إلى جيل الثورة الجميل .. مفاتحة بالحق وللحق

زهير سالم*

أما أنتم أيها الأبطال الأمجاد فقد أديتم ما عليكم..

وأبدأ بكل الأطفال السوريين الذين تحملوا وما زالوا..ستكونون غدا جيل الرجال الرجال..

وبكل الأمهات والزوجات والصبايا العاملات المضحيات الصابرات المحتسبات..حيّ الله من أعطى عطاء أمومة بلا حساب..

وبكل جيل الثورة الجميل شبابا وشيبا، وأخص بالذكر من كل هؤلاء ذلك الفوج من الأبطال، الذين نسي توثيقنا القاصر أو المقصر، أن يحيط بأسمائهم، أو أن يستذكر قصص بطولاتهم، صبرا في مواجهة ظالم، أو جرأة وقوة في التصدي لصائل..

حي الله كل من نصر هذه الثورة بكلمة حق في موقف حق وبعد..

وحين نراجع ما مر بنا أيها الاخوة والأخوات جميعا، فإنما نفعل لننبه الذين لا يزالون يجلسون على صدر هذه الثورة، ويأخذون بخناقها أن كفى..

 

فرضتم انفسكم على الناس مثل بشار وزدتم..فكفى

وخلاف ما يقول لكم بعض الناس، إننا أوتينا من ضعف توكل على الله، أقول لكم - غير متأل على الله- بل أوتينا من سوء عقل، ومن ضعف إحكام، وقلة تدبير. والعرب تلفظ القلة وتريد نفي الجنس يعني، وانعدام تدبير، والتدبير: النظر في أعقاب الأمور ومآلاتها…

أيها الاخوة الأحباب..

يقولون لكم لم تحسنوا الاستغفار، ولم تحكموا التوكل، ولم تدعوا الله بقلب حاضر خاشع سليم!! وإن كان لهذا القلب من وجود أفي غير صدر الأم المكلوم ؟ والزوجة المضيعة؟ والبنت الفاقدة لا تدري ما تأتي وما تدع..!!

للتسويغ للظالمين منطق واحد، درج عليه بعض الناس.

وكل الذين يقولون لكم أوتينا من تشبيح فلان، ومن غلول فلان، ومن انخرام امر فلان، فهم على الطريقة نفسها يسلكون. يقول لنا الشبيح: كما تكونون يولى عليكم، ولو استحققنا أفضل من بشار لما ابتلانا الله به، ويختمون الصفحة، منطق هجين واحد، لا ينتمي إلى شريعة، ولا إلى عقل.

 وهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى فيهم (مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ) علمهم الله في أحد، ولكنه نصرهم في مواطن كثيرة، حتى في حنين يوم أعجبتهم كثرتهم.

هل تذكرون كيف انتصروا في حنين، انتصروا ببطولة القائد الأول وثباته وثلة قليلة من المؤمنين معه. لو كان لنا وبيننا أول يثبت وينادي في الساعة الصعبة:

انا النبي لا كذب

انا ابن عبد المطلب

أيها الاخوة الأحباب…

 وأزيد لأقول لكم، وإنما أوتيت هذه الثورة من قبل نفر لا خلاق لهم قفزوا ، كل من طريقه إلى كرسي قرارها، وهم لا يحسنون إدارة مفتاح في قفل، ولا يطيقون صبر ساعة على لأواء. هؤلاء هم الذين غامروا وقامروا واحتلبوا ضرع هذه الثورة أفانين..

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: يا أبا ذر إني أراك ضعيفا. يا أبا ذر نفس تحييها خير من إمارة لا تحصيها. يا أبا ذر إنها حسرة وندامة يوم القيامة إلا من أخذها بحقها.

هذا أبو ذر ويشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر..فهل كان في ضعفائهم مثل أبي ذر!!

أيها الأخوة الابطال أيتها الأخوات الصابرات على القرح ألوانا منذ نصف القرن..

ما أوتينا من قلة دين، ولا من ضعف يقين، ولا من سوء ظن بربنا؛ ونعلم انه معز دينه وناصر شعبنا بأمره، وإنما أوتينا من هذه الثلة من الناس، تولت الأمر ففرطت فيه وفي الثورة، وضيعته وضيعتها، وأدخلت الناس في متاهات، واتّبعت كل من نثر قبضة حب أمامها، من غير تفكر ولا تدبر - نظر في العواقب- ولا استشارة لأصحاب العقول، ولا الوقوف عند حدود ما شرع الله..

وها نحن جميعا نتجرع حصاد تلك الجنايات، كما يتجرع السوريون جميعا حصاد ما جنى عليهم حافظ وبشار…

أيها الجيل الثائر الجميل..

والثورة بهاء وجمال وقوة وفعل منظم، في قوة السيل الذي يعرف مجراه، وليست مثل جلمود صخر حطه السيل من عل، لا يدري أين يقع، ولا ماذا يحطم…!!

وقد آن الأوان أن ينبذ الثوار الحقيقيون إلى كل حملة ألوية الفوضى والفردية هؤلاء على سواء..

وأن يستعيدوا زمام ثورتهم، فإذا شبهت الثورة بالناقة، فلتكن مثل القصواء، وليست مثل التي تخبط خبط عشواء.!!

لن يجدي نفعا أن أقول أو أن تقول ثم يلتف كل واحد منا على نفسه، ونترك أمر هذه الثورة الرائدة الجميلة المأمولة المنظورة من قبل كل العرب والمسلمين، بأيدي المفرطين والمضيعين والمتهافتين على قصعة!!

وأستأذن شيخ من شيوخ العرب على الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، فمنعه، فألح عليه، فأذن له، فلما مثل بين يديه، قال له عبد الملك بَرِما: ماذا تريد؟؟

قال الشيخ الأعرابي: نريد عدلا…

نريد عدلا كلمة تختصر علينا كل المساقات.

نريد عدلا ، كلمة يملأ صداها آفاق السموات والأرض.

نريد عدلا.. (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) أرأينا كيف علم القرآن الكريم هذا الجيل من الناس؟؟

ويلتفت الأعرابي الى عبد الملك فيقول له نصيحة التاريخ: "يا أمير المؤمنين لا تغرنك سهولة المرتقى إذا كان المنحدر وعرا."

لا تغرنكم سهولة المرتقى إذا كان المنحدر وعرا.

أما وقد ارتقينا ايها الاخوة الأحباب الكرام، المرتقى بمنحدره الوعر ، فإن عقل بلوغ الأرب، وتحقيق الهدف، والوصول الى الغاية يجب ان يأخذ مداه…

أن يأخذ مداه…

الثورة ليست موسما للمثاففات، وللمناكفات، ولا للغرق في تعليم مفردات شعب الإيمان، ولا التنفير من مفردات شعب الكفران. واجب الوقت فيما نحن فيه أن نستثمر كل لحظة تجمعنا لنزيح عن صدر شعبنا ووطننا المنكر الأكبر، ثم إن لنا فيما نستقبل (سَبْحًا طَوِيلًا)

أختصرها لكم بكلمتين: سيكون الله معنا بقدر ما نكون مع أنفسنا. ونحن الذين أكرمنا ربنا أنه يرمي بأيدينا، وقد اشترط علينا ان ننصره حتى ينصرنا. ننصره بالحزم والعزم والثبات وحسن التدبير..

وقولوا للذين فرطوا وضيعوا وأضاعوا: يكفي كفى كفكفان..

وأعطيكم العنوان: كانت ثورة لتحرير الانسان فحولها الذين لا يعلمون على طبقاتهم إلى ثورة لتحرير الأرض.

وكان هذا الذي ترون، والذي تسمعون..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية