أيها السوريون احذروا ... تحت إشراف الأمم المتحدة تمت جرائم العصر الكبرى

زهير سالم*

في رواغ العقول والقلوب ، فيما يمكر به الروسي والأمريكي اللذان ينسقان معا في سماء سورية الحبيبة لتوزع الحصص من دماء السوريين أطفالا ونساء شيوخا وشبابا ، كما ينسقان معا على مقاعد المكر في فيينا وبحضور ثالثهم في الإثم والشر الإيراني ، تتحدث المقررات الخادعة عن الصيرورة إلى انتخابات في سورية الحبيبة ، بعد ما يسميه الأشرار المتواطئون ( المرحلة الانتقالية ) ، التي تعني الشراكة الضيزى مع عصابة القتل والإجرام . وزيادة في التمويه والتمييع يقرر الشريران الأكبر في العالم أن تتم الانتخابات الموعودة تحت إشراف ما يسمى ( الأمم المتحدة ) فعن أي شر يتحدث خطير يتحدث هؤلاء الماكرون .

 وكان حقيقا بمن يتولون أمر تمثيل هذه الثورة العظيمة الجميلة المباركة ، أن يبادروا ليشرحوا للمواطن السوري حقيقة هذا (الإشراف ) وطبيعته وتجاربه الواقعية منذ أن قامت هذه المؤسسة ، التي أخذت على عاتقها تغليف باطل أهل الباطل المستند إلى القوة بزخرف الشرعية الدولية التي لم تحي في يوم منذ تأسيسها حقا ولم تمت باطل ..

احتفل العالم منذ أيام قريبة بالذكرى السبعين لقيام هذه المؤسسة الخداج ، التي أُسست على شفا جرف من احتكار القرار والصواب فكانت في عقودها السبعة مثل السوء لكل شر أصاب المستضعفين في الأرض كل الأرض .

لقد كان بلدنا الصغير سورية من الدول المؤسسة لهذه المنظمة الدولية ، واليوم وإذ ترمي هذه المؤسسة سكينها على حلق شعبنا، بعد أن تخلت عنه على مدى خمس سنوات يقتل وينتهك ويشرد ؛ فإن بعض الحق المطلوب من الرائد الذي يقبح أن يكذب أهله ، أن نقرأ على هذا الشعب الثائر والمبتلى بعض أسطر من دلالات الإشراف الدولي وتجاربه وإنجازاته .

إن منظمة الأمم المتحدة أيها السوري الحر النبيل..

كانت كما تعلم وتذكر ولا تنسى هي المنظمة الأكثر فحشا في التاريخ الإنساني يوم كانت أداة مع سني تأسيسها الأولى لشرعنة قيام الكيان السرطاني المغتصب لأرضنا والمشرد لإنساننا . الأمم المتحدة ، التي يدعونها اليوم لتكون حارسا على حقك في وجودك وحاضرك ومستقبلك ، هي التي أقرت تقسيم فلسطين . وشرعنت اقتلاع الإنسان الفلسطيني من أرضه وتشريده تحت كل نجم وتوطين ، أناس لا يمتون إلى هذه الأرض عليها . فأي عاقل يتوقع أن تكون الأمم المتحدة أكثر عدلا وإنصافا ومراعاة لحق الإنسان السوري منها مع شقيقه الفلسطيني ....؟!

الأمم المتحدة أيها السوري الحر النبيل ..

هي المنظمة التي كانت حاضرة في 1994 وبشخص نائب أمينها العام ( كوفي عنان ) مع قواته الأممية والبلجيكية ، التي كانت حاضرة صامتة متفرجة يوم تركت لهستيريا القتل في رواندا أن تبلغ مداها . وتركت لقبائل الهوتو أن يقتلوا ثماني مائة ألف إنسان من التوتسي في غضون مائة يوم فقط . يقول المحللون إن الفارق بين ما جرى في رواندا وعلى شعبها وبين ما يجري في سورية وعلى شعبها هو في الزمن الممتد هنا والزمن المتسارع هناك . ويؤكدون أن الزمن الممتد يعني أن الصامتين على جريمة البراميل الأسدية متواطئون معها ، أو مستمتعون بها .

في رواندا صمتت قوات الأمم المتحدة ، وتفرجت ، واستمتعت بذريعة أنه ليس هناك أوامر أو تعليمات ، واليوم تصمت الأمم المتحدة وتتفرج وتستمع في سورية هنا بحجة أنه ليس هناك توافق دولي ...

غياب التوافق الدولي عن لجم جريمة حرب الإرادة يعني بمفهوم المقابلة الاسترسال في دعم مشروع هذه الجريمة أو الصمت عنها . وفي السياق نفسه يجب أن نذكر كي لا ننسى غض الصمت والفرجة عن وعلى قتل وذبح وحرق الروهينغا من المسلمين على أيدي البوذيين الوادعين المسالمين ؛ فأي عاقل يقبل ؟! وأي عاقل يثق ؟! وأي عاقل يطمئن ؟!

والأمم المتحدة أيها السوري الحر النبيل ...

وفي سنة 1995 وفي عهد أمينها العام أيضا ( الإيجبتي ) بطرس غالي كانت حاضرة صامتة متفرجة ، بل كانت شريكة في عملية ذبح 8000 ثمانية آلاف مسلم في سربيرنتيشا الشهيدة ..

سربيرنتيشا التي وثق شبابها ، كما يريدونك اليوم أيها السوري الحر الجميل أن تثق ، وسلموا أسلحتهم للمنظمة الدولية كما يخططون لك ، ويراودونك عن ثورتك لتفعل ؛ وإليكم – أيها السوريون - شذرات من الحكاية المدمسة بالدم ...

ففي عام 1993 أعلنت منظمة الأمم المتحدة مدينة سربيرنتيشا منطقة محمية وآمنة تحت إشراف قواتها . وفرزت لحمايتها كتيبة هولندية كاملة من 400 مائة جندي ..

وطالبت سكان سربيرنتيشيا أن يثقوا بحمايتها ، وبزرقة قبعات جنودها ، وأن يسلموا أسلحتهم لها ، كما قد يطلبون منكم أيها السوريون الأبطال واسمعوا إلى أين وصل بمن وثق بالأمم المتحدة المسار ..

وثق المسلم الطيب ، بل المغفل، بالقبعة الزرقاء ، وسلم حراس المدينة من شباب البوشناق المتطوعين أسلحتهم ، وارتاحوا إلى أمان الأمم المتحدة اللازوردي .. وبعد أقل من عشرين شهرا - أيها السوريون الأبطال - أي في شهر تموز من عام 1995 تقدمت ميليشيات (العقارب الصربية ) وهذا هو اسمها الحقيقي ، كما لوكنت أقول لكم الميليشيات الأسدية أو الحزبلاوية أو الإيرانية الطائفية نحو المدينة الصغيرة ، ووقف أصحاب القبعات الزرق يتفرجون بل يستمتعون ؛ لقد بلغ بهم الحقد والنذالة أن رفضوا إيواء من آوى إلى ثكنتهم من نساء وأطفال . بل والأبلغ في الدلالة على ما لا أريد أن أسميه رفضوا إيواء موظفين مترجمين من العاملين معهم وفي خدمتهم بل أسلموهم إلى الذبح وهم يبتسمون ..

تقدمت ميليشيا العقارب الصربية ، تحت إشراف قوات الأمم المتحدة والكتيبة الهولندية لا تنسوا هذا ، نحو المدينة الذبيحة ، ومرة أخرى تستطيعون إعادة تصورها وتسميتها من جديد : أسدية ..إيرانية .. حزبلاوية .. روسية . .. وعزلوا الرجال من سن الرابعة عشرة وحتى الخامسة والخمسين فأبادوهم جميعا وجنود الأمم المتحدة يتفرجون . والتفتوا إلى النساء يغتصبوهن في حملة منظمة ممنهجة أمام ذويهم من الأطفال والشيوخ وجنود الأمم المتحدة يستمتعون ...

