ميشيل كيلو وأنور البني ورفاقهم في السجن

زهير سالم*

وساركوزي في دمشق ومعايير جديدة لإنسانية الإنسان

وملفات الإيرباص وشركة توتال هي الأهم

زهير سالم*

[email protected]

وبعد أيها الأخوة أو الزملاء أو الرفاق لا يهم ما تختارون لأنفسكم من سقف للعلاقة مع هذا الذي يكتب إليكم الذي رغم حديثكم عن أصوليته !! لا يحب أن يحرجكم وأن يحملكم من أمر العلاقة معه ما لا تطيقون أو تريدون  ...

وبعد أليس هذا الذي تنطق به زيارة الرئيس الفرنسي وكل من يختفي خلفه هو جوهر الخلاف بيننا وبينكم ؟! وهو محور الجدل بيننا ومثاره ؟! حين تطالبوننا أن نكون – مثلهم – فنجرد السياسة من الدين !! فنقول كما قال عضو في الاتحاد الأوربي – المتحضر جدا والليبرالي جدا – إن ميشيل كيلو ، مثلا  وعذرا من العزيز ميشيل ، باعتبار اسمه أو انتمائه الديني يستحق السجن لأنه مسيحي فقط مسيحي !! أو ليس هذا ما قرره الدبلوماسي الأوربي عديم الأخلاق والذوق وهو يسوغ اعتقال العزيز الحبيب أنور البني لأنه إسلامي أصولي !! دون أن يدري الكاهن العلماني المغفل أن أنور البني مسيحي حر من أحرار الشام العظيم !!

أعزائي ميشيل وأنور ألا ترون أننا حين نجرد السياسة من الدين فإننا نجردها من الأخلاق أيضا ؟ ! وحين نجرد السياسي من الأخلاق يصبح دوره العالمي دور سمسار جشع هدفه الأول والأخير جني الربح ، حيث لسماسرة السوق وصاياهم العشر التي بها يلتزمون !! السمسار الذي لا يشعر بالحياء ، ولا يتردد عند الفرصة ، ولا يؤمن بغير العدد والمعدود. وكل عظمة مبادئه – إن كانت أصلا - تصبح أضغاث أحلام أو رافعة تحت قدميه ؛ شأن مبادئ الثورة الفرنسية العظيمة تحت أقدام ساركوزي وهو يدلف إلى دمشق وفداء الحوراني وميشيل كيلو وأنور البني وعلي العبد الله ورياض سيف وتيسير العيتي وشباب بعمر الزهور يحصدها القانون 49 في أعماق الزنازين !!

الأعزاء ميشيل وصحبه !! أختصر الكلام لأقول لكم نحن مع توافقنا واتفاقنا لا نختلف على غير هذا الذي تعيشون وتعايشون . هذا النهج الذي يسمح لساركوزي أن يدوس كل ما قرره الأحرار الفرنسيون في تاريخ  فرنسة الحافل بالأفكار وبالرجال وبالنساء أيضا . والنهج الذي يسمح لقائد من قادة الاتحاد الأوربي ومتحدث في أعظم ناد للسياسة الدولية أن يسوغ سجن أنور البني بسبب انتماء ديني موهوم  !! لا بسبب ما جنته يداه !! أسألكم بكل ما به تؤمنون ماذا أبقى هذا لكهنة محاكم التفتيش؟!(**)

ساركوزي وهو يطأ أكتافنا وجماجم شهدائنا إنما يطأ في الحقيقة كل ما أنجبته الثورة الفرنسية أو دبجه جان جاك روسو أو مونتسكيو وكل ما مثلته جان دارك والأحرار الذين ضحوا ضد النازي و ضد عمالة فيشي لتكون فرنسة النور والحرية معا .

السجن بكل مآسيه هو مساحة للتأمل وفرصة لمراجعة الأفكار ومع إدراكنا أن قضيتكم هي قضيتنا ، وأن ديننا الذي منه نستمد أخلاقنا ومواقفنا وسياساتنا أيضا الذي يفرض علينا البر والقسط بكل إنسان مهما كان دينه وعرقه هو الذي يفرض علينا أن ننتصر للمظلوم وإن كان اسمه ميشيل أو موشي ، هذا البعد الأخلاقي في السياسة هو الذي  نرجو أن نعيد التفكير فيه معا  أن نفكر معا بمعنى أن تكون السياسة بلا دين والإنسان بلا أخلاق ورئيس الدولة مدير شركة عظيمة ولو كانت في حجم توتال أو الإيرباص .

 قبل زيارة ساركوزي ، وأنتم رهن الباستيل الذي تعيشون ، كنا نظن كما كنتم تظنون أن فرنسة أعظم من شركة تجارية وأن قضاياها أكبر من ملفات يحملها سمسار.

              

(*) مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

(**) دافع عضو في الاتحاد الأوربي عن النظام السوري في اعتقاله لأنور البني بأن أنور البني أصولي إسلامي علما أن أنور البني مناضل سوري يدين بالمسيحية التي خرجت هي الأخرى من بلاد الشام لتعلم الناس التسامح والحب.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية