أين... شباب الصدق للمبادرة العجلى

زهير سالم*

الوحا.. الوحا.. العجل.. العجل

زهير سالم*

[email protected]

الوضع على الأرض السورية اليوم لم يعد يحتمل انتظارا . كل التطورات تحدث بسرعة ، وبطريقة أخطر مما يقدر المقدرون . الشمس لا تنتظر أحدا ، ولاصحة عند المحققين أن الله أمسكها صباح ليلة الإسراء انتظارا لعير قريش . إن وصول الترياق بعد وقوع الفراق لا ينفع شيئا .

إننا وبعد أن انضم الطيران الأمريكي إلى القتال إلى جانب بشار الأسد ، كما اعترف بذلك السفير الأمريكي السابق روبرت فورد ،بات السوريون بحاجة إلى إعادة تقويم وتقدير موقف سريع . إن كلام كيري عن خيار سوري ثالث بين ( بشار وداعش ) سيتم تقديمه للسوريين مجرد ضباب يريد منه صاحبه تغليف السياسات اليومية العملية لإدارة نكصت منذ أول يوم عن نصرة السوريين ..

يتباهى بشار الأسد وطاقمه وداعموه اليوم أن كل ما قدمه السيد دي ميستورا مما أسماه ( مبادرة ) هو تكرار لمقترحاتهم وأفكارهم . ومع أنه كذلك بالفعل ، فإنهم يطلبون وقتا أطول لدراسته ، بل وقتا أطول لقتل المزيد من السوريين بأيديهم وبأيدي حلفائهم الأمريكيين ..

ومبادرة دي ميستورا ، التي يتقدم بها إلى المرابطين على الأرض السورية ، في ظل واقع استراتيجي مختل بسبب قصف الطيران الأسدي وطيران التحالف الأمريكي، وبسبب الخذلان والحرمان من أي نوع من أنواع السلاح يعين على الثبات ، ثم ثالثا بسبب التهديد بالتصنيف تحت قوس ( الإرهاب ) الدولي ، ونضيف إلى كل ذلك الحصار بالجوع والجراح والبرد .. إن كل ما سبق يجعل من مبادرة السيد دي ميستورا أو مؤامرته هذه المرة خطرا حقيقيا يتهدد الثورة ، مما يتطلب مبادرة سريعة عاجلة ترد تقطع الطريق على مبادرة الشر ومكر السوء.

فكل تلك الظروف التي أشرنا إليها ، والتي تفرض من خلالها مبادرة السيد دي ميستورا ، بغض النظر عن النيات المبيتة وراءها ، تجعل من الصعب على كل من يحاول تقويم هذه المبادرة أن يبادر إلى الرفض النظري لها مع أنه يرى فيها مؤامرة حقيقية على الثورة السورية ، وعلى الشعب السوري ، وهي تنسجم تماما مع طبيعة الموقف الأمريكي الذي امتنع على مدى سنوات عن أي تحرك لحماية المدنيين ، أو عن عون الثورة والثوار ، ثم عندما تحرك كان تحركه لحماية بشار الأسد وترسيخ نظام الاستبداد .

إذ لا يحق للمتكئين على أرائكهم أن يلقوا على السوريين المرابطين على الأرض الدروس في الوطنية وفي الثبات . وليس من المنطق والعدل أن يجيب هؤلاء على مبادرة دي ميستورا ( بلا ) وهم لا يملكون بديلا يخرجون فيه الثورة وثوارها وإنسانها من الواقع الذي يحاصرها اليوم فيها المحاصرون .

إن حالة الاسترسال واللامبالاة في السنوات الماضية هي التي قادت الثورة وثوارها إلى المربع التي هي فيه . وإن الاستمرار في هذا الاسترسال أو اللامبالاة وكأن هذا الأمر لا يعني أحدا سيعطي الفرصة لسهام المؤامرة لتبلغ غايتها وتحقق مرادها ..

الوحا ... الوحا... العجل .. العجل ...هو النداء الذي تطلقه العرب في هذا الموطن ...

الوحا .. الوحا .. العجل .. العجل .. هو النداء الذي تتوجه به الثورة السورية إلى الشباب السوريين حيثما كانوا وهم أول من أطلق هذه الثورة ، وهم أول المعنيين بها ، وهم أول المستفيدين منها ، وهم أول المتضررين إذا أصابها لا سمح الله مكروه ..

 والنداء إلى شباب المبادرة ... من أهل النجدة والصدق لينحازوا اليوم وعلى وجه السرعة لينضموا بعد طول ريث إلى فئة العدول من المرابطين على الأرض ، ليقوموا بالدور الذي يقتضيه المقام. مجموعة المبادرة مطلوبون اليوم بمبادرتهم ليس لتوزيع طعام أو تقديم دواء ، وإنما ليكونوا في مجموعات و كل مجموعة على ثغرة من الثغرات يمارسون دورهم في التثبيت والتبصير والتوعية والتأميل والوعد الحسن والتحذير من الشر والمكيدة وتداعياتها ...

والأمر إذا استوجب العمل فقد بطل الجدل ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية