عروس الثورات

د. أبو بكر الشامي

الشعب يقبل التحدّي

د. أبو بكر الشامي

بوجه كالح ، وابتسامة صفراء ، وكلمات ممجوجة ، ووعود مكرورة ، طلع علينا رئيس النظام السوري ، ليعيد على مسامعنا مجموعة من الأكاذيب الرخيصة ، التي طالما سمعناها على مدار نصف قرن مضى : مثل : ( التآمر ) و( العمالة ) و ( الارتباط بالأجنبي ) ( والاستقواء بالخارج ) ... !!!

ولقد ردّت جماهيرنا الثائرة على هذا الخطاب الفضيحة بما يلي  :

أولاً : لقد قبلنا التحدّي :

ففي الوقت الذي أعلن فيه رأس النظام بعبارة صريحة واضحة ، فتح معركة سافرة ظالمة على شعبه المسالم  ، الذي خرج بصدور عارية إلا من إيمانه بحقوقه وحريّته ، في تظاهرات سلمية حضارية ، كفلتها له كل القوانين والدساتير في العالم ، بما فيها قانون النظام المعطّل منذ خمسين عاماً  ، فلا يسع شعبنا العظيم إلا قبول التحدّي ، وستشهد بإذن الله ساحات سورية من شمالها إلى جنوبها ، ومن شرقها إلى غربها ، زحفاً جماهيرياً مليونياً بعد صلاة الجمعة القادمة ، في الأول من نيسان ، ولن تعود هذه الجماهير إلى بيوتها قبل تحقيق أهدافها المقدّسة في الحريّة والكرامة والرفاهية ، وإنّ غداً لناظره قريب.

ثانياً : إن المتآمر الوحيد على سورية الحبيبة هو النظام الفاسد وعصاباته المجرمة ، وليس الشعب الطاهر الذي يطالب بحقوقه المسلوبة منذ نصف قرن ، ولقد قرأنا وسمعنا لكبار الكتاب والمحللين الصهاينة خوفهم وهلعهم من اهتزاز النظام على مدى الأسابيع الماضية ، الذي حمى حدودهم عبر ما يزيد على نصف قرن ، ومنع إطلاق طلقة واحدة من جبهة الجولان المحتلّة ، بينما ثقب آذاننا وهو يتحدث عن الصمود والممانعة والمقاومة ، التي لم نرها إلا ضد شعبنا وجيراننا وأمتنا ...!!!

وهي كلمات حقّ يراد بها باطل ، لأن الذي يريد أن يقاوم ويمانع لا يسحق شعبه ولا يذلّه ..

والعلامة الأولى على إرادة الممانعة ونجاح المقاومة الحقيقية هي : الحريّة ، والديمقراطية ، ومتانة الجبهة الداخلية ، أما قتل الشباب المتظاهرين ، وسحلهم في الشوارع ، واعتقال الأطفال والنساء والمسنين ، والزجّ بهم في غياهب السجون من أجل رأي أو مقالة أو مقابلة على فضائية ، وتخيير الشعب بين ( لقمة العيش ) أو ( الذلّ والهوان والعبودية ) فهذه ليست من أساليب الممانعين والمقاومين ولقد صدحت حناجر الآلاف من أبناء شعبنا الثائر بالعبارات المشهورة (الشعب السوري ما بينذلّ )و(خاين يلّي بيقتل شعبه ) .!!!

ثالثاً : إن أسهل شيء على النظام الفاشل ، هو أن يهرب إلى الخارج ، ويلقي التهم جزافاً على ( المؤامرة ) و ( الامبريالية ) و( التهديد الخارجي ) هروباً من استحقاقات شعبه في الوحدة والحرية والكرامة والرفاهية ...

وهذا ما فعلته جميع الأنظمة العربية الساقطة حتى الآن ، بما فيها نظام بشار الذي سيسقط قريباً بإذن الله ويلحق بهم ...!!! وهاهو الكيان الصهيوني ، الذي حاربهم على عدّة جبهات ، وهزمهم جميعاً ، عسكرياً ، وسياسياً ، وأخلاقياً ..

هاهو يوفر لشعبه كل ما يحلم به من وسائل الحرية والرفاه والديمقراطية ، بدون أن يتعلل بهذه الأكاذيب الرخيصة ، التي لم تعد تنطلي حتى على الأطفال من شعبنا وأمتنا ..!!!

رابعاً : لقد ضيّع رأس النظام آخر فرصة في تاريخه ، وبدلاً من أن يبادر لإصلاحات حقيقية وجذرية وفورية ، وهذا ما كان ينتظره منه الكثير ممن راهنوا عليه ، وأحسنوا الظن به ، فقد راح يلوك الكلمات الفارغة ، ويتعلل بالحجج التافهة ، ويسوّق الأكاذيب الرخيصة ، ويطلق التهديدات الوقحة ...!!!

مما يؤكد مقولة من قال : إن هذا النظام غير قابل للإصلاح ، والحل الوحيد المتبقي أمام شعبنا هو العمل على إسقاطه مهما كلّف ذلك من تضحيات ..!!!

خامساً : لقد كان بعض المتفائلين من أبناء شعبنا يراهن على رأس النظام ، ويصفونه ب ( الشاب ) و ( المثقف ) ويعتقدون بأنه يمتلك أجندات إصلاحية ، إلا أنه غير قادر على تنفيذها ..

أما الآن فقد سقطت وريقات التوت عن عورات المتسترين بها ، وصار واضحاً للقاصي والداني بعدم وجود إرادة حقيقية للإصلاح والتغيير ، لا في الحرس القديم ولا في الجديد ، وهذا أيضاً يدعم خيار شعبنا الوحيد في التظاهر والاعتصام والإضراب السلمي الحضاري ، حتى يسقط هذا النظام الفاسد بجميع أجنحته وميليشياته وعصاباته  .!!!

سادساً : أما المظاهرات الاستعراضية ، التي ساقوا إليها موظفي الدولة بالقهر والإكراه والإجبار ، فهي الأخرى دليل إضافي

على سوء النيّة ، وانعدام إرادة الإصلاح لديهم ، لأن الذي ينشد الإصلاح في وطنه لا يسوق شعبه كالقطعان ليرقصوا على دماء أبنائه وبناته الشهداء الذين لم تجف دماؤهم في درعا والصنمين واللاذقية بعد .!!!

سابعاً : أما ما يسمى بمجلس الشعب ، والشعب منه بريء ، فهو أقرب ما يكون إلى ( سيرك ) تهريج وتصفيق ، ومفرخة لتخريج العبيد ، ولا يستحق منا غير عبارات الترحّم والرثاء والإشفاق !

يا جماهير شعبنا العظيم  ...!!!

أيها الشباب الثائر ...!!!

هاقد سمعنا خطاب الرئيس ، ورأينا كيف فتح علينا حرباً بدلاً من أن يواسي جراحنا ، ويترحم على شهدائنا ...

وبذلك يكون قد دقّ آخر مسمار في نعش نظامه الظالم ، وقطع كل طريق للحوار والإصلاح ، ولم يبق أمامنا إلا خيار إسقاطه وتغييره ...

فلنزحف بسم الله وعلى بركة الله ، في يوم الجمعة القادم ، الموافق للأول من نيسان ، إلى جميع الساحات العامة ، ولنعتصم بشكل سلمي وحضاري ، رافعين أعلام الوطن ، متباركين بصور الشهداء ، ولا نعود إلى بيوتنا حتى تتحقق أهدافنا المشروعة في الحريّة والكرامة ...

بسم الله الرحمن الرحيم ((إنما يستجيب الذين يسمعون ، والموتى يبعثهم الله ، ثم إليه يرجعون )) صدق الله العظيم

       

تمخض الأسد فولد صفرا

أحمد الريسوني

مخاض الرئيس بشار الأسد كان طويلا مملا؛ فمنذ أسبوع أخبرتنا مستشارته لُعَينة شعبان أن القرارات الإصلاحية التاريخية قد اتخذت، ومنها قانون الطوارئ الذي أَعلنت أنه سيرفع "بالسرعة الكلية"؟!. ثم بدأ التبشير بخطاب قريب للرئيس الأسد سيعلن فيه الخطوات الإصلاحية الفعلية. وأعلن التلفزيون الرسمي السوري أن كلمة الرئيس ستبث بعد قليل. وانتظر الناس أمام الشاشات ولم يأت هذا الخطاب لا بعد قليل ولا بعد كثير. ولما كثرت التكهنات والتساؤلات عاد الحديث عن خطاب قريب للرئيس، ثم قيل إنه سيكون في غضون يومين، وأعلن نائبه فاروق الشرع، أن الخطاب سيرضي الجميع بما سيحمله من قرارات وإصلاحات...

وجاء الخطاب أخيرا، جاء يوم الخميس ليسبق يوم الجمعة، وما أدراك ما يوم الجمعة.

جاء الخطاب عبارة عن مسرحية ثقيلة متخلفة تنتمي إلى عصر كدنا ننساه.

وعلى مدى ساعة تقريبا كان الرئيس يثرثر ويضحك، ثم يثرثر ويضحك، وهكذا من بداية الخطاب إلى نهايته، مما ذكرني بالمثل العربي القائل: الضحك بدون سبب من قلة الأدب. ولكن كثرة الضحك لم تخفِ التوتر المخيم على ملامح الرئيس وكلامه المضطرب.

ولكي لا يبقى الأسد وحده يثرثر ويضحك جمعوا له قطيعا كبيرا، يصفقون ويهتفون، وأحيانا يرددون مقاطع غزلية شعرية أو نثرية موجهة لأسد الغابة.

الرئيس السوري - كأسلافه: التونسي والمصري والليبي واليمني - لم يفُته أن يتحدث عن المؤامرة الخارجية ضد بلاده... ولم يفته كذلك - مثلهم تماما - أن يتهم القنوات التلفزيونية بالتحريف والتحريض... إلا أنه أضاف شيئا جديدا استفاده من التجارب السابقة لزملائه، وهو تنبؤه بأن هناك من سيقولون عن خطابه: هذا لا يكفي. وهنا ضحكتُ أنا أيضا قائلا في نفسي: ما الذي قرره أو أعلنه أو أضافه هذا الخطاب حتى يقال عنه: إنه لا يكفي؟ فهو لم يقدم أي شيئ ولم يأت بأي جديد.

فحتى المهزلة الدستورية الشهيرة التي ينفرد بها ما يسمى بالدستور السوري في مادته الثامنة لم يشر إليها بشار لا من قريب ولا بعيد، مع أن هذه المادة  تعطي الحق لحزب البعث أن يمتلك ويستعبد سوريا وشعبها إلى الأبد. وهذا نصها:"حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة، ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية"

ولذلك أقول باختصار: لقد تمخض الأسد فولد صفرا.

       

الفساد السياسي العربي..!

صالح خريسات

قد يستمر كل زعيم دولة عربية، في التغني بأنه ارفع شأناً في كل أمر هام، من سائر الزعماء العرب الآخرين، الذين سقطوا تحت شعار"إرحل". ويخدع الزعيم نفسه ومن حوله، بأنه باق في السلطة إلى ما شاء الله. ولكن، عندما يتحرك الشارع من اجل التحرر من قيد هؤلاء، يضطر الزعماء أن يضبطوا أنفسهم، ويمتنعوا عن التعبير العام عن شعورهم بالتفوق والسمو، وينوب عنهم المستشارون في تهدئة خواطر الجماهير المختنقة، ولن يكون ضبط النفس هذا سهلاً أو يسيراً، إذا استمرت المشاعر العدائية بين النظام وقوى الشباب على ما هي عليه من حدة وحماس، مطالبة بالإصلاح والتطوير .

ومما يؤسف له أن القيادات العربية المهترئة، التي ما تزال جاثمة على صدور شعوبها، تدعي بأنها ضرورية في الحكم من أجل السلام العالمي، وأن زوالها يهدد بظهور خطر جديد يتمثل بالاستبداد العسكري، أو استبداد القوى الإسلامية المعادية للنظام الغربي، وهو اعتقاد شائع لم تعد الولايات المتحدة وأوربا، تقتنعان به، وبالتالي نكتشف بأن هذه القيادات وحدها، هي التي تقوم بالاعتداء على المواطنين الآمنين، العزل من السلاح، وكأنها ادخرت المؤسسة العسكرية لمثل هذه الوظيفة القمعية غير المشروعة، وهي جيوش لم تدخل حربا وخرجت فيها منتصرة، وأنا أعتقد أن هذا هو سر اهتمام الزعماء العرب بالجيش، ليس من أجل الحرب واستعادة الأرض وتحرير الإنسان، ولكن من أجل الاستمرار بالسلطة رغم أنف الشعوب المقهورة .

إن الفساد السياسي والفساد الخلقي والاجتماعي متلازمان، كيف يمكن لبلد يحكم بهذا النفاق السياسي وهذا التجبر والغفلة، في أن لا يؤدي في حياة الأفراد إلى هذا الانحلال المأسوي الذي تنتهي إليه حياة الأبطال؟ وهل يمكن أن تكون السياسة فاجرة بهذه الجرأة؟! ودواوين العمل الحكومي تتكرر بكل ما يضطرب فيها من حياة وما يمكن لهذه الحياة أن توحي به من الضياع والحيرة. في المقهى الذي يقود إلى اللجوء إلى الغياب عن الواقع. في الخدر أو ما يشابهه أو توحي به من انهيار القيم وفساد الموازين والذمم، في جو العمل حيث يسود الظلم والتملق والمحسوبية، وكل الأدوار التي تنخر في كيان الجهاز كله، نتيجة ضياع المجتمع بأسره في ألوان من البطش والقهر، الذي يجعل الناس يضطربون كالقرود، ويتعذبون كالإنسان، ويموتون كالحيوان. إن ثورة الشباب في الشارع العربي، قالت كلمتها في روعة ووضوح، ونبشت فينا أعماق القلوب لتستثير الإنسان ثورة رافضة عارمة مدوية، تمثل أبشع ما يمكن أن يتردى إليه البشر إذا استشرى فيهم داء الفقر، ونام الناس عن بعضهم البعض، ولهى الحكام في فسادهم، وتخلى عن المحرومين الأخوان والحكام على حد سواء. هذه الثورة، تبرز لنا بطولة الجماعة التي تصرخ غاضبة بمأساة الفقراء وتردي مصير الشعب بأكمله.

لقد صار من الضروري أن نتوجه بالخطابات إلى القادة والزعماء العرب، وليس إلى الجماهير التي ثبت أنها تتحلى بوعي أوسع من كل ما يتمتع به هؤلاء الزعماء. لقد حان الوقت للاعتراف بتواضع معرفة هؤلاء وجهلهم بالقيادة وشؤون الحكم. فما يجري الآن يفضحهم، ويتجلى للعالم أجمع ما هنالك من تناقض بين الدعوى الإنسانية التي يدعيها هؤلاء الزعماء، وبين جرائمهم في حق شعوبهم. إننا لا نطمع الآن أن نحاور هؤلاء، وأن نخجلهم من أنفسهم، ونعري كذبهم، ولكن نريد اقتلاعهم بالطرق السلمية، ويبدو أنهم مثلهم مثل الاستعمار، لا يمكن التحرر منهم إلا بالعنف. لقد يئسنا من أن يثوب هؤلاء إلى رشدهم، وبالتالي لا حوار معهم ولا تقارب ويجب أن نتوجه بالدعوة إلى الشباب الذين سيطردون هؤلاء بالشعار الأكثر شعبية، ولسوف ينسحبون بخطوات خجولة تزداد سرعة لكي لا تنكشف عيوبهم أكثر. لقد ضحك الحكام علينا بما أرادوه لشعوبهم من جهل وتخلف، وأقنعوا أنفسهم بأنهم الأفضل في تاريخ هذه الشعوب. وإذا كان الاستعمار قد خرج من الباب، فقد عاد هؤلاء إلينا من النافذة، ولكن بثوب عربي جديد، مبدلين ملامح وجوههم، ومغيرين معالم هيئتهم، فيجب إسقاط الأقنعة الزائفة عن هذه الوجوه، وتسليمهم إلى جماهير الشباب التي قاست الأمرين بسبب سوء حكمهم، يجب فضحهم، لأنهم لم يشاركوا الشعب مشاركة صادقة في همومه وتطلعاته ولم يهيبوا بالجماهير يوماً إلى النضال من أجل الحرية وكل ما فعلوه في تاريخ حكمهم الطويل، لا يزيد على مناورات سياسية، من أجل أن يتصدق عليهم الغربيون ببعض الامتيازات، وها هم الآن يسرقون مرة ثانية ثورة الشعب في لحظة التحرر والانتصار، وينسبونها إليهم بوعود كاذبة لن تتحقق، فيجب أن تتسلم الجماهير مقاليد السلطة من يد هؤلاء، بعد أن نابوا عن الاستعمار في استغلال الشعب واستثماره واضطهاده، وكلاء عن الاحتكارات الاستعمارية، عميلة لها، شريكة معها في الغنائم، يجب أن نفرق بين الاستقلال الحقيقي والاستقلال الكاذب، وإن بات من الضروري الاستغناء عن هؤلاء، والانتقال إلى مرحلة جديدة، لتظفر الشعوب باستقلالها، أو تبقى الحناجر تردد.. "إرحل".

       

محاكمة الزعماء المخلوعين..!

صالح خريسات

الفكرة الوحيدة التي تسيطر الآن على أذهان الزعماء العرب، هي فكرة محاكمتهم وملاحقتهم بتهم عديدة، وأن قرار الحكم لا محالة هو الموت. ويسعى كل زعيم إلى التخلص من السلطة بالطريقة التي تعفيه من المحاكمة أمام الشعب ويجنب أفراد أسرته المصير نفسه. ويحفل التاريخ الحديث بتطورات مشابهة وقعت في بلدان أخرى، مع اختلاف في الزمان والمكان، لكنها تستحق أن تكون عبرة لمن يعتبر. ففي العام 1985 خرج الآلاف من السودانيين إلى الشوارع مطالبين برحيل جعفر نميري الذي كان في الطائرة عائداً إلى بلاده فغير وجهته إلى القاهرة، وحل بها لاجئاً سياسياً. وكانت قصة شاه إيران من أشهر قصص التاريخ المعاصر، التي تؤكد إرادة الشعوب وقدرتها على الثورة في وجه الطغاة والمستبدين. وأقرب مثال على ما يجري الآن في كثير من البلاد العربية، هو ما جرى في رومانيا في العام 1989 حين ثار الشعب الروماني ضد الديكتاتور نيكولاي شاوسيسكو الذي حكم البلاد بقبضة بوليسية مدة واحد وعشرين عاماً. واتصف بجنون العظمة وكثرة الألقاب التي منحها لنفسه، فهو القائد العظيم والملهم ودانوب الفكر والعبقري.. وكان لا يقبل أي انتقاد ولا يبدي أية رحمة بمعارضيه، وزاد من ذلك وجود حفنة من المنافقين الذين أحاطوا به من كل جانب، وأوهموه أنه منقذ الشعب وأن عصره هو العصر الذهبي. وكانت نهايته الموت له ولزوجته.

من الطبيعي الآن أن يكون محور تفكير الزعماء هو هذا المصير، والسؤال الذي يمكن أن نوجهه لهؤلاء الزعماء قبل صدور حكم الشعب هو أفضل طريقة للموت يفضلها كل زعيم منهم، كي نساعدهم في تنفيذ رغباتهم كما ساعدوا على تنفيذ رغبات شعوبهم؟!

وحسب ما نجده في كتب السياسة وتاريخ القادة والزعماء العظماء، فإن جلهم يفضلون الموت رمياً بالرصاص، لكن الشعوب المقهورة والناقمة، غالباً ما تباعد بين أمثال هؤلاء القتلة وبين هذه الرغبة وإمكانية تحقيقها خوفاً من انعكاساتها المعنوية على شخص الزعماء بعد تنفيذ حكم الموت ويتحولوا إلى ابطال تاريخيين.

والفرق بين الإعدام شنقاً حتى الموت، أو رمياً بالرصاص، أن الشنق فيه إهانة للمجرم وإساءة لكل معاني الشرف والرجولة، وهو جزء من العقوبة النفسية والاجتماعية التي ثبتها القانون ضد المجرمين.

لكن الإعدام رمياً بالرصاص يشبه موت الشجعان والأبطال الذين يقاتلون في الحروب المشرفة دفاعاً عن الوطن وفي سبيل أهداف الحرية والاستقلال، ضد أشكال الظلم والطغيان، والاستبداد السياسي.

ويحرص الشرفاء والنبلاء والأحرار على التشبه بهؤلاء الفرسان والأبطال في الموت، وهي وسيلة لا تترك للضحية فرصة للشعور بالإهانة والذل، وتعفيه من العذاب الأليم الذي يستغرقه الشنق حتى تضغط الفقرات وتلفظ الضحية أنفاسها. فما أن يطلق الرصاص حتى تزهق روحه ويلتحق فوراً بعالم الذين حكم عليهم بالموت.

وقد وجدنا في التاريخ السياسي، أن القادة العظام والزعماء الكبار، كانوا يحرصون على ارتداء الزي العسكري أثناء عملية تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص. وأن الجندي أو الضابط الذي يتولى مسؤولية الحكم وإطلاق النار، كان يؤدي التحية للقائد العظيم قبل أن ينفذ الأمر. ويبدو أن هذه الحركة تعيد للشخصية إعتبارها في اللحظات الأخيرة ما قبل الموت.

وكان السؤال الصعب بالنسبة إلى علماء النفس والخبراء النفسانيين، والأطباء هو ما الذي يمكن أن يفكر به الإنسان، وهو يدخل حياً تجربة الموت الأبدي؟ وبالتأكيد يختلف الوضع هنا عن الإنسان الذي يموت ميتة طبيعية بعد سن الشيخوخة، أو الذي يموت ميتة الفجأة بسبب حادث عارض، فالله هنا هو الذي يحيي ويميت ولا اعتراض على أمره.

وبالنسبة للزعماء والقادة العرب المخلوعين، فنحن أمام شخصيات تاريخية عجيبة، تصلح أن تكون مادة حاضرة في أذهان الشعوب والقادة على حد سواء، .. فما الذي يمكن أن يكون قد فكر فيه هؤلاء وهو يغادرون مواقعهم بهذه الطريقة المشينة؟!

وفي تصوري أن الروساء العرب، يعترفون الآن بينهم وبين أنفسهم بأنهم كانوا يمتلكون رؤية خاطئة للعالم، وأنهم لم يكنوا يعرفون العالم كما هو ولا يفهمونه، وبالتالي اقترفوا أخطاء جسيمة بحق شعوبهم المستضعفة..!

فعندما توصلوا بالسلطة، أحاطوا أنفسهم بالمنافقين وغير الموهوبين، وتخلصوا من القادة الكبار والسياسيين، وتلك مشكلة أدت إلى أن يكونوا بعيدين عن الواقع من الناحية السياسية والإجتماعية، وإن كل من حولهم كانوا يقولون لهم ما يريدون أن يسمعوه وليس ما ينبغي لهم أن يسمعوه.

إن الدولة كلها تنفذ أوامرهم دون مراجعة أو مناقشة، وإن اهتمام أجهزة الأمن وعملها كان مركزاً فقط على أمنهم هم وليس على ما يدور في العالم، وإنه كان همهم أن يحموا أنفسهم من المواطنين وليس أن يحموا الوطن من الأعداء. إلا أن التنفيذ الحرفي للقرارات دون مراجعة أو مناقشة قد أضر بهم، وإن تفرغ أجهزة الإستخبارات للأمن الداخلي أضعف الدولة في تكريس إمكاناتها لأمن النظام، فبدلاً من إرساء قواعد الديمقراطية وتعزيز الأمن السياسي ضاعت الإمكانات المادية والمعنوية في القنوات التي تحافظ على بقاء هؤلاء الرؤساء في السلطة..

وبالمقابل كانت حقيقة العالم وما يجري فيه من متغيرات وتحولات بعيدة عنهم، وهم يتخذون قرارتهم بناء على معلومات وهمية صنعتها تصورات المنافقين المحدودة الفهم، وليس لهم أي علاقة بما يجري حولهم لأنهم في الواقع يرون ما حولهم على غير حقيقته.

وبالتأكيد، فإن رؤساء الدول العربية لم يعرفوا أسلوباً سياسياً لصناعة القرار، ولم يحتكموا إلى قوانين أو مؤسسات مرجعية، بيد أنهم كانوا محاطاين بفريق من المساعدين على درجة عالية من النفاق الذليل والجهل بالعالم الخارجي، وفقدان الثقافة السياسية.

كل ذلك جعل هؤلاء الرؤساء يخطئون في اتخاذ قراراتهم واختيار رجالاتهم، فيستبعدون الناصح الأمين الذي لا يريد إلا الإصلاح ويشكون في ولائه، ويقربون منهم من ليس يصدقهم القول. ولما اختلط الأمر عليهم واشتدت أزمة الثقة، توجهوا إلى أقرب الناس إليهم وأدناهم. لكنهم أيضاً اختلفوا معهم وتفرقوا.

ويتصدر العرب الآن كل دول العالم في حجم المعارضة، ولا توجد دولة غربية، إلا وفيها أحد أقطاب المعارضة لنظام عربي فاشل، ومعظمهم ممن كانوا يجلسون في الصفوف الأولى من مقاعد السلطة. وجميعهم بالتأكيد وصلوا برضا هؤلاء الزعماء وبتزكية منهم، وكانوا أهل دراية بالنفاق الذي يكشف ظاهرة لها قوتها الهائلة، التي تعمي العين عن رؤية الحقيقة في الحكم. وعندما كانت خيرات العرب للعرب كان جل هؤلاء من المتعاونين في السلطة يتسابقون في الجلوس إلى جوار الزعماء، أو خلفهم. ولطالما دخلوا في صراع مع بعضهم من أجل التقرب إليهم، فلما وقع المحظور، حملوا ما خف حمله وغلا ثمنه، وانطلقوا يؤنبون العالم على السادة رؤسائهم ويحشدون لهم المعارضة ويستقدمون أصحابهم أعداء الأمس أصدقاء اليوم.

ولم يفعلوا ذلك حباً في العدالة وانتصاراً لإرادة الشعب، وإنما خوفاً من العقاب الذي ينتظرهم بعد أن انكشفوا للشعب على حقيقتهم، فأرادوا إظهار البراءة والتماس الطهر لأنفسهم بالمعارضة الزائفة بعد أن فقد النظام قوته وسيطرته وانشغل بالثورة العارمة. وبالنتيجة، فإن السادة الرؤساء العرب ارتبطوا سنوات حكمهم بنمط واحد في صناعة القرار السياسي، وإن هذا النمط كان يوقعهم دائماً في خطأ سوء تقدير قوة الخصم وقدراته، ويحمل معه نتائج سلبية على شكل كوارث سياسية واقتصادية واجتماعية.

ومعلوم أن أي نظام لصناعة القرار يعتمد في نجاحه على الحذر دون تطرف في تحديد الأهداف وتجنب القرارات التي تحتمل المخاطر، والمعرفة الكافية بأوضاع الشعب وتركيبته الاجتماعية. وهذه الوسائل لم تكن تتوافر للرؤساء بنمط قيادتهم وطبيعة طاقم مساعديهم.

نعم لقد توصل الزعماء العرب بالسلطة بطريقة لم تكن مناسبة، وأنهم لم يكونوا وقتئذ يمتلكون التجربة والخبرة في السياسة وممارسة الحكم في بلد له امكاناته وقدراته. ولكنهم كانوا يحلمون بالعظمة، ويتصرفون تماماً كما تروي كتب التاريخ عن القادة العظماء،.. لقد حاولوا تقليدهم في كل شيء، في قصورهم المتعددة وصورهم المعلقة وتماثيلهم المنحوتة.. إن كل واحد منهم يرى نفسه الفارس العربي والبطل الوحيد.. بيد أنهم اكتشفوا الآن، وبعد فوات الأوان، أنهم لم يكونوا يسمعون ممن حولهم من المتملقين سوى ما يرضيهم وليس ما ينفعهم، وما دامت تلك القاعدة هي وسيلة الوصول إلى المنصب، فلسوف يمنع هؤلاء عن الحاكم الرأي الصادق والمشورة الأمنية. وهو ما يحدث في كل الأنظمة العربية غير الديمقراطية..

إنهم يعيشون في قصورهم مخدرين العقل بألقاب الزعامة والعظمة، لكن هذه الألقاب جميعها، تسقط في اللحظة التي تنطلق بها حناجر الشباب " الشعب يريد اسقاط النظام "، ويسقط كل الرجال من حولهم، وهذا هو السر في المشهد الأخير في الوطن العربي.

وباختصار، لقد أتعب الزعماء العرب العالم وأتعبوا من تبعهم وأتعبوا أنفسهم.

       

كشف المستور

في دم الشعب السوري المهدور

د. محمد الزعبي

درعا الثورة

هل يريد الغرب إحقاق الحق؟؟ اشك في ذلك!! وإلا لماذا لم يتحرك إلى تشكيل لجنة تحقيق في جميع جرائم عصابة( أل الأسد) ضد الإنسانية,وأخر منجزاتهم التاريخية في مدينة درعا وقتل أكثر من خمسين شهيدا في أربعة أيام لا لشيء إلا أنهم يطالبون بتحسين أوضاعهم المعيشة وبعض من الحرية.

وهل رأيتم نظام في الكون أو في المريخ يخلع أظافر أطفال المدارس ويُشوه وجوههم ويعتقلهم؟؟؟هل رأيتم نظاما يعتقل الصبايا والنساء غير هذا النظام الحاقد على الإسلام والمسلمين؟؟

ومن يُساند القذافي في قتل الشعب الليبي؟؟؟ إنه نظام عصابة (أل الأسد) فهو يقوم بإرسال الطيارين والعتاد لطاغية العصر القذافي لقتل الشعب الليبي المغلوب على أمره, وكأن هذا النظام لا دور له إلا(القتل والمساعدة في القتل)ضد الشعوب العربية المسلمة في(سوريا ولبنان والعراق وفلسطين وليبيا ) ؟؟؟

إننا نحمل كل من يدافع عن جرائم النظام( أل الأسد)وعصابته في سوريا والتي تقوم بقتل شعبنا في(درعا والتي راح ضحيتها أكثر من مائتين شهيد على أيدي الفرقة الرابعة والتي يقودها ألان المدعو ماهر الأسد وهو الجزار ابن الجزار وشقيق الجزار,فهم من عائلة جزارين وسفاحين وقتلة) وجميع مدننا وقرانا وفي السجون المسؤولية الكاملة,لأنكم مشاركون في الجريمة وان ساعة الحسم أتيه بإذن الله تعالى.

سؤال أوجهه لجميع القادة الفلسطينيين المتواجدين في سوريا وعلى رأسهم( خالد مشعل واحمد جبريل ورمضان عبد الله شلح) وكل صحفي مرتزق من أمثال(عبد الباري عطوان عضو حزب العمال البريطاني) وكل مقبلي الأحذية في لبنان وكتاب اليسار الكذابين في جميع أنحاء العالم العربي والجهلاء والدهماء,وكل من يُردد كلمة الدور الممانع لعصابة القتلة في سوريا عن الهالك حافظ الأسد,ومدبّر الخيانات ومنفذ المجازر الفردية والجماعية ضد أبناء شعبنا في سوريا،والذي روّع شعبنا الآمن بمجازره التي فاق سيطها وسمعتها سمعة أسوأ المجازر الوحشية في العالم بما فيها مجزرة حرق اليهود المزعومة بأفران الغاز، ومجازر السفاح شارون ضد الشعب الفلسطيني المضطهد,إنّ مجازر السفاح شارون كلها مجتمعةً والتي ارتكبها ضد أهلنا في فلسطين ولبنان لا تساوي مجزرةً واحدة من مجازر السفاح حافظ الأسد في حلب وجسر الشاغور وحمص وتدمر وأخيراً ما ارتكبه من مجازر في مدينة حماة الشهيدة .

وسؤالي هو:

هل من فارق بين نظام( السفاح حافظ الأسد) والسفاح شارون ؟؟؟؟

وكيف تم تسليم الجولان؟؟

مندوب سورية جورج طعمه في الأمم المتحدة يعلن سقوط القنيطرة,وذلك من خلال البلاغ 66 الصادر عن وزير الدفاع آنذاك (حافظ الأسد) الذي أعلن وصول قوات إسرائيل إلى مشارف دمشق بينما المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة يؤكد أن شيئاً من كل ذلك لم يحصل,فلماذا يُصدر حافظ الأسد البلاغ الخياني قبل وصول القوات الإسرائيلية إلى القنيطرة بيومين ؟؟ولماذا يطلب من الجيش الانسحاب الكيفي؟

ولماذا يقول اللواء أحمد سويداني قائد الجيش السوري عندما سئل عن هذا البلاغ: (إنني كمسئول عن الجيش لم أستشر في البلاغ الذي أعلن سقوط القنيطرة،لقد سمعته من الإذاعة كغيري؟؟)

إن في طيات هذا الكلام كله الإجابة الشافية عن خطة الانسحاب من دون قتال

يشير (إدوارد شيهان) في كتابه (كيسنجر والإسرائيليين والعرب)إلى واقعة مهمة جداً تلقي ضوءاً كاشفاً على وضع النظام والأسد وارتباطاته..

يقول (شيهان) في كتابه وهو مرافق كيسنجر في مكوكيا ته..

إن المخابرات الصهيونية كانت تتعمد عند عودة (كيسنجر)من دمشق إلى القدس أن تدهشه بإطلاعه على ما دار بينه وبين حافظ الأسد في دمشق كما تطلعه على مضمون الرسائل المتبادلة بين الأسد وبين الملوك والرؤساء العرب الآخرين.

فإذا علمنا أن أغلب لقاءات (كيسنجر) مع (أسد) كانت مغلقة.. عرفنا جواب اللغز القائم في كلام (شيهان)...

وهنا نود أن نسأل سؤال لكل الهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لماذا لا يفتح (ملف عصابة القتل في سوريا)؟؟؟

لماذا لا يوجه لويس مورينو اوكامبو اتهامه لعصابة القتلة في سوريا في قتل (50) ألفاً من المواطنين الأبرياء معظمهم من الشيوخ والأطفال والنساء؟؟قتلهم حافظ الأسد ورفعت الأسد وغازي كنعان وعلي حيدر وشفيق فياض وعلي حبيب وعلي دوبا وعلي أصلان وغيرهم من نظام القتلة قتلوهم في حماه في فبراير (1982)وهدموا ثلث المدينة,وهو الحي القديم فيها،حي الحاضر،وخاصة حي البار ودية الذي لا تستطيع الدبابات دخوله لضيق أزقتـه،هدموا بيوتـه على ساكنيها,والأكثر عدلاً،بل أكثر إلحاحا أن يحقق لويس مورينو اوكامبو وأن يهتم مجلس الأمن بضحايا مجزرة جسر الشاغور(1981) ومجزرة باب البلد في حماه (1981)ومجزرة جنوب الملعب البلدي (1982)ومجزرة هنانو يوم العيد في حلب, وعشرات المجازر التي راح ضحيتها عشرات الألوف من الشعب السوري,مع العلم أن العالم كله بما فيه أمريكا وفرنسا والدول العربية وغيرها من العالم الذي يدّعي أنه متحضر كتموا على هذه الأخبار،وسكتوا لأن الضحايا من الشعب المسلم.

لماذا لا يهتم لويس مورينو اوكامبو ومجلس الأمن وفرنسا وأمريكا والدول العربية بقضية المفقودين في سوريا وهم قرابة ( 17 )1 ألفاً من خيرة أبناء سوريا دخلوا سجن تدمر وتمت تصفيتهم حسب المرسوم العار( 49 ) الذي يحكم بالقتل على من انتسب لجماعة الإخوان المسلمين,ومازال النظام يتكتم على أخبارهم ولا يعلن أنه قتلهم ومازال أهاليهم منذ ربع قرن ينتظرون أخبارهم.أليس من العدل أن يسأل لويس مورينو اوكامبو أبناء (زعيم عصابة القتلة والإجرام حافظ الأسد) عن هؤلاء !!؟؟ أين قتلهم أبوهم !!؟؟ وزبانية القتل الذين باشروه بأيديهم مازالوا أحياء، ويتنعمون بأموال الشعب التي سرقها حافظ الأسد ليوزعها على هؤلاء القتلة المجرمون,ومن الإنصاف للحقيقة والعدل أن يحقق لويس مورينو اوكامبو ومجلس الأمن والعالم المساند لهذا النظام والدول العربية في قرابة ألف من الأطباء والمهندسين والجامعيين ، فتحت سرايا الدفاع التي يقودها المجرم رفعت الأسد فتحت عليهم النار من الرشاشات الحديثة ، وهم عزل في زنازين سجن تدمـر،ثم حملوا الجثث في الشاحنات وبعضها مازال على قيد الحياة ودفنت في أخدود قرب جبل (عويمر)في تدمر،دفنت الجثث هناك وبعضها مازال حياً،وردم فوقها التراب ليمنعها من تنفـس الهواء وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة لقد عرف لويس مورينو اوكامبو أن النظام السوري وزبانية الأمن وضباطه ضالعين في قتل ألاف الفلسطينيين في سوريا ولبنان في تل الزعتر واتفاق حافظ الأسد شارون في العقبة على التنسيق للدخول إلى لبنان وسحق القوات الفلسطينية 1975 ومن ثم حصار بيروت وكيفية انسحاب الجيش السوري من المعركة وسقوط أكثر من 90 طائرة سورية في ربع ساعة,وأيضا عشرات بل مئات اللبنانيين الذين حاولوا مقاومة هؤلاء اللصوص القتلة من صحفيين وكتاب ومقاومين من أهل السنة في صيدا وطرابلس وبيروت والبقاع ,لقد نهبوا سوريا حتى لم يبق فيها ما ينهب،وعندما توجهوا إلى لبنان ونهبوه وتركوه قاعاً صفصفاً وأشهر عملية كانت سرقة أموال المودعين في بنك المدينة التي تمت لصالح ماهر الأسد,ومن وقف في وجههم قتلوه في سوريا وفي لبنان.

لقد آن الأوان أن يشكل مجلس الأمن محكمة دولية تتلقى الشكاوى والدعاوى من أولياء عشرات الألوف من الضحايا الذين قتلهم نظام زعيم عصابة القتل والنهب والسلب حافظ الأسد ووريثه بشار وإخوته وجميع أل الأسد وال مخلوف أخوال بشار وأبناءهم ,وعندئذ ستعمم الحقيقة(المكتومة)والتي تطمر عن قصد كي لا تظهر على البشر،وسيعرف العالم أجمع حقيقة نظام البطش والإرهاب نظام عصابة القتل والنهب والسلب( نظام الأسـد)وسترتفع أصوات البشر من كل مكان تطالب بنحـر المجرمين الذين قتلوا عشرات الألوف من الأبرياء بدون ذنب سوى أنهم قالوا(ربنا الله)وقالوا للظالم(يا ظالم)وليس ذلك على الله ببعيد،فقد رأينا عاقبة الظلم في مصر وتونس وليبيا وسنرى إن شاء الله عاقبة الظلم في سوريا ولبنان .

(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ*مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ)] إبراهيم: 42-43 [

والله على كل شيء قدير .

       

د. أبو بكر الشامي

لم يكن يخطر على بال مجموعة من أطفال درعا ، الذين لم يبلغوا الحلم بعد ، وهم يكتبون على بعض الجدران، ببراءة الطفولة المعروفة عبارة ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، والتي ربما استوحوها مما يشاهدونه على التلفاز يومياً من شباب تونس ومصر واليمن وليبيا وغيرها من البلاد العربية التي تهبّ عليها رياح الثورات ...

لم يكن يخطر على بالهم أبداً بأنهم سيساقون إلى زنازين السجون الأسديّة ، وسيصبّ عليهم من ألوان التعذيب ما لا طاقة لهم على احتماله ، فيضربون بالسياط والكرابيج ، ويكوون بالكهرباء ، وتطفأ في وجوههم أعقاب السكائر ، وتقلّع أظافرهم ...!!!

ومن ثمّ ، يفجرون أعظم ثورة في تاريخ سورية الحديث ، وأول ثورة في تاريخ البشرية يفجّرها أطفال ، والتي يحق لنا أن نطلق عليها بكل فخر واعتزاز (عروس الثورات ) ...

فالحمد لله الذي منّ علينا بهذه الثورة العظيمة ، والشكر له سبحانه على أن وحّد شعبنا ، وألّف بين قلوب أبنائنا ، في مهرجان أخويّ ، تضامني ، لم يشهد له تاريخ سورية الحديث مثيلاً ...

ثم الشكر موصول لهذا الشعب العظيم ، الذي خرج في جميع محافظات سورية ومدنها وقراها ، ليساند إخوانه في حوران البطلة ، ويمنع عصابات الإجرام الأسدية من أن تستأسد عليها ، وتستفرد بها ...

شكراً لدمشق الحبيبة ، وألف شكر للتل ، وكفر سوسة ، والمعضمية ، و الحميدية ، ومضايا ، ودوما ، وداريا ، وكفربطنا وسقبا ، والكسوة ، والمسكيّة ، والمزّة ، و تل منين ، والغوطة ، و القابون، والحميدية ، والمحدية ، والمرجة ، والزبداني ، والميدان ، وركن الدين ، وساحة الحريّة ، العمارة ، والصالحية والبكرية ، وغيرها من أحياء دمشق الوفية .

وشكراً لحمص الحبيبة ، وألف شكر لتل كلخ ، والرستن ، وتلبيسة ، وساحة الساعة الجديدة ...

وشكراً لحماة الحبيبة ، وألف شكر لساحة العاصي ، والسلمية ، وصوران ..

وشكراً لمدينة اللاذقية الحبيبة ، وجبلة ، وبانياس ، وألف شكر لساحة الشيخ ضاهر، وبستان الحميمي .

وشكراً لإدلب الحبيبة ، وألف شكر لمعرّة النعمان ، وكفر عميم ، وجميع مناطق إدلب وقراها الثائرة ...

شكراً لحلب ، ودير الزور ، والميادين ، والقامشلي ، والرقة وعامودا ...

وشكراً وألف شكر طبعاً لحوران البطلة ، شكراً لدرعا ، والصنمين ، وجاسم ، ونوف ، وأبطح ، والشيخ مسكين ، وأذرع ، وكفرشمس ، وأنخل ، وداعل ...

شكراً لمساجدنا الحبيبة التي انطلق منها الأحرار الثائرون ...

وأخصّ : الجامع الأموي ، وجامع الرفاعي في دمشق ، والجامع الكبير في حلب ، وجامع بانياس ، وجامع خالد بن الوليد ، وجامع صوفان في اللاذقية ، وجامع أبي بكر الصدّيق في جبلة ، ومسجد الصحابة في حماة ، والمسجد الكبير في صوفان ، ومسجد عمر بن الخطاب في حمص ، وأخيراً وليس آخراً المسجد المجاهد ، والمستشفى الميداني ( الجامع العمريّ ) في درعا البطلة .

وشكراً لجالياتنا الحبيبة في : دبي ، والقاهرة ، وقبرص ، واستانبول ، وغيرها من المدن التي وقفت مع أهلنا وساندتهم في ثورتهم المقدّسة ..

ونطلب من جالياتنا السورية المغتربة في جميع أنحاء العالم ، المزيد من التظاهر والاعتصام أمام السفارات والقنصليات السورية في بلدانهم ، دعماً لشعبنا الثائر ، وتضامناً مع ثورته المباركة ...

كما نطلب من جميع أعضاء سلكنا الدبلوماسي في العالم ، التبرؤ من النظام القاتل ، والانحياز الفوري إلى شعبنا العظيم وثورته المباركة .

والشكر موصول لكل من ساند ثورتنا العظيمة من العلماء العاملين ، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله ، والإعلاميين ، والسياسيين ، والكتاب ، والمفكرين ... ونطلب منهم المزيد من الدعم والتأييد حتى تتحقق جميع أهدافنا...

ونناشد جامعة الدول العربية ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، وهيئة الأمم المتحدة ، وجميع منظمات حقوق الإنسان ، ومنظمات المجتمع المدني ، في العالم أن ترفع غطاءها عن هذا النظام المجرم ، الذي ولغ في دماء الأحرار والأطفال والنساء من أبنائه ، وتدعم حقنا في الحرية والكرامة والعزّة ...

أما أنتم يا أبناء شعبنا السوري العظيم ، يا ورثة أقدم حضارة في العالم (ثمانية آلاف سنة )، ويا من ابتكرتم أول أبجدية في التاريخ ...

يا أحفاد العز بن عبد السلام ، والنووي ، وابن تيمية ...!!!

ويا أبناء يوسف العظمة ، وإبراهيم هنانو ، وسلطان باشا الأطرش والشيخ صالح العلي ... !!!

لقد رفعتم رؤوسنا ، وبيّضتم وجوهنا ، وأطلتم في أعمارنا ، فجزاكم الله عن وطنكم وأمتكم خيراً ، ولكننا نناشدكم بعبارات ملؤها المحبة والإعجاب والتقدير ونقول لكم : لقد عرفتم فالزموا ...

عرفتم طريقكم إلى الحريّة والكرامة والحياة العزيزة التي تليق بكم وبتاريخكم وحضارتكم وأمجادكم ، فالزموها ، ولا تضيّعوها ، أو تفرّطوا بها ...

ولنستمر في التظاهر والاعتصام السلمي الحضاري في ساحات التحرير والشهداء في جميع المدن السورية ، ولنحافظ على ثوابتها المقدّسة في : الشمولية والسلميّة ، والبعد عن الطائفية، ولنحافظ على ألق الثورة ، ووهجها ، ونضارتها ، وإشراقها ، وديمومتها ، حتى تتحقق أهدافنا المقدّسة ، في الحريّة والكرامة والعزّة ، التي مهرناها بالدم الطهور لشهدائنا الأبرار ...

بسم الله الرحمن الرحيم (( ويسألونك متى هو .!؟ قل : عسى أن يكون قريباً )) صدق الله العظيم .

الدكتور أبو بكر الشامي

دمشق : في الحادي والعشرين من ربيع الآخر / 1432 هجري

الموافق للسادس والعشرين من آذار / مارس / 2011 ميلادي