حول زيارة الرئيس الايراني "إبراهيم رئيسي" إلى سورية

زهير سالم*

بعد أن تأجلت ثلاث مرات، تمت أخيرا زيارة الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق.

سبب الزيارة، ورسالة الزيارة، والمعني بالزيارة، والطريقة المستفزة، التي نفذت بها الزيارة، حيث انفلت الزائر بلا خطام على الأرض السورية، كل ذلك لا يحتاج منا نحن السوريين إلى كثير من التعليق. وبكل بساطة كانت الزيارة ردا سريعا مباشرا على اللقاء العربي المحدود الذي انعقد في عمان، وكان فيه ما كان.

اللقاء - ورد الفعل الايراني - الأسدي، عليه يضع الأشقاء العرب، الذين رعوا المؤتمر، وشاركوا فيه، ويضعنا نحن جمهور الثورة السورية، أمام حقيقة أن المشهد السوري، أصبح أكثر تعقيدا من كرة تضربها بالحائط فترتد عليك..

شيء ما في لقاء عمان، أزعج الإيرانيين، وأقلقهم، فأرسلوا واردهم ليدلي بدلوه، ويعلن عن نفسه، ويؤكد وجوده، ولو من خلال عشرات المستقبلين، الذين حشروا وحشدوا وجمعوا واحتفت بهم المصادر الأسدية، التي حاولت توظيفهم، وكانت هي الأخرى متأرجحة بين رغبتين، رغبة في التعظيم، ورغبة في الاختصار والتحجيم.

لا شك أن الأشقاء العرب، جميعا لديهم من قراء السياسة ما يجعلهم أكثر إحاطة بمغزى الزيارة، ودلالتها ورسالتها وحقيقة ما سينبني عليها، وحقيقة موقف بشار الأسد منها..

وربما موقفنا نحن جمهور الثورة الحر الأبي، هو الذي بحاجة إلى مزيد ومزيد من المراجعة، لندرك بطريقة أفضل حقيقة ما يجري حولنا، ولنعيد تطلعاتنا الرغبوية إلى الإمكانات الواقعية التي غمستنا فيها ثلاثة عشر عاما من التراكمات..

 

أخطر شيء نفعله، أن نخطئ في قراءتنا لواقعنا، في تمييز العدو من الصديق.

ومن يغترب يحسب عدوا صديقه.

وبالمثل ان يحسب صديقا عدوه. نسبية العداوة والصداقة أمر يجب أن يقدر، وينضبط، ويخضع لمعايير أكثر دقة.

شخصيا أظل أنادي على أهلي السوريين: "احذروا البلف والكلام الشلف"

وليس كل من خالفك في تقدير موقف عدو، وليس من وافقك عند تقاطع طرق، صديق.

كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري في رسالة القضاء "الفهمَ .. الفهمَ فيما تلجلج عليك.." أي الزم الفهمَ الزم الفهمَ..

زيارة رئيسي السريعة بتوقيتها، وطريقتها، تضيف لنا ضوء جديدا لحقيقة ما جرى في عمان، ربما نحتاج إلى إعادة قراءته..

ما الذي يزعج ويخيف الإيرانيين، والأسديين منها!!

وفي الوقت نفسه نتساءل: أي مصلحة للأشقاء العرب أن يغيبوا جمهور الثورة السورية، عن قضيتهم المصيرية، ولماذا لا يتم إنارة المشهد وحشد الجهود وتوظيفها…؟؟

وعلى الرغم من كل ما قيل ويقال: أبقى واحدا من أهلي يسرني ما سرهم، ويريبني ما رابهم.. وأبقى مسرورا بكل حركة بيدق على الرقعة تغيظ إيران والإيرانيين...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية