حوران، أسطورة الصمود

مجاهد مأمون ديرانية

رسائل الثورة السورية المباركة (28)

حماة: المعركة الفاصلة

مجاهد مأمون ديرانية

أخيراً نفد صبر النظام المجرم فاقتحم حماة. لا شك أنه كان راغباً في صنع ذلك منذ اليوم الأول الذي تحدّته فيه المدينةُ وخرجت عن طاعته، غيرَ أنه آثر إرجاء المواجهة المُكلفة إلى أجل، لعله يفرُغ من سائر المناطق المنتفضة ثم يتفرغ لحماة في معزل عن الضغط. لكن الذي حصل أنه عجز عن إخضاع عموم البلاد، لا بل إن الثورة تزداد تأجّجاً وعنفواناً يوماً بعد يوم، والأسوأ من ذلك -بالنسبة إليه- أن حماة تَمُدّ شعلةَ الثورة بالوقود بسبب انتفاضتها الإعصارية المدويّة.

ولعل النظام قاوم رغبته الشديدة في اقتحام حماة وتدميرها على رؤوس أهلها فقط خوفاً من القوى الدولية وخوفاً من العالم الخارجي، فإنه برهن لنا على الدوام أنه "أسد" علينا وعلى الأقوياء دجاجة! مهما يكن الأمر فقد كان راغباً في تأجيل المواجهة مع حماة وقاوم رغبته في الإسراع إلى تأديبها، لكنه وصل أخيراً إلى نقطة عجز فيها عن المقاومة، ربما بعد أن غدت حماة "مقاطعة ثورية مستقلة"، أو بعدما صارت الأغنية الحموية القاشوشية أهزوجةَ الثورة في كل مكان. لقد قطع المجرمون الحَنجرةَ الثائرة متأخرين، بعدما بثّت الأغنيةَ في الفضاء فعبرت حدود حماة إلى حمص واللاذقية ودرعا ودير الزور وانتشرت في كل ناحية في سوريا انتشار النار في القش اليابس، بل عبرت حدود سوريا إلى غيرها من أنحاء الدنيا، حتى لأظنها صارت الأغنيةَ الأشهر والأكثرَ ذيوعاً على ألسنة العرب في كل مكان.

إن اقتحام حماة خطوة متهورة جداً ومجازفة كبيرة للغاية بالنسبة للنظام، ولا بد أنه فكر كثيراً قبل القيام بها، ولا بد أنه ينتظر منها نتيجة حاسمة، بل حاسمة جداً لتتناسب مع حجم المجازفة.

إذا نظرنا إلى الأمور من حيث النسبة العددية فإن الحملة العسكرية على الرستن وتلبيسة كانت أشدّ وحشيةً وأكثرَ فتكاً وضحايا من الحملة على حماة، ويمكننا أن نقرر حكماً مشابهاً فيما يتعلق بالحملة الآثمة الظالمة على جبل الزاوية، لكنّ الضررَ الذي يُتوقَّع أن يصيب النظام من هجومه على حماة أكبرُ بكثير لاعتبارات تاريخية وسياسية ونفسية متشابكة على المستويين الداخلي والخارجي:

(1) فأما على المستوى الداخلي والمستوى الشعبي العربي والإسلامي فإن حماة بقيت جرحاً في ذاكرة الأمة منذ تدميرها الأول على يد المجرمَين الكبيرين، الأسد الأب والأسد العم. صحيحٌ أن أهل حماة عاشوا بعد ذلك بما بدا أنه حياة طبيعية في الظاهر، ولكنهم في الحقيقة لم يفعلوا قط. في السنوات الثلاثين الماضية عرفت كثيرين من أهل حماة، لم أعرف أحداً منهم نسي الجريمة أو تنازل عن حقه في الثأر. ليس الحموية فقط، بل كل سوري حر أبيّ صاحب نخوة وضمير اعتبر أن مأساة حماة هي مأساته الشخصية، وعاش مع هذا الشعور منذ ارتكاب الجريمة إلى اليوم وهو ينتظر يوم القصاص.

يخطئ من يظن أن مأساة حماة هي هَمٌّ حموي. لا يا سادة، بل هي همّ أهل سوريا الأحرار جميعاً، بل هي واحدة من القضايا التي أرّقت ضمائر الملايين من العرب والمسلمين الذين اعتبروا أنفسهم إخوة لضحايا حماة في الدم والدين. لقد عانى الملايين من الألم وهم يتذكرون مأساة حماة الأولى، ولن يقبلوا بأن تتكرر المأساة مرة ثانية وهم أحياء. هذا يفسر لماذا أجّج هجومُ النظام الغادر على حماة مشاعرَ الغضب في سوريا كلها ونشر فيها روح الثورة، وساعد الآلافَ من الناس على حسم موقفهم المتردد، فتخلَّوا عن السكوت وخرجوا إلى الشوارع. بل لقد رأينا نار الثورة تعبر الحدودَ فتتأجّج في قاهرة المعز وفي غيرها من عواصم الدنيا، غضباً لحماة وانتصاراً لها؛ الكل يهتفون: ليس اليوم كالأمس، احذر يا نظام الإجرام، لن تفعلها مرة ثانية.

باختصار وبجملة واحدة: الثورة كانت متفائلة برمضان وقد عقدت عليه الآمال العِراض في انتشار المظاهرات عبر سوريا وتزايد أعداد المتظاهرين، لكن الانفجار الذي نشاهده في كل أنحاء البلاد منذ لحظة اقتحام حماة يتجاوز أكثر الآمال طموحاً وجموحاً ويفوق كل التوقعات، والسبب هو عدوان النظام الغادر على حماة.

(2) على المستوى الخارجي صارت حماة مشكلة دولية. قبل شهر لم يسمع في أميركا باسم حماة إلا العدد الأقل من الناس، بل حتى سوريا كلها لم تكن مما يشغل اهتمام عامة الناس. إن الأميركيين أصحاب اهتمامات "داخلية" بصورة صارخة، وكل من يُمضي بينهم بعضَ الوقت يدرك مدى جهلهم وقلة اهتمامهم بقضايا العالم الخارجي مقابل اهتمامهم بقضايا الوطن الأميركي. هذا الواقع تغير فجأة بعد زيارة سفيرهم لحماة وما تلا الزيارةَ من اعتداء على سفارتهم في دمشق، فقد صارت المشكلة السورية فجأة مشكلة أميركية بطريقة ما وانشغلت بها وسائل الإعلام، ولم يعد ممكناً أن يستمر الرئيس والحكومة في تجاهلها كما كانوا من قبل، وصارت حماة عنواناً رئيسياً في تلك المشكلة؛ لذلك أتوقع أن تحرّك حماة السطحَ الراكد فتصنع في أيام قليلة أثراً يقارب ما صنعته الثورة كلها في عشرين أسبوعاً من قبل.

العالم كله سيواجه اختباراً للنزاهة، بدءاً بأردوغان في تركيا وانتهاء بالروس والصينيين. ليس النزاهة المطلقة التي هي أم الفضائل، فالسياسة لا فضائلَ مطلَقةً فيها ولا خلاقَ لها، بل القَدْر منها الذي يحفظ للسّاسة ماءَ وجوههم. لقد وضع النظامُ السوري -باقتحام حماة- النظامَ العالمي كله على المحك، ووضع حلفاءه خاصّةً في موقف صعب لا أعلم كيف سيخرجون منه، لكنهم سيضطرون على الأغلب إلى تقديم بعض التنازلات، من قبيل الضغط الشكلي على النظام، أو التغاضي عن قرارات دولية ضد القمع الحكومي السوري، ربما وصولاً إلى إدانة في مجلس الأمن وتحويل ملف انتهاكات النظام لحقوق الإنسان إلى المحكمة الدولية.

*   *   *

كما قلت في بداية المقالة: إن اقتحام حماة خطوة متهورة جداً ومجازفة كبيرة للغاية، والنظام لم يُقْدم على هذه المجازفة إلا لأن النتيجة التي يأمل بتحقيقها كبيرة جداً. إنها -باختصار- القضاء على الثورة ودفنها إلى الأبد، أو على الأقل لثلاثين سنة أخرى. هل هذا ممكن؟ نعم ولا. الجواب سيقدمه أهل حماة خلال الأيام القادمة.

الجيش لن يستطيع البقاء في حماة طويلاً، ربما يبقى أسبوعاً أو عدة أسابيع على أبعد تقدير. بناء على التحليل السابق أتوقع أن يتلقى النظام ضغطاً من كل الأطراف، بما فيها الأصدقاء التقليديون كروسيا والهند والصين الذين أحرجهم باقتحام المدينة، ناهيك عن تركيا والاتحاد الأوربي وبقية القوى العالمية. باختصار: باستثناء إيران وحزب الله وحكومة المالكي العراقية أتوقع أن يكون الضغط على النظام محل إجماع عالمي، بتفاوت في حجم الضغط ودرجته بالطبع، وبالنهاية لا بد من بعض الاستجابة، ولو شكلياً بخروج الجيش من المدينة وعودته إلى خطوط التاسع والعشرين من تموز.

ما ستصنعه حماة بعد ذلك هو الذي سيقرر مصير الثورة. لو توقفت حماة عن ثورتها فثورة سوريا كلها في خطر، لو تراجعت حدّة الثورة الحموية فالثورة السورية كلها في خطر، لو خاف الحموية من النظام ومنحوه هدنة (هو بأمسّ الحاجة إليها) فسوف يأكل الثورةَ في سائر مناطق سوريا.

لكن الحموية لن يفعلوها؛ أهل حماة اليوم هم أهل حماة الأمس وقبل الأمس، ما عرفناهم قط إلا شوكة قاسية في حلوق الطغاة. لقد عوّدتنا حماة عادة ولن تغيّر حماةُ اليومَ عادتَها، فإنها كانت دائماً هي مخزن الثورة وكانت هي مصنع الرجال، مَن عرفها منكم كذلك بالأمس -قبل انفجار ثورة الحرية في سوريا- معرفةَ الخبر فلا شك أنه عرفها بعد انفجارها معرفة اليقين.

أنا أراهن بواحد لمئة ألف أن أهل حماة سيعيدون اختراع الثورة بعد خروج الجيش الوشيك من مدينتهم بإذن الله. أتوقع أن تُنسينا الثورة الحموية القادمة ما كان قبلها، وأن تدفع النظام إلى الندم لأنه فكر بغزوها واجتياحها. هذا ما أراه من وراء حجاب الغيب بعين الثقة بالله واليقين بنصره القريب، وبعين الثقة بأهل حماة الأبطال الذين لم أعلم أنهم خذلوا سوريا يوماً، ولا أذكر -فيما أذكره من ذكريات حياتي- أنهم وهنوا يوماً أو سكتوا عن ضَيم، إلاّ سكوتَ النار المتّقدة تحت الرماد، ما تزال تتّقد بطيئة حتى تكون منها النار العظيمة، كما قال الشاعر الأول:

أرى خَلَل الرّماد وميضَ جمر      فيوشك أن يكون له ضِرامُ

لقد قيل في وقت ما إن الثورة ستحسمها دمشق أو تحسمها حلب، وأنا أقول لكم اليوم: إن مصير الثورة صار في يد حماة، وإن مستقبل الثورة سيصنعه أهل حماة.

*   *   *

على إثر اقتحام حمص ودرعا كتبت مقالة عنوانها: "لا تخافوا ولا تحزنوا، حملة النظام خاسرة والثورة منصورة بإذن الله"، قلت في أولها: الحملة الشرسة الأخيرة التي يشنّها النظام القمعي على شعبنا المصابر منذ أسبوعين هزت ثقة البعض بقوة الثورة وقدرتها على الاستمرار، فكأني بدأت أحس قلقاً خفياً في العيون أو وجلاً في القلوب. ولهؤلاء أقول: لا تخافوا ولا تحزنوا، فوالله ما مَرَّ علينا يومٌ خسرنا فيه منذ بدأت انتفاضة سوريا المباركة، وإن هذه الثورة إلى نصر والنظام إلى هزيمة بإذن الله، هزيمة نكراء سيذكرها التاريخ ويروي قصّتَها الآباءُ للأبناء.

كتبت المقالة منذ ثمانين يوماً، وما زلت أكرر اليوم ما قلته فيها بلا تبديل ولا تعديل. لن أعيدها هنا بالتأكيد (من شاء فليقرأها كاملة في موضعها:

http://shamquake.wordpress.com/2011/05/11/لا-تخافوا-ولا-تحزنوا/

لكني لا أستطيع أن أقاوم إعادة نشر آخر فقرة فيها، فإني لو أردت الكتابة اليوم تعقيباً على اقتحام حماة فلن أكتب غير ما كتبته فيها. قلت:

لا تظنوا أن حملة حصار المدن واجتياحها هزيمة لهذا الشعب المرابط الصابر على الحق، فإن من أبرك بركات الانتفاضة السورية أن الشعب لم يخسر فيها قط، وأن النظام خاسر أبداً. نحن نكسب مع شهادة كل شهيد ومع أسْر كل أسير ومع اجتياح كل مدينة، وهم يخسرون ويخسرون، وينقص عمرهم يوماً مع طلوع كل صباح جديد. لا، ما هذا إنشاء حماسة ومقال أحلام، بل هو الواقع الذي نشهده شهادة العيان. حاولوا أن تنظروا إلى المسألة كما أنظر وأرجو أن نتفق على ما أقول:

... وأما المدن التي حوصرت واستُبيحت فقد كانت فيها شتلات ثورة وشُجَيرات، فلن يخرج المحتلّون منها إلا وقد استحالت الشتلاتُ الصغيرات والشُّجَيرات شجراتٍ باسقات، فإن العدوان يزيد التِّرات ويؤجج نيران الغضب، ومن خرج من قبلُ حماسةً فسوف يخرج في الغد غضباً وحماسة، ومن طلب من قبلُ الحريةَ فسوف يطلب في الغد الثأر والحرية، ومن كان يرضى بإصلاح النظام فلن يرضى منذ اليوم إلا بسقوط النظام وبمحاكمة النظام وبالقصاص من النظام.

الواقع المشاهَد أن كل مدينة تعرضت للضغط في الماضي عادت أشدَّ ثورة مما كانت حالما ارتفع عنها الضغط، فكأن القمع والحصار الذي يمارسه النظام بالجيش وبأجهزته الأمنية ليس أكثر مما يصنعه الواحد منا إذا ضغط بإصبعه زنبركاً فمنعه من التمدد، ولكنه ينطّ عالياً في الهواء في اللحظة التي يُرفَع فيها عنه الضغط، فهل يسمَّى هذا انتصاراً للنظام؟

انتظروا قليلاً وسترون. هل ستبقى القوات الأمنية في المدن أبد الدهر؟ فلتبق الأسبوع أو الأسبوعين أو الشهر والشهرين، وماذا بعد؟ إنهم لا بد مُنْفَضّون، ولسوف ترون من هذه المدن بعد ذلك الأعاجيب.

*   *   *

هذا ما قلته منذ ثمانين يوماً، واليوم أعيده بحرفه، إلا أني أضع اسم حماة في صدر جملة الختام وفي آخرها فأقول: انتظروا قليلاً وسترون. هل ستبقى القوات الأمنية في حماة أبد الدهر؟ فلتبق الأسبوع أو الأسبوعين أو الشهر والشهرين، وماذا بعد؟ إنهم لا بد مُنْفَضّون، ولسوف ترون من حماة بعد ذلك -بإذن الله- الأعاجيب.

