الدور الذي يقترحه كيري للمعارضة السورية (المعتدلة)

زهير سالم*

الدور الذي يقترحه كيري للمعارضة السورية (المعتدلة)

بل نقول: أعينونا على إسقاط المستبدين

يسقط تلقائيا المتطرفون

زهير سالم*

[email protected]

لم يمض سوى أيام على تصريح الرئيس الأمريكي المثير للجدل : ( من غير الواقعي تصور وجود معارضة سورية معتدلة قادرة على إسقاط بشار الأسد ..) حتى سمعنا الخبر النقيض ( أوباما يطلب من الكونغرس تخصيص مبلغ 500 مليون دولار لتدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة ) ، و رأينا وزير الخارجية الأمريكي يكر راجعا إلى المنطقة قاصدا العربية السعودية بالذات لبحث ملف مجريات المشهد العراقي واستحقاقاته ، وكذا ملف ( المعارضة السورية المعتدلة وطرق دعمها )!!

اعتبر البعض هذا التناقض في الموقف الأمريكي نتيجة اضطراب السياسة الأمريكية ، وعدم وضوح الرؤية لدى الرئيس الأمريكي وصناع سياساته على السواء ، إلا أن الإحاطة بالمشهد الأمريكي من كل جوانبه تقودنا في اتجاه آخر لحقيقة ما يريده الأمريكيون

فالذي أعلنه الرئيس الأمريكي عن طوباوية إمكانية دعم معارضة سورية لإسقاط بشار الأسد لا ينجر بالتأكيد على إمكانية تجنيد معارضة سورية معتدلة عن طريق شيخ الائتلاف الوطني ( وشيخ هنا بالمعنى العشائري ) في خدمة المشروع الأمريكي الأساس ( التصدي لقوى الإسلام السني في المنطقة ) تحت عنوان التصدي ( لداعش ) . فالشيخ الجربا بعشيرته العربية الكبرى الممتدة عبر الجغرافيا العربية ( سورية والعراق والعربية السعودية والأردن ) يمكن أن يكون له دور – حسب الرؤية الأمريكية - في توظيف المعارضة السورية في خدمة المشروع الأمريكي أي في حرب القوى السنية المقاومة للمشروع ( الأمريكي – الصفوي ) في المنطقة ، و التي تم اختصارها بفعل الجهد المكثف للأمريكيين والروس والإيرانيين والمالكي وبشار الأسد ‘ بمسمى مضخم هو داعش ..

يجب أن نوضح  أن حديثنا عن هذا الدور الذي رُشحت المعارضة السورية ( المعتدلة ) له ، ليس تحليلا لكاتب هذا المقال ، بل هو الدور الذي اقترحه السيد كيري وزير الخارجية الأمريكية على المعارضة السورية بعد لقائه السيد الجربا في جدة حسبما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية وتناقلته العديد من الوكالات ووسائل نقل الأخبار يقول كيري ( بإمكان المعارضة السورية المعتدلة أن تصد هجوم داعش في سورية وفي العراق أيضا ) ( وبإمكان الرئيس الجربا عبر عشيرته الممتدة من سورية إلى العراق أن يساعدنا في ذلك ) ..

وظيفة جديدة ، أو دور جديد تقترحه الإدارة الأمريكية على المعارضة السورية ( المعتدلة ) او المنضوية تحت لواء الائتلاف الوطني وملحقاته ، لم نسمع من الطرف الذي عرضت عليه المهمة حتى الآن موقفا منها . ومن أجل هذه المهمة ، وليس من أجل إسقاط بشار الأسد ، يقترح الرئيس أوباما على الكونغرس تخصيص 500 مليون دولار لدعم تدريب وتجهيز المعارضة السورية المستعدة للقيام بهذه المهمة ...

وفي ظل الصمت المريب الذي لاذ به العديد من القوى السياسية السورية ولاسيما تلك التي ما تزال منضوية في الائتلاف الوطني لا بد من توضيح موقف وطني إزاء العرض الأمريكي المهين ...

