افتتاحيات 06-08-2011
التوحيد الحقّ
د. أبو بكر الشامي
منذ أن تفتّحت عيوننا على الدنيا ونحن نسمع ونقرأ لبعض علماء الأمة وطلبة العلم فيها ، وخاصة في منطقة الخليج العربي ، عن أهمية التوحيد في حياة الأمة .
فهو روح الأمة ، وجوهر عقيدتها ، وسرّ وجودها ، وسبب بقائها ...إلخ
ومن أجل ذلك تألفت الكتب ، وألقيت المحاضرات ، وعُقدت المؤتمرات ، وافتتحت الفضائيات ، وصرفت آلاف بل ملايين الساعات ...
حتى أن بعض البلاد في الأمة صارت ترى لنفسها فضلاً ودالّة على بقية المناطق العربية والإسلامية بعقيدة التوحيد .
ويستطيع أي متابع للشأن الإسلامي أن يسجل عشرات ، بل مئات الأمثلة التي كان بعض العلماء وطلبة العلم في تلك المناطق ، يغمزون فيها ويلمزون أقرانهم من بلاد الشام ومصر والعراق وغيرها من بلاد العرب والإسلام ، بضعف عقيدة التوحيد لديهم ، وانتشار لوثات السياسة والتصوف وغيرها في مجتمعاتهم ..!!!
واليوم ، وأمتنا العربية تمر بأخطر مرحلة تحوّل في تاريخها بعد مرحلة الإسلام ، حيث تولد ولادة جديدة بعد ولادتها الأولى بالإسلام ، وتفجّر أعظم ثورة في تاريخها الحديث ، فتكسر قيود الذل والقهر والعبودية والدكتاتورية والتخلّف ، وتفتح آفاق العزّة والكرامة والحريّة والتقدّم ...
أرى أن من حق أي عربي ومسلم أن يسأل عن المعنى الحقيقي للتوحيد وأثره في حياة الأمة ، وتكوين أجيالها ، وترشيد مسارها ، وتفجير ثوراتها ، وقيادة نهضتها ، وصناعة صحوتها .!؟
فلقد ثبت بما لا يقبل الشك والجدل ، بأن التوحيد الحقيقي في حياة الأمة ليس مجرد ( كلمات ) تقال في اللسان أو( مظاهر ) في الجسم أو ( حركات ) في الأصابع أو حتى ( اعتقاد بارد ) لا تتبعه آثاره المترتبة عليه ...
فالشجاعة النادرة التي تمكّن بواسطتها شباب الشام أن يقولوا ( لا ) لأعتى نظام قمعي في العالم هي التوحيد بعينه ...!!!
والتضحية التي تدفع شباب بعمر الورود في الشام ليجودوا بأرواحهم الطاهرة فداء لله والدين ، ثم الوطن والعرض والعزّة والكرامة هي من أعظم مظاهر التوحيد ...
والوحدة الوطنية التي تدفع شباب درعا للمناداة بأعلى أصواتهم (يا دوما ويا بانياس ويا حمص ويا كل مدن سورية وبلداتها الحبيبة ... حنّا معاكٍم للموت )
فيرد عليهم أبناء تلك المدن والبلدات التحيّة بأحسن منها ... هي من أروع مظاهر التوحيد ...!!!
والتكافل الاجتماعي والتعاون بين أبناء المدن السورية المختلفة ، أو بين الأحياء المختلفة في المدينة الواحدة ، التي تدفع أبناء سورية الأحرار ليتقاسموا رغيف الخبز وشربة الماء وعلبة الحليب وقنينة الدواء فيما بينهم أثناء حصار النظام الأسدي الظالم لمدنهم وأحيائهم ، وقطع الإمدادات الغذائية والطبية عنها ، هي من أسمى مظاهر التوحيد ...
وحب الوطن توحيد ...
والثورة على الدكتاتوريّة ورفض الظلم والقهر توحيد ...
وطلب العزّة والكرامة والحريّة توحيد ...
والوحدة الوطنية توحيد ...
ورفض الطائفيّة والعرقيّة توحيد ...
ورفض الاستقواء بالخارج ، والاستعانة بالأعداء توحيد ...
والتظاهر في شهر الصيام وفي آب اللهاب ، تحت زخّ الرصاص الحيّ ، وتحت هدير المدافع والدبابات توحيد ...
والصلاة في المساجد والتظاهر منها توحيد ...
وصيام رمضان توحيد ، والتظاهر بعد صلاة التراويح وصلاة الفجر توحيد ...
وصلاة الجمعة توحيد ، والتظاهر بعدها توحيد ...
ورفع شعارات ( الله أكبر ) و ( الله معنا ) و ( وصمتكم يقتلنا يا أهل التوحيد )و( الموت ولا المذلّة ) و ( واحد واحد واحد ... الشعب السوري واحد ... وغيرها من الشعارات الجهادية والوطنية ) كل ذلك توحيد ...!!!
إن كل هذه المعاني التي ذكرناها ، وعشرات بل مئات المعاني الرائعة التي أفرزتها الثورات العربية المجيدة ، وأخص ثورة سورية الشام المباركة ، والتي ميّزت شعب سورية العظيم ، هي من أعظم أشكال ومظاهر التوحيد ...
وفي المقابل ، فما عرف التوحيد الحقيقي ولا ذاق طعمه ولا شمّ رائحته
من بات شبعان وأخوه المسلم السوري جائع وعطشان وعريان في مخيّمات اللجوء التركية وهو يعلم ...!!!
وما عرف التوحيد ولا ذاق طعمه ولا شمّ رائحته من رأى إخوانه من أبناء سورية الأحرار يُذبحون بالرصاص الحيّ ، وتُدكّ بيوتهم ومدنهم بالدبابات والمدفعية الثقيلة على أيدي النظام الأسديّ الكافر الفاجر ، وهم صيام ، فلم تهتزّ شعرة في شاربه لنصرتهم ...
وما عرف التوحيد ولا ذاق طعمه ولا شمّ رائحته من رأى أطفال درعىا وهم بعمر الورود ، يُعتقلون على أيدي رجال الأمن والشبيحة الأسدية الكافرة الفاجرة ، ويُعذّبون حدّ الموت ، وتُقلع أظافرهم ، وتُطفأ أعقاب السكائر في وجوههم ، وتُشوّه أجسادهم الغضّة الطاهرة البريئة ، فلم يحرّك ساكناً لنصرتهم ...!!!
وما عرف التوحيد ولا ذاق طعمه ولا شمّ رائحته ، من رأى علوج النظام الأسدي الكافر الفاجر ، يغتصبون حرائر الشام العفيفات الطاهرات ، فلم يهب لنجدتهنّ ...!!!
وما عرف التوحيد ولا ذاق طعمه ولا شمّ رائحته من رأى بأم عينيه عصابات القهر والإجرام ، وفرق الموت الأسدية ، وهي تعتقل أحرار سورية ، فتعصب أعينهم ، وتربط أيديهم وأرجلهم ، وتلقي بهم أرضاً ، ثم تركل رؤوسهم الطاهرة بأقدامهم ، وترقص على أجسادهم ، ثم لم يجيّش الجيوش ، ويجهّز الفيالق لإنقاذهم ...!!!
لا والله العظيم ، ليس بموّحد ، ولا يعرف التوحيد الحقّ ، من يأكل حدّ التخمة ، وينام قرير العين ، والنظام الأسدي القرمطي الرافضي يدك مدن سورية الحبيبة الواحدة تلو الأخرى ، ابتداءً من درعا الأبية ، مروراً بحمص ، واللاذقية وبانياس وجسر الشغور ومعرّة النعمان وجبل الزاوية ، وأخيراً وليس آخراً ، حماة الأبية ، ودير الزور الحرّة ، دون أن تتحرك فيه غيرة التوحيد ، وشهامة التوحيد ، وأخوّة التوحيد ، وفزعة التوحيد ...
