كفكف دموعك يا أخي

عبد الله الطنطاوي

كفكف دموعك يا أخي  

أجل يا أخي في العروبة والإسلام

كفكف دموعك من الآن

فالمقدّسات المنتهكة لا تؤمن بالدموع

والأرض المحتلة ترفض أيّ نوع من أنواع الضعف والخنوع

ورحم الله امرءاً أراهم العزة من نفسه

ورحم الله امرءاً يطأ منهم موطئاً يغيظهم..

يغيظ بني صهيون وعملاءهم وأذنابهم وأصدقاءهم..

وينال منهم نيلاً يذلّهم..

ويكتب له به عمل صالح.

لأنه جهاد

وأيّ جهاد أعظم من أن تدع الدموع لهم..

لأبناء القردة وإخوة الخنازير

لأوبش أوباش اللقطاء والشواذ..

لأوحش وحوش أوغلوا وما زالوا يوغلون في الجريمة..

قتلوا أنبياءهم في سالف الزمان

وما حلّوا بلاداً إلا أفسدوها

وفطيرهم مزيج من دماء الشعوب التي آوتهم..

ويا ويح تلك الشعوب ما أغباها

ويا لفطنة نصارى القدس الذين اشترطوا على أمير المؤمنين عمر، ألا يسمح لأقذر الشعوب بسكنى القدس الطاهر الشريف.

ويا ويل من استنام لعهودهم ومواثيقهم

* * *

أجل يا أخي

كفكف دموعك

ودع البكاء لعدوك..

دع الدموع لنسائهم وأطفالهم..

واصنع البسمات لنسائنا وأطفالنا..

فقد جفّت دموعهم من كثرة البكاء

ونزفوا الكثير من دماء الآباء والأبناء والأبرار..

وآن أوان الشدّ على أولئك اللئام

أجل..

هذا أوان الشدّ فاشتدي زيمْ

قد لفّك الليل بسوّاق حُطَمْ

ليس براعي إبل ولا غنمْ

ولا بجزار على ظهر وضمْ

قد لفّك الليل بعصلبيّ

أروع خرّاج من الدويّ

* * *

أجل

آن الأوان لترفع رأسك يا أخي

أن تنكّل بعدوك يا أخي..

أن تنزف دماء (جنرالاتهم).

أن تنزف دموع ثكالاهم وأراملهم وأيتامهم.

أن تزلزل الأرض تحت أقدامهم.

أن تغيّب أجسادهم في أجواف أرض تلظّى..

أن لا تترك للدود ما تقتات منها..

أن تجعل الغربان السود تأنف وتقرف من التحويم فوقها..

أن تجعل الرياح تذروها لتعمي عيون من بقي حياً منهم.

أن تجعل أحياءهم يسفّون منها.

* * *

كفكف دموعك يا أخي

وارفع رأسك عالياً

فأنت ابن شهيد

أو أنت أخو شهيد

وصعّر خدّك للخونة والمأجورين

من (الكبار) إلى الصغار

أولئك الذين هانت عليهم نفوسهم

هانت عليهم دماء قومهم

هانت عليهم مقدساتهم

هانت عليهم أعراضهم

أجل

هانت عليهم أعراضهم

حين هانت عليهم بلادهم

وحين هانت عليهم عروبتهم وإسلامهم

يا ويلهم

إذا كانوا أمنوا انتقام الأحرار

فهل أمنوا انتقام الملك الجبار؟

أم أنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر

أنستهم دنياهم وشهواتهم كل شيء..

إلا كأس ويسكي، وملء بطن، وسعار فرج..

يا ويل الصغار الدائرين في فلك (الكبار)

ويا ويل (الكبار) الذين باعوا نفوسهم لأبالسة يهود

لمومساتهم ودواعرهم

يا ويلهم.. يا ويلهم.. يا ويلهم..

فقد طفح الكيل

ولم يعد في قوس الصبر منزع

أجل طفح الكيل

والخونة والأجراء يقتلون في كل يوم من يقتلون من القادة العظام

أجل..

إنهم شركاء بوش وشارون فيما يفعلون

والشعب يعرف ما يفعلون..

ويعرف ما يقدّمون من خدمات

لأرعن البيت الأسود

ودبّ تل أبيب

من أجل كرسيّ ذليل

يدوسه الشوارين..

* * *

كفكف دموعك يا أخي

وارفع رأسك

ولا تقبل العزاء بشيخ المجاهدين والشهداء

أحمد ياسين

ولا بصقر فلسطين

القائد الشهيد عبد العزيز

وتقبّل التهاني

فقد كان لاستشهادهما روح عجيب يسري في نفوس العرب والمسلمين في كل مكان..

أجل.. في كل مكان..

ولن نعزي أنفسنا باستشهاد الأبطال الميامين.

ولن نعزي الشعب الفلسطيني الأسطوري في مقاومته وصبره وصموده

لن نعزّي الشعوب العربية المكبلة..

بل ندعو إلى تحطيم القيود والكبول

إلى الانطلاق في فضاءات الجهاد

فإما حياة تسرّ الصديق

وإما ممات يغيظ العدى

إما أن نكون

أو لا نكون

و يا غارة الله غذّي السير مسرعةً

في نصر أمتنا يا غارة الله..

ولا نامت أعين الجبناء

ولا قرّت نفوس الخونة والعملاء

وسلام عليكم أيها الشهداء في الخالدين.

عبد الله الطنطاوي