أولا لقد ثار الشعب السوري من أجل مشروع وطني يسعى إلى تحقيق العدل والحرية والكرامة الإنسانية في حياة كل السوريين . والثوار السوريون ، ليسوا مرتزقة ، ولا هم قتلة مأجورون في مفهوم الثقافة الأمريكية ، وهم حين يقبلون مساعدة ما من أجل تحقيق مشروعهم الوطني فإنهم إنما يقبلونها في إطار ما كفله القانون الدولي للشعوب المضطهدة من حق الدفاع عن نفسها وتحرير إرادتها وليس مقابل تقديم أي شكل من الخدمات في مشروع الآخرين ...

ثانيا - إن المفارقات الكبرى بين المشروع  الثوري في آفاقه الوطنية السورية وفي أفقه الإسلامي المعاصر ؛ أيضا وبين مشروع قوى التطرف في تمظهراتها المختلفة أكبر من أن نشير إليه . وإن عمليات التمويه بالخلط والدمج هو بعض المؤامرة التي يحاول البعض تمريرها  على شعوبنا الثائرة المتطلعة إلى العدل والحرية ...

ثالثا إن صمت ما يسمى المجتمع الدولي ، والدول الكبرى ، وخاصة ما يسمى منها ( العالم الحر ) عن ارتكابات إيران وبشار الأسد والمالكي وحسن نصر الله على مدى عقد من الزمان ، أوجد في منطقتنا وضعا شديد التداخل والتعقيد ، وإننا نعتقد أن الاندفاع إلى في مخطط فرز القوى على قاعدة  أن طلاب الحقوق من أبناء السنة في هذه الدول هم من المتطرفين المحسوبين على هذه المنظمة أو تلك من المنظمات المتطرفة والإرهابة هو نوع من الاختباء المباشر في المشروع الصفوي الإيراني . بل هو نوع من الانخراط المباش فيه .

نحن ، بكل وضوح وحسم ، ضد كل أشكال التطرف والإرهاب .. ولكن هذا لن يمنعنا ان نؤكد أننا ضد إرهاب وتطرف المتسلطين من أمثال بشار الأسد والمالكي وكل الممسكين بمقدرات أمتنا ودولنا وشعوبنا ثم يستعملون كل هذه المقدرات في العدوان علينا وقتلنا وتشريدنا وفبركة الااتهامات لنا ...

نحن ، بكل وضوح وحسم ،  ضد كل أشكال التطرف والإرهاب ..ولكن هذا لن يمنعنا أن نؤكد أننا ضد كل قوى الهيمنة والنفوذ والاستحواز التي تمكر ليل نهار بشعوبنا وبمشروعنا النهضوي وبثقافتنا وصوصيتنا  وحاضرنا ومستقبلنا ...

نؤمن إيمانا يقينيا لا شك فيه ، أن كل هذه المنظمات المتطرفة والإرهابية التي تشيرون إليها بأسماء وألقاب مختلفة ما هي إلا الظل المباشر لمشروع الهيمنة الذي يقوده الولي الفقيه ، وهي أيضا الظل المباشرلمشروع الاستبداد والفساد الذي يقوده بشار الأسد في سورية والمالكي في العراق...

جوابنا على عرضكم سيد كيري : أعينوا هذه الشعوب على ظالميها ، أعينونا على إسقاط بشار الأسد في سورية ، وعلى إسقاط المالكي في العراق ، ونحن كفيلون بأن يتساقط تلقائيا كل هؤلاء الذين تطالبون بتحويل معركتنا عن محورها الرئيسي إليهم ...

مشروع خمنئي وبشار الأسد والمالكي بكل أبعاده هو العود وهؤلاء الذين تسمونهم بالمتطرفين والإرهابيين هم ظله ..

أسقطوا العود يسقط ظله في ثقافتنا تعودنا أن نقول : متى يستقيم العود والظل أعوج .

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية