرة حول العالم على كل المؤيدين للأسد والداعمين له والداعين إلى التطبيع معه، ليعلموا أنهم على إنسانيتهم وبشريتهم يشهدون..
يجب أن ترسل نسخ من شريط المجزرة إلى كل الجماعات والقيادات التي تدعو إلى إعادة اللاجئ السوري، إلى الحظيرة الأسدية، بالضمانات التي خبرتم وسمعتم، إلى مثل حفل الشواء في حي التضامن سيرسلون!!
ونسخة أخيرة من شريط المجزرة إلى المتكتفين على كراسي الائتلاف والتفاوضة والدستورية معنونة بعنوان
" كلكم شركاء"
و أخطر شيء نفكر فيه يا عباد الله أن نكون مثل هذه الوحوش البشرية!! فاتقوا الله في أنفسكم في إنسانيتكم في إسلامكم وفي كرامتكم.
اللهم لا فاتنين ولا مفتونين..
اللهم ارحم شهداء سورية الأبرار على مدى قرن مضى يدفعون ضريبة حريتهم وكرامتهم وعيشهم الآدمي الرشيد..
رحم الله شهداء سورية الأحرار في ظلال ثورة العدل والحرية والكرامة الإنسانية..
الخزي والعار للقتلة المجرمين وداعميهم والمتواطئين معهم طبقا عن طبق..
وموعدنا غدا مع سورية للعدل والحرية والكرامة الإنسانية تحت ظلال قوله تعالى:
(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).