               

الثورة السورية: حديث من القلب (11)

يا حماةُ أبشري

مجاهد مأمون ديرانية

لقد كانت حماة -مذ كانت- الجبلَ الذي تتحطم على سفوحه حملاتُ البغي وتعجز عن بلوغ ذُراه كتائبُ العدوان، وما تزال حماة هي حماة، لا تُقيل ولا تَستقيل.

لقد علم المجرم ابن المجرم أن سوريا لن تنكسر وفيها حماة فآلى على نفسه أن يكسر حماة، ولكن حماة أكبر منه؛ معها الله العظيم ذو الجلال والإكرام، وفيها عمالقة الثورة وأبطالها العِظام، وسوف تبقى حِصنَ الثورة وحِضنَ الأمة على الدوام، ولسوف تفنى على أسوارها -بإذن الله- جحافلُ الغيّ والبغي والإجرام.

أتظن يا بشار، يا سليل المجرمين، أنك ستنجح اليوم فيما فشل فيه عمك وأبوك بالأمس ومجرمو البعث السابقون أولَ أمس؟ ما أبعدَ أملَك وما أشدَّ غرورَك! أما جرّب أبوك المجرم الكبير من قبل؟ أما حوّل الحياةَ في حماةَ والجمادَ إلى رماد؟ وها قد رأينا الثورة الحموية الكبرى كيف انتفضت وتفجرت من تحت الرماد.

لقد علمتُ أن النظام ما يزال يعقد الأمل على هزيمة الثورة، خيّب الله أمله ونقض مسعاه، وقدّرتُ أنه سيؤخر حماة إلى الأجل الأبعد فينتقم منها إذا فرغ من غيرها، فإنه لا قِبَل له بفتح فم البركان قبل أن يفرغ من سائر مناطق البلاد. أمَا وقد وصلت الحملةُ إلى حماة فإني بِتُّ على يقين أن هذا النظام المتهالك يحصي آخر أنفاسه في الحياة بإذن الله.

ما أكثر ما ارتكب النظام من أخطاء وخطيئات فأعاننا بفساد رأيه على نفسه، ولكن اقتحام حماة هو خطيئة الخطيئات، ولو أنه أحسن التفكير وأحكم التدبير لما دخل هذا المدخل... إن كنت أحسنتَ المدخل فأحسن المخرج يا أيها النظام، وأنّى لك أن تفعل؟ لن تفعل، فإن أجلك قد حان وإن قبرك في هذه الأرض في هذه الساعة يُحفَر، آنَ لسقوط عرشك الأوان.

ما رأيت عدواً لنفسه مثلك اليوم يا بشار، يا سليل المجرمين؛ لقد أوردت نظامَك المتهالكَ مسالِكَ المهالك، لقد مشيت برجلك إلى حتفك، اليوم يُكتَب الفصل الأخير من قصتك يا أيها البائس اليائس، اليوم تَنزع حماةُ الورقةَ الأخيرة من تقويم عمرك، لم يبق في تقويم عمرك ورقٌ بعد اليوم.

قد يسقط في حماة اليوم مئة شهيد أو ألف شهيد، رحم الله كل شهيد، ولكن حماة لن تركع للعدو الأثيم اللئيم. لم تنكسر حماةُ من قبلُ ولن تنكسر حماةُ اليومَ بإذن الله، وأبشروا يا ثوار سوريا: إنها خطيئة النظام القاصمة وإنها معركة الثورة الحاسمة؛ إني أرى على أرض حماة -بأمر الله- مصارعَ النظام ومجرمي النظام.

