تطورات المشهد السوري في ظلال الحرب الساخنة في فلسطين

زهير سالم*

لمن كان له قلب.......

لم يشأ بشار الأسد منذ اللحظات الأولى لانطلاق الحرب في جنوب فلسطين، أن يقاربها. لقد تلقى التحذيرات الكافية، من الطرف الصهيوني، لتجعله ينأى بنفسه، منذ البداية، عن محور المقاومة والممانعة الذي ينتمي إليه، بعصبوية حادة، حتى لا حظنا في الأيام الأخيرة أن حدة الهجمات التي ظلت مستمرة، على مطارات القطر قد هدأت نوعا ما.

وعلى الطرف الآخر للمشهد الوطني السوري، تابعنا انغماسا متفاوتا، من القوى السياسية والشعبية السورية في المشهد الفلسطيني. فريق كان يرى نفسه جزءَ من المعركة، فظل متماهيا معها، حتى أخمصيه، وفريق مع تماهيه بالمعركة أقلقه وأزعجه تعلق المحور الإيراني، حزب الله والحوثي بها، فاشتغل بالتنديد بهم، وإعلان البراءة منهم، وتكرار العتب وما هو أكثر من العتب، من كل الذين يتعاطون إيجابيا معهم.

وبينما الأبصار مشدودة مخطوفة للشاشات التي تعرض الأحداث الساخنة التي تجري هناك، كانت أحداث جسام تجري على الساحة الداخلية والإقليمية في سورية وما حولها..

وأبرز هذه الأحداث:                                 

أولا - تصاعد عمليات القصف والقتل والتهجير في إدلب وأريافها مع أرياف حلب. حتى أصبحت حدثا شبه يومي.

 

ثانيا- التصعيد متعدد الجبهات في مناطق شمال شرق، حيث عبر الجانب التركي أنه يرفض قيام دولة "ارهابستان" وهو رفض يصطدم بعدة إرادات في المنطقة..منها الأمريكي والروسي والإيراني.

ثالثا- خلال الأشهر الستة الماضيه ، انتقلت الوصاية على المعابر الشمالية رسميا إلى يد النظام، تم ذلك من خلال توزع أدوار مكشوف في مجلس الأمن.

رابعا- من المتغيرات الأبرز في المنطقة ما يتابعه الجميع من عمليات تفكيك للعديد من الفصائل الكبرى على خلفيات مختلفة..

خامسا- ومن هذه المتغيرات ما عبر عنه وزير الخارجية التركية من الرغبة في الوصول إلى نوع من المصالحة الوطنية بين النظام والمعارضة. ولم يلق هذا التصريح ما يستحق من الاهتمام من الطرف المعارض. كما أن النظام لم يتوقف عنده كثيرا.

سادسا- وعلى الرغم من مضي ما يقرب من عام على إعادة بشار الأسد إلى الجامعة العربية، و تمسك الموقف العربي بعنوان التطبيع، الذي أريد منه، تطمين الأسد إلى مستقبله ومكانته ودوره... مقابل أن يخفف قليلا من اعتماده على طهران، ومن سياسات الابتزاز والقرصنة، المتمثلة بالإصرار على الاتجار بالكبتاعون عبر الحدود السورية، إلا أن أي تغير إيجابي في اتجاه الرغبات العربية لم يحصل,

سابعا- ولعل التطور الأبرز الذي حصل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، هو التدخلات العسكرية الأردنية - برية وجوية- في مطاردة المهربين ورجال العصابات عبر الحدود الأردنية- السورية..

وفي ظل هذا الحجم من المتغيرات والتطورات، نلحظ عمليا غياب المواقف والمبادرات العملية لقوى المعارضة، بشقيها...

ولو رسمنا خطوطا بيانية معبرة للتطور العملي الذي حققه الفرقاء على الأرض ربما سنصل إلى نتائج لا تسرنا نحن السوريين..

وستجد أن الفريق الأقل استثمارا والأقل حظا في المعطى الزمني المتاح هو مشروع الثورة والمعارضة أولا، ثم حلفاؤه ثانيا...

وفي الوقت الذي يتمكن فيه بشار الأسد وداعموه من النيل من الشعب السوري قتلا وتدميرا يوميا، وتتمكن فيه بعض الأطراف من استهداف جنود أتراك والنيل منهم على الأرض، مما يقتضي انعقاد مجلس تركي أعلى، وفي الوقت الذي تصدر جهة ميثاق الهوية الوطنية للسوريين جميعا... يظل كثير من السوريين منشعلين بتبادل الأخبار، وفي أحسن الأحوال في إصدار البيانات...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية