الأستاذ هيثم المالح

عصام العطار

والحرية وحقوق الإنسان

عصام العطار

عرفتُ هيثم المالح من أكثر من ستين سنة ، فعرفتُ به مِنْ مطالعِ شبابهِ إلى شيخوختهِ الاستقامةَ والنـزاهةَ ، والصراحةَ والشجاعة ، في مختلفِ مواقفهِ وأعمالهِ ومجالاتِ حياته . ولاؤُه دائماً لدينهِ وأمتهِ وبلادهِ ، وما يُؤْمِنُ به مِنَ الحقِّ والعدل ، ويُكَرِّسُ لَه نفسَه من خدمةٍ دائبةٍ للإنسانِ وحقوقِ الإنسانِ في بلدهِ ، وفي كلِّ مكانٍ آخَرَ مِنَ الأرض . لا يعرِفُ المداهنةَ والمساومةَ والنفاق ، ولا يطلبُ مرضاةَ الناس ؛ ولكنْ يطلبُ مرضاةَ اللهِ ومصلحةَ الناس ، والنصيحةَ الصادقةَ الخالصةَ للهِ وللناسِ ، وإن أزعجَ بعضُ صراحتهِ الجريئةِ بعضَهم في بعضِ الأحيان .. وهو لا يَصْدُرُ في ذلكَ كلِّهِ إلاّ عن عِلْمِه وبحثِهِ واقتناعِهِ الموضوعيِّ الذاتيّ ، مُسْتَقِلاًّ عَمّا سِوى ذلكَ من المؤَثِّرات .

لقد صَدَمَني وآلمني نَبَأُ اعتقالِ هذا الصديقِ الكبير ، والإنسانِ الكبير ، والمحامِي الكبير عَنِ الإنسانِ وحقوقِ الإنسان

أَتَمَنَّى أن يُبَادِرَ النظامُ السوريُّ إلى رَدِّ الحريةِ لهذا الإنسانِ الحرّ ، ولسائرِ سُجناءِ الرأيِ في سورية ، مهما تَعَدّدَتْ أوِ اختلفتْ مَشارِبُهم ومذاهبُهم ، وأن يكونَ هناكَ حِوارٌ وطنيٌّ حقيقيٌّ صادقٌ شامل ، يوصلُ في هذه المرحلةِ التاريخيةِ الدقيقةِ الخطيرةِ إلى قَوَاسِمَ وطنيّةٍ أساسيةٍ مشتركة ، وإلى تلاقٍ صادقٍ واسعٍ على هذه القواسمِ الأساسيةِ المشتركةِ ، مِنْ فَوْقِ المصالحِ والمنافعِ والعواملِ الفرديةِ والحزبيةِ والفِئَوِيّةِ الضيّقةِ المفرِّقةِ ، ومواريثِ الصراعاتِ والنـزاعاتِ الضارّةِ المهلكة .

إنّ المصالحةَ الوطنيةَ البصيرةَ الواعيةَ المخلصةَ في كل قُطْرٍ عربيٍّ أو إسلاميّ ، والمصالحةَ البصيرةَ الواعيةَ المخلصةَ بينَ الأقطارِ والدولِ العربيةِ والإسلامية المختلفة .. هي الآنَ ضرورةٌ من ضروراتِ البقاء ، ومواجهةِ المخاطرِ والتحدياتِ الكبيرة الْمُحْدِقَةِ بِنا ، والتقدّمِ والحياةِ في عالمنا وعصرنا

*   *   *

يا حكّامَنا في كلِّ بلدٍ عربيٍّ وإسلاميّ

أما آنَ أنْ تُدركوا أنّ مصلحةَ بلادِنا ، ومصلحتَكُم في بلادِنا ، لا تتحقّقُ بِدَفْنِ أحرارِنا ، أو المعارضينَ بيننا ، في أعماقِ السجون ، ومطاردتِهم في جوانبِ الأرض

أما آنَ لكم أن ترجعوا في أمورِكم ، وأمورِ أمّتِكم وبلادِكم ، إلى الحقّ ، فالرجوعُ إلى الحقِّ خيرٌ من التمادي في الباطل

وسلامٌ على الشيخِ الجليلِ ابنِ الثمانيةِ والسبعين : أخي الحبيبِ « هيثم المالح » في سجنهِ وحيثما يكون ، وعلى كلِّ مواطنٍ حُرٍّ طاهرِ السيرةِ والسريرةِ قال كلمةَ حقٍّ ودفعَ الثمن ، وعلى كلِّ إنسانٍ حُرٍّ شُجاعٍ نبيلٍ يُدافعُ عن الإنسانِ ، وحرية الإنسانِ ، وكرامةِ الإنسان ، وحقوقِ الإنسانِ حيثما كانَ مِنَ الأرض ؛ فقضيّةُ الإنسانِ ، وحرية الإنسانِ ، وكرامةِ الإنسانِ ، وحقوقِ الإنسان ، هي قضيةُ البشر جميعاً جميعاً في هذا العالم والعصر ، وفي كلِّ عصر .