               

باريس : 31-07-2011

بيان الائتلاف الوطني لدعم الثورة السورية

بخصوص مجازر النظام

في حماة ودير الزور ودرعا والمعضمية

وغيرها من المدن والبلدات السورية

إلى كل الصامتين في وطننا الغالي .. إن صمتكم وصمة عار في جباهكم و القتل أمام أعينكم

إلى كل منتفع و قامع و شبيح يعمل لخدمة النظام القمعي الدموي ضد الشعب المطالب بالحرية و الكرامة

إلى كل حكومات الدول العربية و الإسلامية و العالمية التي طالبتنا بإعطاء الفرص للنظام ليحقق الإصلاح فأصلح نظامه القمعي ليصبح نظاما دمويا فرض سيادته على البلاد و العباد بقوة السلاح

إن الائتلاف الوطني لدعم الثورة السورية إذ راعه أن يرى تحول النظام القمعي إلى نظام دمويليعلن وبقوة عن إدانته الشديدة للمجازر المروعة التي يقوم بها النظام المتغطرس في العديد من المدن السورية الباسلة مثل حماة ودير الزور و الحراك و درعا والمعضمية والبوكمال واللاذقية وحمص وغيرها من المدن والبلدات السورية.

إن النظام الإجرامي يظهر وبشكل لا مجال للشك فيه أنه اختار الحل الأمني والحسم العسكري واستخدم كل القوة المتاحة له لإخماد الثورة وسحق المتظاهرين السلميين واستغل الوقت الذي أتيح له من قبل المجتمع الدولي ليقوم بالإصلاح والتغيير فلم يقم بغير القتل والاعتقال والتدميروبذلك تسقط كل الذرائع التي تتعلل بها دول إقليمية وغربية تهدف لإعطاء المزيد من الوقت للنظام الدموي ليمارس جرائمه ضد الشعب السوري تحت اسم الإصلاح و التغيير والحوار المصطنع الكاذب .

إننا نطالب العالم كله للتدخل بقوة لصالح الشعب السوري لرفع غطاء الشرعية عن النظام وعزله وإضعافه والعمل بكل الوسائل الدبلوماسية وممارسة كل أنواع الضغط السياسي والإعلامي والمعنوي عليه وإيقاف كل أنواع التعاملات المادية والتجارية والدبلوماسية مع النظام وحمله على وقف مجازره واجتياحه للمدن والبلدات السورية.

إننا نطالب المجتمع الدولي عموما و دول الجوار خصوصاوفي مقدمتهم تركيا للقيام بدورهم المطلوب والإعلان عن الموقف الذي ينتظره الشعب السوري منهم فالصمت والضغط الدبلوماسي الممارس لصالح النظام السوري يجب أن يتوقف فوراً وعلى الدول العربية ودول الجوار أن تمارس دورها المنتظر في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب السوريلإبادة جماعية على مرأى و مسمع من العالم أجمع في طول البلاد وعرضها.

إننا نحمل المجتمع الدولي حكومات و مؤسسات وفي مقدمتهم مجلس الأمن والأمم المتحدة و جامعة الدول العربية و مجلس التعاون الخليجي و منظمة التعاون الإسلامي المسؤولية في تأخرهم عن دعم مطالب الشعب السوري الثائر ونطالبهم بمساندة المعارضة السورية للخلاص من نظام القمع والاستبداد.

إن الائتلاف الوطني لدعم الثورة السورية إذ يعلن عن دعمه الكامل للثوار ولمطالب الجماهير ليقف في خندق واحد مع الشعب السوري البطل مقدماً الغالي والنفيس نصرة للثورة وعملاً على إسقاط النظام وإننا نعلن عن مساندتنا الكاملة للمنشقين عن النظام وجيشه وندعو لمزيد من الانشقاقات مع البقاء في البلاد لدعم الثورة حتى النصر.

إن الائتلاف الوطني لدعم الثورة السورية يقول للنظام الفاشي عليك أن ترحل فوراً و قد فقدت شرعيتك في البقاء و أعلنت أن شرعيتك مصدرها قتل المتظاهرين الشرفاء السلميين الذين تسلحوابالهتاف السلمي لسورية واحدة للجميع و شعارهم الحرية و الديمقراطية والوحدة الوطنية.

تحية لشهدائنا الأبرار والشفاء لجرحانا الأخيار والحرية لمعتقلينا الأحراروالنصر لشعبنا السوري الأبي.

الائتلاف الوطني لدعم الثورة السورية

د.هيثم رحمة

المنسق العام للإئتلاف الوطني لدعم الثورة السورية

               

الثورة السورية: خواطر ومشاعر (20)

مجاهد مأمون ديرانية

ما أنصفناكم يا أهل حوران؛ لقد حمل أهلُ سوريا شطرَ الثورة وحملتم وحدَكم الشطرَ الآخر. لقد ثار أهل الشام جميعاً في وجه عصابة الشر والإجرام، لكن ثورة سوريا كلها في كفة من الميزان وفي الكفة الأخرى ثورة حوران، ولئن خرىكانت مناطق سوريا الثائرة درراً في تاج الثورة فإن حوران هي جوهرة التاج بلا منازع.

لقد سطّر الثائرون في سوريا ملحمة من كبريات ملاحم التاريخ، كل صحيفة من صحائفها تنافس الأخرى في أخبار المجد والفخار، وأنتم -يا أهل حوران- تصدّرتم هذه الصحائفَ بتضحيات الأبطال وكرائم الأفعال. هيهات أن يُمحى اسم حوران بعد اليوم من صحائف الأمجاد، هيهات أن تُنسى حوران منذ اليوم، سوف يروي أساطيرَ بطولاتها الأولادُ للأحفاد.

لقد صرتم -يا أبطال حوران- كابوسَ النظام، فلم يجد بداً من ضرب حوران وتبديد الكابوس... ولكنْ هيهات! ها قد فعل المجرمون غاية ما يستطيعون أن يفعلوا، فجيّشوا على حوران الجيوش وقادوا عليها الحملة بعد الحملة، وحوران هي حوران، لا تنكسر لها إرادة ولا تَهِن فيها عزائم الأبطال. أرهَبوا وأرعبوا، قَتّلوا ما شاء لهم إجرامهم وغيُّهم وبغيهم أن يُقتّلوا، أطلقوا عليها كل مجرم من الخَلْق وكل وضيع، وحوران لم تَهِنْ ولم تَلِنْ، لا يهون الشرف الرفيع ولا يضيع.

الثورة ستبقى متّقدةً نارُها -بإذن الله- ما بقيت في حوران شعلةٌ منها، وإن شعلة الثورة في حوران لن تنطفئ بعون الله. إني لا أزال أرقب مدن حوران في كل جمعة، فإذا رأيت أن الناس خرجوا فيها بالمظاهرات اطمأننت وبرد قلبي، فإني أعلم عندئذ أن الثورة ما تزال بخير.

لقد خدع حزبُ البعث أهلَ حوران الأخيار عن أنفسهم فاكتسح أرضهم قبل نصف قرن؛ لم يكن أحرار حوران قد عرفوا حقيقة البعث يومئذ، ففتحوا له أبوابها فصال فيها وجال وأنبت وأزهر. لكنّ قَدَر الله ماضٍ إلى غايته قد ظهرت بوادِرُه: من هذه الأرض انبعث البعث، وفي هذه الأرض سيُقبر البعث؛ أهل حوران قالوا كلمتهم ولا يرجع عن الكلمة الرجال: يا أيها النظام، نموت أو تموت، لا أبقانا الله إن أبقيناك!

يا أهلنا في حوران: لقد رفعتم بصمودكم رأس كل سوري وأثلجتم ببطولاتكم صدر كل عربيّ حر أبيّ. يا أهلي الأحبة: وددت لو أني وُلدت على أرضكم لأهتف في الناس وأقول: انظروا يا أيها الناس، أنا حوراني ابن حوراني، أنا نبتة من أرض حوران.

يا أيها العالَم: قف إجلالاً للأرض التي لم تكسرها حملات هولاكو العصر، قف إجلالاً لدرعا ولكل مدينة وقرية وناحية على أرض حوران.