قال تعالى في كتابه العظيم مخاطباً الأمة العربية والإسلامية من أهل التوحيد في مثل حال أهل الشام اليوم الذين يستنجدون بإخوانهم العرب والمسلمين ضد طاغية الشام الظالم الفاجر صباحاً ومساءً ، ومنذ ما يزيد على أربعة أشهر : (( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر)) الأنفال 72
وأهل الشام يستنصرون إخوانهم العرب والمسلمين الموحدين منذ خمسة أشهر ، ولعل جمعة ( صمتكم يقتلنا ) خير دليل على ذلك ، فأين أهل التوحيد من هذا النداء الإلهي الخالد ...!!!؟
وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم مخاطباً الموحّدين الحقيقيين :
((المسلم للمسلم كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً ))
وقال إمام الموحّدين مخاطباً أهل التوحيد : ( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يُسلمه ) أي لا يُسلمه لعصابات ماهر الأسد وشبّيحته الفاجرة لتذبحه ، وتقتلع حنجرته ، وتلقيه في نهر العاصي أو في براميل الزبالة .!!!
وقال أيضاً : (مثلُ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم ، كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) البخاري ومسلم
وقال : ( أيما أهل عرصة أمسوا أو قال ( أصبحوا ) وفيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمّة الله ورسوله ) وهل تريدون أن نقسم لكم بالله يا أهل التوحيد لتصدّقوا بأن أهل حماة ودير الزور ، وأحرار سورية الأبطال جياع وعطشى ، لأن عصابات ماهر الأسد وشبّيحته الكافرة الفاجرة تقطع عنهم الماء والكهرباء والهواتف ، وتمنع إدخال الطحين وحليب الأطفال والدواء إليهم منذ أكثر من ستة أيام ، مع بداية شهر الكرم والرحمة والغفران ، عقوبة لهم على مظاهراتهم نصف المليونية .!؟
وقال أيضاً : (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم ) . رواه ابن أبي شيبة والبزار والطبراني وحسنه الألباني ...
ولا أدري والله إن كنتم تعلمون يا أهل التوحيد بأن جاركم وأخاكم ، شعب سورية العظيم ، يُجوّع ، ويُذبّح ، ويُعتقل ، ويُشرّد ، وتُنتهك أعراضه ، وتُدكّ مدنه بالمدفعية والدبابات ، وتٌقصف مآذنه التي ترفع صوت الله أكبر ، وتُدنّس مساجده ، وتُمزّق مصاحفه ...!!!؟
رُبَّ وامعتصماه انطلقت ... ملء أفواه الصبايا اليتّم ...
لامست أسماعهم لكنّها ... لم تلامس نخوة المعتصم ...
بسم الله الرحمن الرحيم (( إنما يستجيب الذين يسمعون ، والموتى يبعثهم الله ، ثمّ إليه يُرجعون )) الأنعام.
العثور على وزير الدفاع السوري
مقتولاً في منزله
كشفت مصادر مطلعة أنه تم العثور على وزير الدفاع السوري اللواء علي حبيب الذي أقاله الرئيس بشار الأسد من منصبه، في وقت سابق الاثنين، مقتولاً في منزله، فيما تحدث التلفزيون السوري عن أن الوفاة طبيعية.
وقال التليفزيون السوري إن وزير الدفاع المقال مريض منذ بعض الوقت ووضعه الصحي تدهور مؤخرًا.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد أصدر يوم الاثنين مرسومًا بتعيين العماد أول داوود راجحة وزيرًا جديدًا للدفاع، بديلاً للعماد علي حبيب الذي كان وزيرا للدفاع منذ العام 2009.
انقسام داخل الطائفة العلوية:
وربط مراقبون مقتل وزير الدفاع السوري علي حبيب أو ما صوره النظام السوري على أنه "وفاة طبيعية" بتقارير ترددت مؤخرا حول وجود انقسام داخل بنية الطائفة العلوية الحاكمة. ويرون الأمر غير بعيد عن القنبلة التي فجرتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في مطلع أغسطس حول احتمال انقلاب العلويين على نظام الحكم ، خاصة وأن عائلة حبيب تعتبر أكبر من عائلة بشار الأسد داخل الطائفة العلوية.
وكانت الصحيفة قد كشفت في تقرير لها أن العلويين الذين يشكلون 12% فقط من تعداد سكان سوريا قد أيد معظمهم الأسد خوفا من أنه إذا أطيح به فإنهم سيُذبحون ولذا يجب على المعارضة أن تقنع العلويين بأنهم يمكن أن ينقلبوا بأمان على نظام الأسد.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الأمر ليس بعيد الاحتمال كما يعتقد كثير من المراقبين ، قائلة :"مع تزايد أعداد القتلى بعد أن قتلت قوات الأمن نحو 1500 مدني منذ مارس لم يكن زعماء العلويين غافلين عن التقويض السريع لسلطة الحكومة السورية وعجزها عن استعادة السيطرة".
وأضافت "إذا اطمأن قادة العلويين البارزين إلى سلامتهم فإنهم قد يشرعون في سحب تأييدهم من أسرة الأسد ويجربون حظهم مع -أو على الأقل يساعدون ضمنا- المعارضة وإشارة منهم يمكن أن تقنع قادة الجيش العلويين المتنفذين بالانشقاق وأخذ ضباط آخرين معهم".
وتابعت الصحيفة الأمريكية: "العلويون كما هو معلوم سيطروا على سوريا منذ تولي حافظ الأسد السلطة عام 1970 ، لكن بخلاف أبيه لم يتمكن بشار أبدا من جعل الجهاز الأمني تحت سيطرته الكاملة منذ توليه السلطة عام 2000 ، وبدلا من ذلك حاول توسيع قاعدة النظام بالتقرب إلى السنة الذين يشكلون أغلبية السكان وتزوج امرأة سنية أسرتها من حمص -معقل الثورة الحالية- وشجع على بناء مساجد سنية ومدارس قرآنية".
واستطردت: "رغم أن الأسد الابن لم يغير الهيمنة الكاملة لقوات الأمن السورية بواسطة عشيرته العلوية ، إلا أنه ترك لأخيه ماهر الأسد مسئولية تنظيم قطاع الأمن بمعاونة أبناء عمومته وأخواله الذين يسيطرون على الشرطة السرية المنتشرة في كل مكان".
وتابعت "منذ منتصف مارس وبعدما استفحل قمع المتظاهرين ، تخلص الجيش من بعض الضباط والجنود بمن في ذلك كثير من الجنود السنة لتقليل احتمال حدوث تمرد ولعبت الفرقة الرابعة السيئة السمعة بقيادة ماهر الأسد دورا هاما في حملة فرض النظام ويدعمها في ذلك جماعة منظمة من الشبيحة الذين يشكلون مليشيا موازية في ثياب مدنية".
وبناء على ما سبق ، أكدت الصحيفة الأمريكية أن العلويين إجمالا -وليس الجيش- هم الذين بيدهم مفتاح التغيير والإسراع بإسقاط نظام الأسد ، لكنهم يحتاجون إلى ضمانات من المعارضة قبل تخليهم عن الأسد.
وفجرت في هذا الصدد مفاجأة سارة مفادها أن بعض الزعماء الدينيين العلويين حاولوا في يوليو الماضي التقرب إلى شخصيات دينية سنية بما في ذلك قادة الإخوان المسلمين للحصول على ضمانات بحماية أمنهم في حقبة ما بعد الأسد .
وأضافت الصحيفة: "ينبغي على المعارضة أن تقدم مثل هذه الوعود التي ستشجع العلويين جميعا على الانضمام إلى الثورة ، المسئولية تقع على عاتق الأغلبية السنية في تطمين العلويين والأقليات الأخرى مثل المسيحيين والدروز والشيعة الذين يعتقدون أنهم يحتاجون إلى حماية النظام بأنهم لن يتعرضوا لعمليات انتقامية ، والزعماء الدينيون والسياسيون من السنة يستطيعون إنقاذ سوريا من شيطانها الطائفي ".
واختتمت الصحيفة قائلة :"إن السوريين من كل الأطياف بدأوا يفهمون أن الجميع ضحية هذا النظام وأن المؤامرة الحقيقية هي التي تحيكها أسرة الأسد ويجب على قادة السنة أن يعملوا الآن لمنع الثورة من الانحدار إلى حرب أهلية بتطمين الأقليات بأنهم لن يواجهوا أعمالا انتقامية في سوريا الجديدة وهذا يمكن أن يدمج العلويين في صفوف المعارضة ويؤذن بنهاية النظام".
ويواجه نظام الأسد انتفاضة شعبية غير مسبوقة منذ ما يقرب من الخمسة أشهر، لكن النظام لا يقر بحجم الاحتجاج وما زال يتهم "جماعات مسلحة" بزرع الفوضى لتبرير إرسال الجيش إلى مختلف المدن السورية لقمع التظاهرات.
وقد أدى استخدام القوة إلى سقوط أكثر من ألفي قتيل غالبيتهم من المدنيين منذ 15 مارس، بحسب منظمات حقوقية.
(المصدر: مفكرة الإسلام)
الثورة الحلبية تتوسع فأين الإعلام؟
م. عبد الله زيزان
منذ انطلاقة الثورة السورية في آذار الماضي وحتى قبيل انطلاقتها كانت حلب محط الأنظار ومعقد الآمال في إنجاح الثورة وإرباك النظام السوري وتشتيت جهوده... فهي المركز البشري الكبير، وانضمامها إلى الثورة نصر كبير لها...
لقد وعى النظام السوري مبكراً معنى انضمام حلب إلى الثورة، وقد زادت التحركات على الأرض وفي الفضاء الالكتروني قبيل الثورة من مخاوف النظام من أن تكون شرارة الثورة من هذه المدينة الكبيرة، فقد حدد الناشطون حينها ساحتين فقط في كل سورية للتظاهر، ساحة سعد الله الجابري في حلب وساحة الأمويين في دمشق، مما دفع النظام لوضع كل ثقله في هذه المدينة خشية أن تكون حلب مشعلة الثورة...
وللنظام السوري الحق في تخوفه من مدينة حلب فثقلها السكاني الكبير، و مكانتها الاقتصادية المميزة، وموقعها الجغرافي على حدود تركيا الدولة الإقليمية الكبيرة والمؤثرة في المنطقة كلها أسبابٌ تجعل من النظام يُخضع كل إمكاناته لكبت هذه المدينة، خصوصاً أن تاريخها الحديث كان حافلاً بمواجهة النظام في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، والحق أن خططه التي وضعها كانت ناجحة إلى حد ما في تأخير التحاق هذه المدينة بأخواتها في سورية...
فقد جنّد المتشردين في الشوارع قبيل الثورة، ونقلهم إلى دمشق وقام بإعادة تأهيلهم، ثم أنزلهم إلى شوارع حلب عند بدء الحراك الشعبي في عموم سورية... ثم زاد على ذلك بإخراج المجرمين من السجون وإعطائهم الرواتب من أجل قمع أي تحرك محتمل، ولم ينس بعض رجال العشائر المرتبطين كلياً بالنظام فنشاطاتهم غير الشرعية كتهريب المخدرات والسلاح لا تكون إلا بضوء حكومي أخضر... كل ما سبق إذا ما أضفنا إليه رجال الأمن والمخبرين فإننا نتحدث عن جيش كامل يتواجد في كل حي وفي كل شارع في مدينة حلب...
وهذا تماماً يفسر سبب سرعة التواجد الأمني عند أي تجمع يمكن له أن يشكل مظاهرة مؤثرة... فالأمر لا يحتاج إلى دقائق بعدد أصابع اليد الواحدة لتشاهد أرتال الأمن والشبيحة قد وفدوا إلى المظاهرة التي لم تجد النور بعد...
لكن ورغم كل المقدمة السابقة، فإن إصرار المخلصين من أهل حلب وعملهم المتواصل في مجال الثورة قد آتى أُكله... فنواة العمل الثوري في حلب قد تكونت منذ عدة أسابيع، وكرة الثلج الحلبية قد تشكلت وبدأت بالتوسع يوماً بعد الآخر، والنقاط الملتهبة في حلب قد زادت عن الأربعين نقطة في المدينة وحدها، وريف حلب قد انتفض بالكامل من خلال عشرين نقطة ملتهبة فيها، وبلغ عدد المظاهرات في حلب ما يزيد عن المئة والخمسين مظاهرة بمعدل مظاهرة يومياً منذ انطلاقة الثورة في الخامس عشر من آذار الماضي، وقد مرّ على المعتقلات السورية ما يقارب العشرة آلاف حلبي منذ انطلاقة الثورة... لكن الثغرة حالياً هي في الإعلام أولاً وفي الانطباع السلبي تجاه حلب عند جمهور عريض في سورية وخارجها ثانياً...
فحلب الآن تخرج يومياً في نقاط كثيرة متحدية الأمن والشبيحة، وأعدادهم تتزايد باستمرار، فلا يوجد يوم كسابقه، لكن رغم ذلك نجد أن الإعلام لم ينصف بعد هذه المدينة، فهو من الناحية الإعلامية الصرفة يفضل إبراز الفيديوهات التي يظهر فيها مئات الألوف على تلك التي يظهر فيها الآلاف في حلب، رغم أن هذه المئات الألوف لم تخرج هكذا بيوم وليلة، بل بدأت بمئات ثم آلاف تماماً كما هي في حلب الآن... وضعف التغطية الإعلامية لمدينة حلب تؤلم الناشطين الذين يشعرون أن جهودهم والمخاطر التي يتعرضون لها من أجل استنهاض الهمم في هذه المدينة تقابل بالإهمال وعدم الاكتراث... وما يزيد ألمهم موقف إخوانهم الناشطين الذين لم يقتنعوا بعد بتغيير انطباعهم عن هذه المدينة، بل إن البعض لا يتورع حتى اللحظة بكيل الأوصاف التي لا تليق على الأقل بهؤلاء الرجال الذين يدفعون أمنهم الشخصي ثمناً لنشاطهم...
باختصار شديد، المطلوب من كل الناشطين النظر بتفاؤل تجاه هذه المدينة، وإزالة الروح السلبية في تعاطيهم مع أخبارها... ودعمها إعلامياً بشتى الوسائل والطرق، واستخدام شبكة العلاقات المتوفرة لهم لخدمة الثوار فيها... فثورتهم تشتيت لجهود النظام في قمع المدن الجريحة من درعا وصولاً إلى دير الزور مروراً بحمص وحماة...
الثورة السورية: عِبَر وفِكَر (11)
صمتكم يقتلكم!
مجاهد مأمون ديرانية
أعترف ابتداءً بأنّي سرقت هذا العنوان، لست صاحبه ولا أنا مَن اخترعه، بل سمعته من أحد مصوّري مظاهرات جمعة "صمتكم يقتلنا"، ولا أدري أنَطق به سهواً أم قَصَدَ معناه، قد يكون هذا أو هذا، أما أنا فاستحسنته واستصوبته.
نعم، إنّ هذا لَحَقٌّ وإنه لَصدق؛ إنْ كنتم لنا بصمتكم قاتلين فإنكم لأنفسكم به أقتل، وإن كان لصمتكم ضحايا فإنكم أنتم أنفسكم على رأس ضحايا صمتكم.
هذا عالِمٌ ذائعُ الصيت يسحب من ورائه جمهوراً كوَّنَه في العدد الكبير من السنين، ظن أنه إنْ سكت فلم يمالئ الظالم -كما صنع غيره- فقد أبرأ ذمته. أما علم أن الصمت والجهر بالسوء في مثل هذا المقام أخوان شقيقان؟ أما علم أنه ليس ونحن -عامّةَ الناس- في حق الصمت سواء؟ نحن لم يؤخَذ علينا ما أُخذ عليه من ميثاق، فلو أنّا جنحنا إلى المسالمة واخترنا أهون الطريقين فلا مَلامة علينا، أما العالم فقد أخذ الله عليه الميثاق: أن يُبيّن الحق للناس، فإذا سكت عن البيان فقد خان الميثاق، وإذا صرّح بجزء من الحق وسكت عن بعض -رَغَباً أو رَهَباً- فقد خان الميثاق. إن الصمت في هذا المقام خيانة للنفس وخيانة للدين وخيانة للأمة.
يا أيها العلماء الذين صَمَتُّم في موقع يلزم فيه البيان: لقد قتلتم أنفسكم قبل أن تقتلونا، لا سامعَ لكم ولا تابعَ بعد اليوم.
وهذا من الذين يسمّون أنفسهم مثقفين. كان ينبغي عليه أن تدفعه ثقافته إلى الدفاع عن حقوق أمته، لكنه اكتفى بالصمت واعتصم به وظن أنه إن صمت فقد أنصف. أما علم أنه لا يصحّ منه الصمت ولا يُقبَل؟ أما علم أنه ليس ونحن -عامّةَ الناس- في حق الصمت سواء؟ نحن لم نمجّد القاتلَ في أي يوم ولا مجّدنا أباه المجرم من قبله، ولا دُرنا في فلك النظام دَوَران المغزل. أمَا وقد فعل هو ذلك ذاتَ يوم وكلَّ يوم فقد وجب أن يكشف عن الحقيقة التي يعرف، وأن يعلن تخلّيه عن الظالم ووقوفه مع المظلوم، هذا وحده هو الكفّارة عن نفاق السنين الماضيات وهو وحده الذي يوفي به المثقفون الدَّينَ لثقافتهم وأمتهم، أما الصمت فإنه خيانة للنفس وخيانة للثقافة وخيانة للأمة.
يا أيها المثقّفون الذين صَمَتُّم في موقع يلزم فيه البيان: لقد قتلتم أنفسكم قبل أن تقتلونا، لا قارئ لكم ولا مُتابعَ بعد اليوم.
وهذا من الذين يسميهم الناس فنانين، كان ينبغي عليه أن يدفعه فنُّه إلى حمل هَمّ أمته، لكنه آثر الصمت فلم يُسمَع له في هذه المعمعة صوت، وظن أنه أفلح. أما علم أنه لا يصح منه الصمت ولا يُقبل؟ أما علم أنه ليس ونحن -عامّةَ الناس- في حق الصمت سواء؟ نحن لم نسبّح بحمد الرئيس السفاح في يوم مضى ولا اشتغلنا مبيِّضين، نُصرّف طاقتَنا ونَصْرف وقتَنا في تبييض وجه النظام. أمَا وقد فعلتم أنتم ذلك فيما مضى فلا عذر لكم في السكوت اليوم، فاكسروا صمتكم وأسمعونا صوتكم وأعلنوا تخليكم عن المجرمين، اعترفوا أنكم غطيتم بطبقة من البياض الزائف وجهاً داكناً ممعناً في السواد. كفاكم صمتاً؛ إن الصمت خيانة للنفس وخيانة للفن وخيانة للأمة.
يا أيها الفنّانون الذين صَمَتُّم في موقع يلزم فيه البيان: لقد قتلتم أنفسكم قبل أن تقتلونا، لا جمهور لكم ولا محبين بعد اليوم.
أما أنتم يا عامّةَ الصامتين من راضين أو خائفين أو مستسلمين: إنكم ترتاحون اليوم بصمتكم وتختارون أدنى الطريقين إلى السلامة، لكنكم تخسرون الكثير. تخسرون الشرف، وتخسرون المروءة، وتخسرون الكرامة، وتخسرون احترامَكم لأنفسكم واحترام أولادكم لكم. إنكم تخسرون ما لا يعوَّض بالمال ولا حتى بالحياة.
يا أيها الصامتون: لقد قتلتم أنفسكم قبل أن تقتلونا؛ إنكم تقتلوننا اليوم بصمتكم، ولكنكم أصدرتم الحكم على أنفسكم بالموت كل يوم إلى آخر العمر، وكفى بهذه الخسارة عقاباً لكم على جريمة الصمت.
أما أنت يا أمين الجامعة العربية ويا أمين منظمة المؤتمر الإسلامي، ويا قادة الدول العربية والدول الإسلامية، فما أدري كيف يمكن لصمتكم أن يقتلكم، فإن الموتى لا يموتون!
رمضان الشهادة والكرامة والحرية
نوال السباعي
اللهم هذا رمضان قد حضر
لك الحمد أن بلغتنا رمضان هذا العام
رمضان استعادة الكرامة والحرية
رمضان معركة الأمة المستَعمَرة مع أذناب الاستعمار
إننا في معركة ..معركة مع الاتسعمار العالمي ، ولذلك فإن المعركة ضروس متوحشة
اللهم أعنا في رمضاننا هذا على القيام والصيام ومقارعة هؤلاء الأعداء الذين استلبوا حاضرنا وشوهوا تاريخنا ويريدون تدمير مستقبلنا
اللهم أعنا في رمضاننا هذا على الثبات في اليمن وتونس ومصر وليبيا وسورية
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم نسألك باسمك الاعظم
وبأنا نشهد أنك أنت الله لاإله إلا أنت
أن تعيننا أن ندور مع الحق أينما دار
وأن لاتجعلنا نقف مع الظلمة طرفة عين من ليل أو نهار
وأن ترينا الحق حقا وترزقنا اتباعه
وترينا الباطل باطلا وترزقنا اجتنابه
رمضانكم شهادة..وحرية..وكرامة