من قيصر إلى حفار القبور القائمة السوداء في نظام الأسد

رياض معسعس

آخر موقف غربي من النظام السوري جاء في بيان صادر عن الدول السبع ( كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والممثل السامي للاتحاد الأوروبي) بعد اختتام اجتماع لوزارء خارجيتها في اليابان، في 19نيسان/أبريل. حيث أكد وزراء خارجية الدول السبع “على أن المجتمع الدولي لا يمكنه النظر في مساعدة إعادة الإعمار في سوريا إلا بعد أن يكون هناك تقدم حقيقي ودائم نحو الحل السياسي، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 والتزامهم الشديد بمحاسبة كل المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وانتهاك القوانين الدولية”

وهذا الموقف مبني على قائمة سوداء طويلة من انتهاك القوانين الدولية، وارتكاب جرائم حرب، وضد الإنسانية ارتكبها النظام بحق الشعب السوري.

السجون السورية

في آخر عملية تخص الكشف عن الفظائع التي ارتكبها النظام عقد الكونغرس الأمريكي جلسة استماع للسوري “حفار القبور” الذي كان نظام الأسد يجبره على حفر القبور لآلاف القتلى تحت التعذيب في السجون السورية، وللذين تم إعدامهم ميدانيا.

وبعد سبع سنوات من معاينة هذه الفظائع، تمكن من الفرار من سوريا واللحاق بأسرته في أوروبا.

الموقع البريطاني “ميدل أيست أي” ذكر أنه خلال الجلسة التي انعقدت في 18 نيسان/أبريل، طالب “حفار القبور” الشاهد إدارة الرئيس بايدن بتشديد العقوبات على الأسد، كما طالب بالضغط على الدول العربية لوقف التطبيع مع النظام، وأنه يجب أن تكون هناك عقوبات على أولئك المطبعين، وتحدث عن عمليات وصول جثث الضحايا بالمئات ليتم دفنها فكل أسبوع وأحياناً مرتين في الأسبوع، تصل ثلاث شاحنات محملة بما يتراوح بين 300 و600 جثة لضحايا التعذيب والتجويع والإعدام الميداني، من المستشفيات العسكرية وفروع المخابرات في محيط دمشق. وأضاف: “استقبلنا مرتين في الأسبوع ثلاث إلى أربع شاحنات صغيرة عليها 30 إلى 40 جثة، لا تزال دافئة، لمدنيين تم إعدامهم في سجن صيدنايا، ودعا الشاهد الولايات المتحدة إلى التعهد بعدم إعادة العلاقات مع الأسد، وتعزيز نظام العقوبات القائم حالياً ضد نظام الأسد”.

 

عقوبات وزارة الخزانة

في أخر عقوبات على نظام الأسد وأفراد عائلته فرضت وزارة الخزانة الأمريكية وبريطانيا في 24 نيسان/ أبريل عقوبات على 6 أشخاص وشركتين في سوريا ولبنان لتورطهم في تجارة الكبتاغون.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية:”إن العقوبات تشمل منتجين ومصدرين للكبتاغون، وإن سوريا تقوم بدور كبير عالميا في تصدير مخدر الكبتاغون” وقد طالت العقوبات كلا من سامر كمال الأسد، ووسيم بديع الأسد، (أولاد عم بشار الأسد) ورجل الأعمال السوري خالد قدور، وعماد أبو زريق، وطالت العقوبات حسن محمد دقو المواطن السوري اللبناني، ونوح زعيتر.

وكانت الولايات المتحدة قد نفذت عقوبات ضد النظام السوري تحت اسم “عقوبات قانون قيصر” وهو الاسم المستعار لمصور عسكري منشق استطاع الهروب من سوريا في العام 2014 بعد أن سرب أكثر من 50 ألف صورة ل 11ألف معتقل قتلوا تحت التعذيب داخل سجون النظام، أو أعدموا ميدانيا.

هذه الصور تم نشر بعضها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتم إرسالها كاملة إلى المنظمات الحقوقية الدولية، وإلى الإدارة الأمريكية، وأظهرت وحشية النظام التي تخطت كل معايير الإنسانية.

وتم عرضها في متحف الهولوكوست في الولايات المتحدة الامريكية، كما صدر تقريران في العام 2014 عُرِف أحدهما بــ”تقرير المحتجزين السوريين لعام 2014″ وعُرف الآخر بـ” إذا تكلّم الموتى”والصادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” العالمية.

وفي 17 تموز/يوليو وقع الرئيس الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على قانون قيصر يفرض عقوبات على نظام الأسد صدر عن الكونغرس الأمريكي. ويجيز القانون استخدام “وسائل دبلوماسية واقتصادية” لإجبار حكومة الأسد “على وقف هجماتها الدموية التي تستهدف الشعب السوري ودعم حكومة انتقالية في سوريا تحترم سيادة القانون وحقوق الإنسان والتعايش السلمي مع جيرانها”. وينص “قانون قيصر” على عقوباتٍ اقتصاديةٍ وقانونيةٍ تنال 39 شخصية سورية مشاركة في الحكومة السورية، على رأسهم بشّار الأسد وزوجته أسماء الأسد.

كما ينال القانون بالعقوبات أي شخص غير سوري يتعاون مع نظام الأسد في مشروعاته الحربية أو السلمية، أو يقدم أي شكل من أشكال الدعم له.

محاكمات في ألمانيا

بدأت قصة المحاكمات في ألمانيا منتصف شهر شباط/فبراير من عام 2019، عندما تم اعتقال أنور رسلان الضابط السابق في جهاز المخابرات التابع لفرع الخطيب (251) ، الذي قضت محكمة كوبلنز بالحكم عليه بالسجن المؤبد لارتكابه جرائم ضد الإنسانية حيث يتهم بآلاف حالات التعذيب وارتكاب 58 جريمة قتل، وضابط الصف في مخابرات النظام إياد الغريب، بعد إدانته بالتورط في اعتقال 30 متظاهراً واقتيادهم إلى مركز اعتقال تعرضوا فيه للتعذيب الوحشي. والطبيب علاء موسى المتهم بتعذيب المعتقلين في المستشفيات العسكرية التابعة للنظام.

وفي بلجيكا، فقد بدأ مكتب التحقيق العام الاتحادي، منتصف آب/أغسطس 2021 التحقيق مع ما لا يقل عن عشرة لاجئين سوريين متهمين بارتكاب جرائم خلال عملهم لصالح النظام.

في فرنسا أمر قاضيا تحقيق في بدء أول محاكمة بحق ثلاثة مسؤولين كبار في النظام السوري، سيحاكمون غيابيا بتهمة قتل مواطنين سوريين فرنسيين اللذين اعتقلا في العام 2013 هما مازن دباغ ونجله باتريك.

وفي أمر توجيه الاتهام، طلب القاضيان في المحكمة القضائية في باريس بدء محاكمة بتهمة التواطؤ لارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجناية حرب في حق علي مملوك المدير السابق للمخابرات العامة، ورئيس مكتب الأمن القومي، واللواء جميل حسن رئيس إدارة المخابرات الجوية، واللواء عبد السلام محمود المكلف في التحقيق في إدارة المخابرات الجوية في سجن المزة العسكري، أمام محكمة الجنايات، وهناك مذكرات توقيف دولية بحقهم.

في العاصمة النمساوية فيينا يحاكم الجنرال السوري خالد الحلبي المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والذي شغل منصب رئيس مخابرات أمن الدولة في الرقة من 2009 إلى 2013، وهو متهم في هذا الإطار بالإشراف على أعمال تعذيب وجرائم أخرى بحق المدنيين.

في أوكرانيا فرضت الحكومة الأوكرانية عقوبات على نظام الأسد لمدة 50 عاماً وأيد مجلس الوزراء قرار تقديم مقترحات لمجلس الأمن القومي والدفاع بشأن تطبيق العقوبات على سوريا..

وتنص العقوبات على حظر عمليات الاستيراد والتصدير مع مواطني سوريا وشركاتهم، والاستثمار مع النظام السوري.

وكانت أوكرانيا قد أعلنت قطع علاقاتها مع نظام بشار الأسد على خلفية اعترافه باستقلال المنطقتين الأوكرانيتين في دونباسك، معتبرة أن ذلك يمثل “عملا غير ودي، وانتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة وللقواعد والمبادئ الأساسية للقانون الدولي”.

استخدام الأسلحة الكيميائية

يعتبر استخدام الأسلحة الكيميائية جريمة حرب، وقد قام النظام السوري باستخدامها منذ بدايات الثورة السورية عندما شعر أنه على وشك الانهيار، في صيف العام 2013 على الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق، حيث تم استخدام غاز السارين، واستمر النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية في أكثر من منطقة في سوريا، وعلى مدى سنوات رغم التهديدات الأمريكية بمعاقبة النظام.

وأكدت تقارير الأمم المتحدة، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مسؤولية نظام بشار الأسد باستخدام هذه الأسلحة، لعشرات المرات، في العديد من المدن والبلدات السورية ما أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص وخاصة الأطفال. وقد أبلغت الممثلة السامية لشؤون نزع الأسلحة الكيميائية إيزومي ناكاميتسو مجلس الأمن أن الإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية لا يطاق، ويمثل وصمة عار في ضمير المجتمع الدولي”.

وقد اعتقد السوريون أن كل هذه العقوبات، والإدانات لانتهاكات النظام المريعة للأعراف والقوانين الدولية، ستشكل مقدمة للتخلص من نظام دمر سوريا حجرا وبشرا، لكنه وصل إلى القناعة  [ أن كل ذلك دجلبعد أن أظهرت دول عربية عديدة رغبتها في إعادة تعويم النظام وكأن شيئا لم يكن، فمصالح الدول لا تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعوب ومعاناتها.