بشار الأسد وهستيريا اليأس

زهير سالم*

فاجعة حلب تستنطق ديمستورا

والخليون على منصات المسئولية هجع

زهير سالم*

[email protected]

أثرت المجزرة الدموية الفاجعة ،التي ضربت مدينة حلب وريفها ولاسيما في مدينة الباب بكل قسوتها وبشاعتها ، والتي بلغ ضحاياها مائة وأربعين إنسانا ؛ في ضمائر الغرباء ، واستنطقت الوسيط الدولي ديمستورا حتى أصدر بيانا في استنكارها ، وشجبها ، فأعلن للعالم أجمع ( أن هذا القتل العشوائي ) الذي يمارسه بشار الأسد ( غير مقبول ) .  هذا بينما لم تؤثّر هذه الفاجعة في جنب البعض ، ولم تهز لهم شعورا ، ولم تستدر من محاجرهم دمعة ، ولم تحفزهم ، وقد صادروا منصة الفعل والقول ،  إلى مبادرة ، ولا إلى تعبير يتعاطفون به مع المصيبة ، ويتوجعون بكلمة طيبة للموجوعين ، ويستنكرون على مجرم ، ويدينون الجريمة الفاجعة التي ذهبت في يوم واحد يحياة الكثيرين  !! انتظرنا فلم نسمع إدانة  ولو شكلية ، على طريقة ديمستورا الذي أحرجته الجريمة فأنطقته ، ولم تحرج المدعين فظلوا في غيبتهم سادرين !!

 نقول للشامتين في حلب وأهلها ، المتلذذين بجراحها ، المتخاذلين عن نصرتها ، على مدى خمس سنوات ، أقصروا من غي ، وأفيقوا من غفلة ، وتأملوا الصيرورة ..

فقل للشامتين بنا أفيقوا ..سيلقى الشامتون كما لقينا

وإن الذي تقتضيه القراءة السياسية لواقع الهجمة على حلب ، التي وقعت فريسة بين مخالب أشرار كثر، يعملون على محاور كثيرة ، ويحتلون منصات عديدة ، يؤكد علينا أولا التحذير من أن بشار الأسد ومحازبيه الإقليميين والدوليين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية قد أرادوا أن يجعلوا من استكمال تدمير حلب ، والقضاء على من تبقى من أهلها ، مدينة وريفا ، مدخلا إلى إعادة الاعتبار إلى القاتل المبير بشار الأسد الذي بدأ يترنح عمليا تحت ضربات الثوار على كل الجبهات ...

وهكذا فقد أسندوا إلى المجموعة الآثمة الغارقة في الجريمة والجهل اليوم  نيابة  عن الإرهابي الأول مسئولية قطع طرق إمداد حلب ، وتقتيل أبنائها ، وإشغال مجاهديها عن واجبهم الأساسي ( استكمال تحرير المدينة ) ، في الوقت الذي تتراجع هذه المجموعة  ، ( وبأمر آمر  ) ، أمام القوى الشيفونية المتعصبة المتحالفة مع بشار الأسد في شرق سورية ، في مخطط لتحويل سورية كلها إلى مسرح لصراع ،  يصعب احتواؤه في حال آثر القاتل المبير ، الاعتزال في صومعته في القرداحة أو في طرطوس، مستقيلا من القتال ، تاركا مهمة قتل السوريين ، ولا أريد أن أقول اقتتالهم ، إلى كل الأدوات الرخيصة التي تحركها المآرب الرخيصة ، والإرادات الشريرة ، ويمكّن لها التراخي والغياب والعجز ...

لقد ظللنا نكتب في مثل هذا المقام ، أن المواقف الصعبة لا تعالج بشجب ولا بتنديد ولا بإدانة حتى آل أمرنا  أن أصبحنا نتطلع إلى إنجاز عظيم ينجزه أصحاب القرار من الشجب والتنديد والإدانة .  فقد غدا مثل هذا ( الإنجاز ) مطلبا جُساما ، وعظمت الصغائر ، فغص أصحابها  بالماء إذ يشربونه ، وعجزوا عن الهواء إذ يتنفسونه . وقديما كانوا يقولون ( لقمة أكبر من شدقين ) ..

ومع دلالة الشجب والاستنكار وأهميتها في الموطن الذي نحن فيه ، الشجب والإدانة الذي نعلنه ليس لنتدارى به بل لنشمل به أيضا صمت الصامتين وتغافل المتغافلين ، نعود لنؤكد أن الشجب والاستنكار لا يغني من الحق شيئا . وأن الدور المنوط بأهله ، يقتضي منهم  حضورا دائما ، وقلبا ذكيا ، وأنفا حميا ، وعقلا وقادا يرد مكر أهل المكر ، وكيد أهل الكيد  ...

متى تجمع القلب الذكي وصارما .. وأنفا حميا تجتنبك المظالم

إن منصات القرار ليست حشايا للنائمين ، ولا أرائك للمتكئين ...احذروا تشنجات المصروع اليائس بشار فهو إن وجد نواما ذبح وانتهك ، ولا تعتذروا بالعجز  ( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ) ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية