مقص الأديب
من عادتي ألا أمسك بصحيفة أو دورية إلا والمقص بيدي. أقتطع المقالات والدراسات والأفكار، الأقاصيص والقصائد والإبداعات، أحنو عليها أن تضيع في غمار المنشورة الدورية حيث تبقى كغريب بلا قبر، أو في قبر لا يمر عليه أحد!!
وبغض النظر عن هوية (الفكرة) أو طبيعة الموضوع، أو انتماء الكاتب، تجد نفسك مندفعاً
تلقائياً للاحتفاظ بكل ما يمثل بعض عصارة العقـل البشـري أو
أرتع أكثر في (بريد القراء) حيث الطاقات التي لم يحظ أصحابها بالاعتراف الكامل، أو بالتقويم المناسب من قبل موظفين قد أكلهم التعب والكلل في هذه الدورية أو تلك. ففي بريد القراء تجد التلقائية والمباشرة والصدق ونبض الشارع الحقيقي غير المتسربل بمصالح كاتب يتكئ على قلمه.
يستريح المنجل فقط عندما نوغل في صحافة الوطن !! حيث نادراً ما تصطدم العين بحقيقة ذات جدوى، أو بكلام ذي مغزى، ولو رفعت التاريخ عن أعلى اليومية لما شعرت بالفرق !!
لا أنكر أن في سورية عباقرة ومبدعين وأدباء ومفكرين لهم مكانتهم في مدار الفكر الإنساني والقومي والوطني، ولهم إبداعاتهم التي لا تخطئها أعين المتابعين، وأن هذه الإنجازات (كساري البرق) لا تكاد تلمحها العين إلا يغطيها ركام من سحاب الوهن والضعف والاستبداد.
أؤكد هنا أنني لا أتحدث عن هوية الكلام أو توجه صاحبه، وإنما أتحدث عن مغزاه، وأؤكد أيضاً أنني لا أعتبر الملق المزخرف المدهون بماء الوجه لكسب لقمة العيش كلاماً، نتمنى، في رابطة أدباء الشام أن يكون للأدب وللفكر وللصحافة في الشام روادٌ مبدعون كنصوح بابيل ، وبشير العوف ، وأحمد عسه ، ونجيب الريس ، ومحمد كرد علي ، وحبيب كحالة ، وعبد الغني العطري ، ومحب الدين الخطيب ، وعمر عودة الخطيب ، ومنذر السراج ، وأمثالهم من الكتاب الكبار الأحرار الذين لا يرتفع الوطن إلا بهم وبأمثالهم ... يعيدون زهو القبس والمنار و ألف باء واللواء والنذير والأيام والرأي العام وبرق الشمال والصرخة والشهاب والمضحك المبكي فقد غدا ضحكنا كالبكاء.
زهير سالم