نداء مفتوح ... الصامتون عن تجويع أطفالنا أعداء وليسوا وسطاء ..

زهير سالم*

أيها السوريون :

انفضوا أيديكم من الخاذلين وانفضّوا عن كل المتخاذلين

إلى السوريين السوريين ...

إلى المجاهدين والمناضلين ...

وإلى كل من هو بين السطرين العريضين من مجاهدين ومناضلين في كل أحزابهم وجماعاتهم وتجمعاتهم ،انتهاء بالمجلس الوطني والائتلاف الوطني ومن كان حشوهم ، واصطف حولهم أو طاف بهم من يمين أو يسار...

وغاية النداء المبثوث تحميل المسئولية التاريخية أمام الله ثم أمام الأجيال ... فقد بلغ السيل الزبى ، وجاوز الحزام الظبيين ، وطمع في سورية حتى عدا عليها من لا يطمع في الدفع عن نفسه ...

ولقد بلغ تواطؤ ما يسمى بالمجتمع الدولي ، مع زمرة الجريمة والعار المستبدة بوطننا مداه . وتجاوز كل حد . ولم يتركوا جريمة من جرائم الحرب المنصوص عليها في قوانين أخلاقيات الحروب ، أو مواثيق حقوق الإنسان ؛ إلا وارتكبوها . لم يوفروا سلاحا تصل إليه أيديهم إلا واستخدموه ، لم يبق شرير يسعفهم في مطلبهم إلا وغمس يده في دم شعبنا ، وحاول الالتفاف على ثورة شبابنا لئلا يعيشوا أعزة كراما .

أيها السوريون ..السوريون

 نتابع منذ خمس سنين فصولا من جرائم الحرب يرتكبها أعداء سورية ضد إنسانها البريء ؛ فقصف المدنيين بالسلاح الثقيل جريمة حرب ، وبالطيران الحربي جريمة حرب ، واستعمال الأسلحة العشوائية ضدهم جريمة حرب، واستعمال الغازات السامة جريمة حرب ، واستعمال القنابل الفراغية والعنقودية جريمة حرب ، واستعمال سلاح الحصار والتجويع جريمة حرب ، واستهداف المدنيين على الخلفية الدينية والمذهبية جريمة حرب ، وتهجير السكان من مساكنهم جريمة حرب، واستهداف المساجد والمدارس والمستشفيات جريمة حرب ، وتعذيب الناس في المعتقلات والسجون حتى الموت جريمة حرب ...

فأي جريمة حرب لم تستخدم حتى اليوم بحق شعبنا لتركيعه وتطويعه وكسر إرادته .... نعلم كل هذا ونقر به ثم نقف بأبوابهم طلبا لعدل وحرية وكرامة إنسانية ..فأين تذهبون ؟!

أيها السادة المبجلون ...

لقد تكشف الموقف الدولي والإقليمي في سورية عن خذلان للشعب السوري على كل المستويات . وها هم أهلونا ، أخواتنا وإخواننا وبناتنا وأبناؤنا ، يواجهون اليوم حرب إبادة جديدة عاتية متغطرسة يشترك فيها ويدعمها ويتواطؤ عليها كل أشرار العالم وأعداء الإنسانية في الإنسان . ويحاصرون بين خياري القتل أو التهجير ، فإن هاجروا حوصروا في العراء ، وتركوا للبرد والجوع والأذى والضمير العالمي وادع هاجع . في وطننا اليوم تعانق جريمة الحرب الروسية جريمة الحرب الإيرانية لتكملا ما عجزت عنه جريمة الحرب الأسدية ، يمضي كل ذلك بمباركة أمريكية ..فكيري ، كما صرح ، غير مستعد لمنع روسية من ارتكاب حرب تطهير دينية وعرقية ومذهبية تهدف إلى تغيير الديمغرافيا أو الجغرافيا ..وإن تم لهم هذا لا قدر الله فسيكون صمت الصامتين ، واسترسال المسترسلين شراكة في الجريمة ، تحسب عليهم ، وتنوء بها ظهورهم ، مهما حسنت نياتهم وطابت سرائرهم ، فلينظر امرؤ أين يضع قدمه !!

أيها السوريون ...السوريون :

إرهاب مشرعن ... وإرهاب مذرعن

لقد كان التعسف الدولي في تعريف ( الإرهاب ) ، وإسقاط مفهومه على خلفيات دينية ومذهبية وطائفية وعرقية ، أول الجور في تنبيه الغافل ، وإيقاظ النائم . لقد شرعنوا على الأرض السورية كل إرهاب مارسته الميليشيات الشيعية ( لبنانية وعراقية وإيرانية وباكستانية وأفغانية) ، كما شرعنوا إرهاب وبغي وعدوان ( وحدات حماية الشعب ) العميلة ، ولا أريد أن أصفها بالكردية ، شرعنوا إرهاب كل هذه الميليشيات وهي تمارس القتل والتهجير والتطهير والغدر والإثم والخيانة . شرعنوا هذا على الأرض السورية ، كما شرعنوا كل إرهاب الحشد الشعبي على الأرض العراقية والحشد الحوثي على الأرض اليمنية ولم يكتفوا بشرعنة هذا الإرهاب فقط بل دعموه وأيدوه وأمدوه وبسطوا له البسط المضرجة بدماء أطفالنا ليدوس عليها ..

ومقابل ذلك اتخذوا من ارتكابات بعض المتطرفين من الحمقى والموتورين ، الذين كانت لهم اليد الطولى في إلباسهم لباس إبليس ذريعة لمصادرة حق الشعب السوري في العدل والحرية والعيش الكريم .

 ذريعة عملوا عليها أولا ، ثم اختبؤوا وراءها ليعملوا فينا مكر الليل والنهار ، وإذا انطلت هذه اللعبة الشريرة على كل خلق الله على هذه الأرض فلا يجوز أن تنطلي على سوري حر شريف ..

أيها السوريون السوريون ...

نعلم أن مواجهة الحقيقة صعب . ولكن الاعتراف بالحقيقة لا بد منه لسلوك طريق الصواب . الاعتراف بالحقيقة ومواجهتها بالعزيمة والوعي والحكمة هو أول طريق الخلاص .

إن كل العقلاء الراشدين يؤثرون العافية على الابتلاء ، والسلام على الحرب ، والحل السياسي على الحل العسكري ؛ ولكن هل ترك بشار الأسد ومن ورائه الإيرانيون والروس ومجلس الأمن الدولي للسلام فسحة ، وللحل السياسي فرصة ؟!

 كل العقلاء من أبناء الشعب السوري الذين يقرؤون المعطيات بعين الواقع وليس بعين الأماني ، يدركون أن ما صدر عن مجلس الأمن الدولي تحت رقم 2254 يقود إلى تكريس الظلم والعدوان ، وضياع حقوق السوريين . وهدر دماء شهدائهم ، وإعادتهم إلى مربع الظلم الأول ، بل إلى ما هو أشد وأنكى من مربع الظلم الأول . ومهما موهوا من عناوين وزخرفوا من وعود ...

أيها السادة المبجلون .

في مناخ واقعي وسياسي كل ما فيه عدمي مذل ، يُقتل فيه السوريون ، ويشردون قصرا وقهرا عن ديارهم ، وتستهدف فيه مدنهم وبلداتهم وقراهم ومساجدهم ومدارسهم وأسواقهم ومراكز تجمعهم ، هل يبقى من الحكمة والكياسة والسياسة في شيء المضي مع مخطط القتلة المجرمين وداعميهم ومؤيديهم والمتواطئين معهم إلى حيث يريدون ...

أيها السوريون ...السوريون :

إن كل ما يريده منكم الأمريكي ولفيفه منح الشرعية لقاتل أهليكم ومستبيح أعراضكم ومدمر دياركم ، وغفران ذنبه ، وإضفاء تهمة الإرهاب على كل من قاتله أو قاومه بعزة وشرف ..

أيها السادة المبجلون ...

لقد كان العجز دائما ضجيع أصحابه وخيارهم، وما خلق الله الناس يوما عاجزين ..

وإن الرجال الرساليين في كل الأمم والشعوب هم رجال ملتزمون ، ولم يكونوا ولن يكونوا يوما مكلفين أو موظفين . وإن الرجال والنساء الملتزمات والملتزمين لا يُعينون ولا يقيلون ولا يستقيلون ولا يُقالون ولا يملون ولا يتعبون.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية