إدارة الرؤوس الصلفة

بسام الهلسه

الأسرى..

بسام الهلسه

[email protected]

*قضية الأسرى والمعتقلين قضية وطنية عامة.هكذا كانت على الدوام,وهكذا يجب أن تكون.

ومن العار ان تختزل وتترك لتصير مسألة فئوية تخص الاسرى وذويهم وبعض المؤسسات المعنية بهم او بحقوق الانسان.

وقضية الاسرى ـ ككل القضايا المركزية في النضال الوطني الفلسطيني ـ قضية ملحة لا تقبل التسويف والارجاء, ويجب ان تبقى باستمرار على اجندة وجدول العمل اليومي, ولا يجوز في اية حال تحويلها الى شأن موسمي, فهي قضية حيَة كبرى, لا ذكرى ماضية تستعاد في موعد سنوي مناسباتي يكرر فيه الخطباء والكتَاب كلماتهم ووعودهم وتحياتهم.

ما حلَ بقضية الاسرى من تراجع هو النتيجة الطبيعية لما حل بالقضية الفلسطينية ككل. فبعدما كانت قضية وجود شعب ومصير امة, جرى تفكيكها وتفريغها من المضمون والمعنى اللذين اجتمع عليهما الشعب والامة وقدما في سبيلهما التضحيات الهائلة على مرِ التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر.

تبعاً لهذا, تحوَل الصراع  الوجودي المصيري مع العدو الصهيوني الى ضرب من المسائل الخلافية التي يجري العمل على حلها, لا بالصراع والكفاح كما جرى طوال الوقت, بل بلقاءات تعقد هنا وهناك, او بتقديم الشكاوى التي تستجدي العطف والاحسان.

وكما هو واضح منذ انطلاق ما يسمى بمسيرة التسوية السلمية, لم تنجح كل التنازلات والتوسلات, ولا اثبات حسن النوايا بالتخلي عن المقاومة, في تحرير اسير واحد او اسيرة واحدة  او حتى تحرير الاطفال الاسرى. ولنا ان نتوقع ما سيكون عليه مصير القضايا المركزية  كالقدس واللاجئين والحدود والامن والمستوطنات.

لا بدَ من الخروج من هذا المسار التدميري واعادة الاعتبار لقضية فلسطين كقضية تحرير وطني تواجه استعمارا عنصريا اجلائيا, وهو ما سيفتح الطريق مجددا امام  استنهاض واطلاق قوى الشعب والامة لخوض الصراع على كل الجبهات وبكل الاشكال.

وفي سياق تحقيق هذا المسعى, يجب ان تخاض معركة تحرير الاسرى ـ ككل القضايا المنبثقة عن القضية الام ـ بجد وعزم, وان تنهض بها مؤسسات وهيئات تشمل كل الساحات الفلسطينية والعربية والدولية, وعلى كل المستويات: السياسية والاعلامية والقانونية والمعنوية والمعيشية.

ومع كل هذه الاعمال وغيرها, ينبغي ان لا ننسى العمل المجدي والمجرب مع العدو الصهيوني الذي يجبره على تحريرهم بدون اية مساومات او تنازلات, الا  وهو الرد على عنفه بالمثل, وتهديد مؤسساته الاغتصابية واسر جنوده وافراده.

ففي صراع الشعوب من اجل البقاء, كما هي حال الشعب الفلسطيني, لا مكان للضعفاء والمستعطفين..

 وستتبدد اصوات صرخاتهم دون ان تترك اي صدى.

أما الرصاص, فدويُه كفيل ببلوغ الأسماع اللاهية, وإدارة الرؤوس الصلفة وإجبارها على الإذعان.