تحت إشراف الأمم المتحدة وقواتها ورجالها تم كل هذا في سربيرنيتشا ومثله بل وأكثر منه في سورية يمكن أن يتم .

 أيها السوريون الأبطال الأحرار

سيحدثكم الكثيرون غير هذا الحديث ، وسيعدونكم وعودا أخرى كما وعدوا شباب سربيرنتيشا من قبل ، سيقولون لكم فن الممكن ، والإرادة الدولية ، والخطوة خطوة ، والعالم الحر ، والرأي العام العالمي ، والأمم المتحدة فاحذروا ، احذروا أن تكون لحوم جزار ، وحصاد مستحصد وقد خدعكم المناورون عن سلاحكم ..

ثمانية آلاف إنسان حصدوهم في سربيرنيتشا في أيام معدودات وكان جرح الشرف والكرامة على الحرائر أقسى ..

وفي اجتماع مغلق لمجلس الأمن في 10 / آب / 1995 أي بعد شهر من وقوع المجزرة ، عرضت (مادلين أولبرايت) في جلسة مغلقة في مجلس الأمن صورا ملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية يظهر فيها مكان دفن القتلى المسلمين . وبالتحقيق تم العثور على ثلاث وثلاثين جثة فقط . كان الموقع الذي أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية للتضليل نعم لمجرد التضليل وكان هذا هو رأي المحققين والمتابعين..

لتكتشف بعد ذلك المقابر الجماعية واحدة بعد أخرى .و يعتقد الكثير من المحققين منهم جورج بمفري أن الحكومة الأمريكية كانت متورطة . وأن كلينتون سارع للتدخل ليغسل آثار الدم عن يدي حكومته ..

وبقية الحكاية أنه في 8 / تموز 2015 / استخدمت روسية حق النقض ضد قرار يصف ما جرى في سربيرنتيشا بأنه مجزرة جماعية ...!!

أيها السوريون الأحرار الأبطال ..

 إلى هذا المصير يريدون أن يجروكم . ومن كان سلاحه بيده كان قراره بيده . ومن كان قراره بيد غيره كانت حياته وموته رهن إشارة الآخرين .

أيها السوريون الأحرار الأبطال ...

لقد حملتم السلاح دفاعا عن العرض والنفس عن اليوم والغد ، وكان هذا القرار قراركم أخذتموه بمحض إرادتكم ولن يغفر لكم الجزار ذلك القرار ما بقي ، إن بقي ..

احزموا أمركم ، ولا تجعلوه عليكم غمة ، ووحدوا صفكم ، وتوكلوا على ربكم ، فقد أزفت والله على أرض الشام الآزفة ، ليس لها من دون الله كاشفة ، ووالله ما جمعهم على أرضكم وفي سمائكم إلا حرص يقتلهم على إنقاذ عدوكم فلا يغرنكم أن تسمعوهم يتباكون عليكم ، وعلى ما حل بكم وفي دياركم ..

ولو كانوا تهمهم دماؤكم أو تشردكم أو دمار دياركم لمنعوه أولا أن يقع ، ثم لتداركوه ثانيا قبل أن يتمادى ، ثم لوضعوا له حدا قبل أن يعم ويطم ..

قالوا : نتركهم ينهكون بعضهم ، فلما رأوكم أنهكتموه وما تزال همتكم تزيل الجبال الرواسي هبوا من كل حدب ينسلون ، حرصا على بقاء ( قدار) ورهطه رهط الجريمة ، وقوم سدوم في أنواع من الكبائر والفواحش ما سبقهم بها أحد من العالمين ...

على أرض الشام ننادي على كل من آمن بالله ربا أن ينخلع من هوى ومن مأرب ، وأن يتجرد لتكون كلمة الله وحده هي العليا لا كلمة تنظيم ولا دولة ولا كتائب ولا ألوية متفرقة أيدي سبا ...

أيها السوريون الأحرار الأبرار

تحت إشراف الأمم المتحدة جرت كبرى جرائم العصر فاحذروا أن تكونوا بعض ضحاياها . الطريق صعب والخاذلون كثر (( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )).

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية