سيبقي للاستبداد ملؤه

أ.د. ناصر أحمد سنه

وحملة مباخره، وأبواقه، ووعاظه

أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر

E.mail:[email protected]

لم يعد الناس يلقون بالاً لما يقوله "الملأ" من سدنة الاستبداد ونظمه.

لم يعد الناس يتأثرون بما يفعله "حملة المباخر"، المنتفعين من بقاء هذه الأنظمة الاستبدادية، لذا يسعون لتحسين صورتها، وبقائها لأطول أمد.. وهيهات مهما طال الزمن.

لقد تغير الحال كثير.. لم تعد الشعوب تسمع لأبواق الإعلام السلطوي الفاسد المُفسد، الضال المُضل التي تحاول، "لاهثة" أن: "تثنى الناس عن التعبير عن غضبهم بعدما فاض بهم الكيل وتحملوا مظالم لا قبل لهم بها".

لم يعد الناس يعيرون اهتماما بما "يدبجه"وعاظ السلطان"، فلا داعي لهؤلاء وغيرهم أن "يبيعوا دينهم بعرض زائل من الدنيا". لا داع لهؤلاء للسعي، وهم فاشلون سيفشلون، في "تغييب العقول"، وتكريس السلبية، و" تخدير الناس"، وتبرير الرضا بالظلم والقهر والطغيان، والتخويف من طلب الحقوق والعدالة والمساواة والإنصاف.. والحياة الكريمة الشريفة. لقد بقي ذلك العنوان الذي صاغه الشيخ الشعرواي، والغزالي وهم يتصدون لأحداث الزاوية الحمراء: "لسنا من وعاظ السلطة، ولا علماء الشرطة". رحم الله الشيخ الجليل، "محمد الغزالي"، وهاأنذ بين يدي هذه السطور  أضع يدي علي كتابة/ سفره القديم الجديد المتجدد:"الإسلام والاستبداد السياسي".. أعيد قراءته مرة ومرة ومرة.

يقف خلف هذه التقدمة والسطور التالية.. سعي هؤلاء الأصناف، الذين تربطهم علاقات غير شرعية بالنظم الاستبدادية المنحازون لغير خيار الشعوب في الكرامة والحرية، للحديث عن "حكم المنتحر"، ويعنون به "محمد البوعزيزي" الذي فجر ثورة تونس الرائدة، ومن يري السير علي دربه، (يريدون لفت الأنظار فقط، وكأنهم أرادوا أن يشتهروا قبل أن يموتوا(!، وليس منافحة لنظم الظلم والإهانة والطغيان والقهر والاستبداد، وسرقة وقتل الشعوب التي ما جاء، هؤلاء الأفراد، إلا من أجل خدمتها، ورعاية مصالحها.

- كما دفع لهذه التقدمة والسطور التالية، ما أشتمه الكثيرون عبر عناوين "خطب الجمعة" (21/ 1) في معظم المساجد، وما أننظمها من رابط يذكر بما فعل النظام التونسي عبر عقوده البائدة.."عليكم أنفسكم، قوموا بتربيتها، وحافظوا علي الفرائض، ليس عليكم إصلاح العالم، لا تطالبوا الحكومات.. إذا ما طُبقت الشريعة الإسلامية فإن أكثر من 80% من الشعب سيحتجزون ثلاثة أيام كي يستتابوا من عدم أدائهم الصلاة وإلا قتلوا....." الخ.

- كما دفع لهذه السطور، تحاول أيضا التأكيد عليه، مقال الأستاذ "فهمي هويدي" بجريدة الشروق"(23/1):"فتاوى فاسدة". وقد أفاض، علي قلة كلمات مقالته التي يحاول أن يجيب علي سؤال مُلح:" بدلا من تكفير المنتحرين وتسفيههم. أليس الأجدى والأنفع أن نحاول بشكل جاد أن نجيب عن السؤال الأهم: لماذا ينتحرون؟"، ويسعي  مؤكداً: "لست أخفى أنني أتشكك فى براءة مثل هذه الحملات، التي تثنى الناس عن التعبير عن غضبهم بعدما فاض بهم الكيل وتحملوا مظالم لا قبل لهم بها. فقد سبق أن قرأنا إدانة وتحذيرا من الإقدام على الإضراب عن الطعام، بدعوى أنه يتعارض مع النهى عن أن يلقى الناس بأنفسهم إلى التهلكة. كما قرأنا تجريما للتظاهرات التي تخرج إلى الشوارع بدعوى أنها تؤدى إلى تعطيل مصالح المسلمين، هو ذاته التجريم الذى يدان به معارضة الأنظمة المستبدة والتمرد عليها، بزعم أن ذلك من شأنه إثارة الفرقة والفوضى فى دار الإسلام." خاتماً مقاله بقوله:"ليت الذين ينشغلون بمصير المنتحرين في الآخرة يتركون ما لله لله. ولو كانوا مخلصين وشجعان حقا فليتهم يفسرون لنا لماذا أقدم أكثر من ١٠٠ ألف مصري على الانتحار في عام واحد، وهو الرقم الذي فاجأنا به مركز معلومات مجلس الوزراء (الأهرام 20/1).

- هناك سؤال مطروح: لماذا يسكت أكثر هؤلاء الذين يحتاج الناس لسماع صوتهم الحقيقي، وبيان موقفهم السليم؟ لماذا لا يتصدرون الصفوف.. لماذا لا يتكلمون، ولا يفعلون؟. بينما ينعق كل ناعق بما لا يعلم، ويتصدر الصفوف ومجالس "الملأ الإعلامي" عباد الدنيا والمال والجاه والمنصب، وأدعياء العلم/ الرأي / الفكر/ الفقه.

ما لأكثر هؤلاء الذين يحتاج الناس منهم لإيضاح وهُدي، وقول فصلٍ، شاف كافٍ، في قضايا مصيرية، ومشكلات جوهرية محلية وإقليمية ودولية وإنسانية، لا يقولون، بل يتوارون، ويختفون، ويصمتون.. ليس صمت العلم والحكمة والفقه والوعي والدراية.

"لم يعد الصمت ممكنا، فالساكت عن الحق شيطان أخرس". والسكوت "جريمة" تعظم بعظم من كان عنده علم أو معرفة أو قدرة علي الفعل والعمل، ولم يفعل تعللا بعلة".. فعلل متفشية، وأمراض اجتماعية مستعصية، وحقوقاً ضائعة، وظلماً شائعاً، ومشكلات اقتصادية، ومحناً سياسية، ومعضلات إنسانية لا يمكن السكوت عليها، لكن نراهم كثرتهم يسكتون، ولا يبينون بما أفاء الله عليهم من علم وفقه ودراية. هل تُعلم العلم ليكتم في الصدور والعقول؟. أم ليعلم به الجاهل، ويُرشد به الضال، ويُقوّم به المنحرف، ويُردع به المتعدي، ويُنصر به المظلوم، وتُعالج به العلل والأمراض، وتُحرر به الأوطان، ويسود به العدل والعمران، ويُقاوم به الفساد والطغيان.

 - أين (أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر)(أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن). ويقول المعصوم صلي الله عليه وسلم، فيما يرويه أبو بكر الصديق رضي الله عنه:"إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا علي يديه أوشك الله أن يعمهم الله بعقاب منه" (أبو داود والترمذي، والنسائي بأسانيد صحيحة). أين واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مَرُّوا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا فى نصيبنا خرقاَ ولم نؤذِ مَنْ فوقَنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاًَ، وإن أخذوا على أيديهم نَجَوْا ونَجَوْا جميعاً)" أحمد في مُسنده 4/268 والترمذى 2/26، والبخاري 2/111  .(164-

- ليس ثمة تعلة بأنه لم يطلب أحد منكم الرأي والمشورة والتبيان والموقف والفعل، وليس ثمة تبريرا  وفق كل ما سبق من شواهد ومشكلات وأزمات وفتن ومحن  بخوف من حدوث منكر أكبر حال تغيير المنكر الأقل. وأن المستبد خير من حدوث فتنة عامة والفتنة العامة متحقق بل مضاعفة بوجوده).

إن العلم الذي علمكم الله تعالي (نور البصيرة، وحياة للروح ، وهدي للمجتمعات، وشفاء للمجتمعات) وهو حجة عليكم، وبخاصة يوم القيامة؟، أين وقفتكم لله تعالي.. أبراء للذمة، وتحملا للمسئولية، ونهوضا بتبعات العلم والبينات والهدي؟. ولكم في رسول الله صلي الله عليه وسلم وصحبه الكرام والسلف الصالح الأسوة والقدوة يلزمكم أن تقولوا حيث يجب أن تقولوا وان تعلموا حيث يسود الجهل، وأن تعرفوا حيث يكثر النكران، وان تنصروا حيث يجب النصر والانتصار للحق الذي بين صدوركم، وأن تبادروا حيث يكثر التخاذل ويسود الهوان.

- يقول تعالي: "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (البقرة:159-160). وفقاً للقاعدة: (أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) قيل: المراد كل من كتم الحق، فهي عامة في كل من كتم علماً من دين الله يحتاج إلى بثه في أي زمان ومكان، وذلك مفسر في قوله صلى الله عليه وسلم: " من سئل عن علم يعلمه فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار")رواه أبو هريرة وعمرو بن العاص، أخرجه ابن ماجة). ولقد عبرت الآية بالفعل المضارع (يكتمون)؛ للدلالة على أن كتم البينات والهدى أمر مستمر، ولو وقع التعبير بلفظ الماضي لتوهم السامع أن المعنيَّ به قوم مضوا.

- أين الفعل قبل القول فيمن سفك الدماء وقتل الناس، دون جريرة جنائية، في المعتقلات والمظاهرات والعبّارات والقطارات الخ.  أين الفعل قبل القول فيمن سرق وأمد وأعان وتواطأ وحاصر وسكت عن سرقة الأوطان واحتلالها؟، وسرقة المقدسات، وتهويدها، وشرد وحاصر وأغتال وقتل وأسال الدماء الزكية للشيوخ والنساء والأطفال

- أين الفعل قبل القول فيمن: أحتكر أقوات العباد والبلاد (أليس المحتكر معلون والجالب مرزوق)، وتلاعب بنسيج المجتمع، يضرب بعضه بعضاً، وأنتهك الحرمات، وعجز وفشل فيما راكمه وكرسه من أزمات. أين الفعل قبل القول فيمن: نهب أموال الشعوب وثرواتها، وباع أراضيهم ومُقدراتهم لعدوهم، فأفقرهم فقراً مُدقعاً، وأمرضهم أمراضاً مستعصية، وكرس فيهم القهر والخوف والتعطل والبطالة والأمية والجهل.

 أين أنتم من : تولية الفاسد القريب "الثقة"، وإبعاد الصالح البعيد "الكفء". كان قد نشر خبر (إعدام الصين لمن استولي علي 18 مليون دولار..)، يعلق مذيع الخبر  ساخرًا يُنفس عن مستمعيه نقمتهم وغضبهم  "مبلغ صغير جدا إذا ما قورن بغيره من السرقات", واليوم نري "عصابة السراق" تحكم تونس الخضراء، الحرة الأبية وفعلت بها ما فعلت.

- اليوم نري، علي قدم وساق، تلكم القصور والفيلات والطائرات والسيارات والبنوك والثروات، للطغاة والمستبدين، وكذلك نري العربة والأقفاص الخشبية، التي كان يبيع عليها "محمد البوعزيزي" خضراوته، والوسائد الممزقة البالية التي كان يريح عليها جسده المُجهد المتهاوي، وجواله المحترق مع جسده، وحافظة نقوده الخاوية إلا من دراهم معدودة أباها عليه المستبدون،  والميزان الحديدي الذي يزن به مبيعاته بما أختل ميزان المتحكمين بالثروات المنهوبة، المحتمين بالسلطات المسلوبة.

- ما بال البعض منكم لا يغضبون، يقول "فاروق جويدة" في قصيدة له، وكأنه يخاطب من نخاطب:

 اغضب فإن الله لم يخلق شعوباً تستكين،اغضب فإن الأرض تحنى رأسها للغاضبين

اغضب ستلقىَ الأرض بركاناً ويغدو صوتك الدامي نشيد المُتعبين،اغضب فالأرض تحزن حين ترتجف النسور

ويحتويها الخوف والحزن الدفين ، الأرض تحزن حين يسترخى الرجال مع النهاية .. عاجزين

اغضب فإن العار يسكننا ويسرق من عيون الناس .. لون الفرح يقتل في جوانحنا الحنين

ارفض زمان العهر والمجد المدنس تحت أقدام الطغاة المعتدين

اغضب فإنك إن ركعت اليوم سوف تظل تركع بعد آلاف السنين

اغضب فإن الناس حولك نائمون وكاذبون وعاهرون ومنتشون بسكرة العجز المهين

اغضب إذا صليت .. أو عانقت كعبتك الشريفة .. مثل كُل المؤمنين

اغضب فإن الله لا يرضى الهوان لأمةٍ كانت - وربُ الناسِ- خير العالمين فالله لم يخلق شعوباً تستكين

اغضب إذا لاحت أمامك  صورة الكهان يبتسمون والدنيا خرابٌ والمدى وطنٌ حزين

ابصق على الشاشات إن لاحت أمامك صورة المُتنطعين

اغضب إذا لملمت وجهك بين أشلاء الشظايا وانتزعت الحلم كي يبقى على وجه الرجال الصامدين

اغضب إذا ارتعدت عيونك والدماء السود تجرى في مآقي الجائعين

إذا لاحت أمامك أمة مقهورة خرجت من التاريخ باعت كل شئٍ  كل أرضٍ

كل عِرضٍ كل دين ولا تترُك رُفاتك جيفةً سوداء كفنها عويل مُودعِين

اجعل من الجسد النحيل قذيفة ترتج أركان الضلال، ويُشرق الحق المبين

اغضب ولا تُسمع احد فإنك إن تركت الأرض عارية يُضاجعها المقامر .. والمخنث .. والعميل

سترى زمان العُهر يغتصب الصغار ويفسد الأجيال جيلا ً.. بعد جيل

وترى النهاية أمة ... مغلوبة . مابين ليل البطش . والقهر الطويل

ابصق على وجه الرجال فقد تراخى عزمُهم واستبدلوا عز الشعوب بوصمة العجز الذليل

كيف استباح الشرُ أرضك ؟ واستباح العُهر عرضك؟ واستباح الذئبُ قبرك؟

واستباحك فى الورى ظلمُ الطغاةِ الطامعين ؟؟؟

اغضب إذا شاهدت كهَّان العروبة كل محتال تخفى في نفق ورأيت عاصمة الرشيد رماد ماضٍ يحترق

وتزاحم الكهَّان فى الشاشات تجمعهم سيوف من ورق

اغضب ككلِّ السَّاخطين اغضب فإن مدائن الموتى تضجُّ الآن بالأحياء .. ماتوا

عندما سقطت خيول الحلم وانسحقت أمام المعتدين

إذا لاحت أمامك صورة الأطفال في بغداد ماتوا جائعين  فالأرض لا تنسى صهيل خيولها

حتى ولو غابت سنين  الأرض تنكر كلَّ فرع عاجز

تلقيهِ في صمت تكفنه الرياح بلا دموعٍ أو أنين

الأرض تكره كل قلبٍ جاحدٍ وتحب عشاق الحياة وكل عزمٍ لا يلين

فالأرض تركع تحت أقدام الشهيد وتنحني وتقبِّل الدم الجسور وقد تساقط كالندى

وتسابق الضوءان ضوء القبر .. في ضوء الجبين، وغداً يكون لنا الخلاص يكون نصر الله بشرى المؤمنين

اغضب فإن جحافل الشر القديم تطل من خلف السنين

اغضب ولا تسمع سماسرة الشعوب وباعة الأوهام .. والمتآمركين

اغضب فإن بداية الأشياء .. أولها الغضب ونهاية الأشياء .. آخرها الغضب والأرض أولى بالغضب

سافرت في كل العصور وما رأيت .. سوى العجب ، شاهدت أقدار الشعوب سيوف عارٍ من خشب

ورأيت حربا بالكلام .. وبالأغاني .. والخطب ، ورأيت من سرق الشعوب .. ومن تواطأ .. من نهب

ورأيت من باع الضمير .. ومن تآمر .. أو هرب ، ورأيت كهانا بنوا أمجادهم بين العمالة والكذب

ورأيت من جعلوا الخيانة قدس أقداسِ العرب ، ورأيت تيجان الصفيح تفوق تيجان الذهب

ورأيت نور محمد يخبو أمام أبى لهب

فاغضب فإن الأرض يحييها الغضب، اغضب ولا تُسمع أحد قال بأن الأرض شاخت ... أجدبت

منذ استراح العجز في أحشائها .. نامت ولم تُنجب ولد، قالوا بأن الله خاصمها وأن رجالها خانوا الأمانة

واستباحوا كل عهد الأرض تحمل .. فاتركوها الآن غاضبة

ففي أحشائها .. سُخط تجاوز كل حد تخفى آساها عن عيون الناس تنكر عجزها

لا تأمنن لسخط بركان خمد لو أجهضوها ألف عامٍ سوف يولد من ثراها كل يومٍ ألف غد

اغضب ولا تُسمع أحد ، اسمع أنين الأرض حين تضم في أحشائها عطر الجسد

اسمع ضميرك حين يطويك الظلام .. وكل شيء في الجوانح قد همد

والنائمون على العروش فحيح طاغوت تجبّر .. واستبد

لم يبق غير الموت إما أن تموت فداء أرضك، أو تباع لأي وغد.

يقول الشيخ "محمد الغزالي" في كتابه :"الإسلام والاستبداد السياسي"(ط 3، 1984، بتصرف، ص:75):"والمستبدون وأعوانهم لا يعوزهم اختلاق الحجج لتبرير جرائمهم، وليس قلب الحقائق بالأمر العسير علي من سفك، ويسفك، الدم الحرام". ونراه يقول في موضع آخر:(ص:72):"الاستبداد الأعمى عدو الله، وعدو رسله، وعدو الشعوب، وأنه لا قيام لحق في هذه الدنيا إلا إذا طمست صور هذا الاستبداد وسويت به الأرض، ومشت عليها الأقدام". رحم الله شيخنا الجليل، وما أحوجنا اليوم وغداً لأمثاله، ولكلمة عدل عند سلطان جائر، ذلك لأن التدافع بين الحق وأهله، والباطل وحزبه، وملئه، وحملة مباخره، وأبواقه، ووعاظه.. سُّنة ماضية إلي يوم القيامة.