الأقصى والمصحف والكعبة والمسجد النبوي!

د. محمد أبو زيد الفقي

 ما حدث للمسجد الأقصى في الأيام الماضية يعتبر في إطار الرؤية المستقبلية تجربة لها ما بعدها، فالقضاء علي مقدسات المسلمين دينا، وأماكن للعبادة، لا يزال هدفا لأعداء الإسلام.

وفي عام 1625 ميلادية، عند عودة القوات البرتغالية من أمريكا الجنوبية أمرت هذه القوات وهي في عرض البحر بالاتجاه شرقا لاحتلال الفلبين وما حولها، وكلفت عند مرورها علي باب المندب، أن تتجه شمالا إلي أرض الحجاز للقيام بهدم الكعبة، ونبش قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.

وعند باب المندب توقفت القوات البرتغالية، وأرسل قائدها إنذارا إلي أمير مكة، بأنهم قادمون لهدم الكعبة ونبش قبر الرسول للقضاء علي الإسلام.

هنا، وقع أمير مكة في ورطة، فلم يكن لديه قوات تدفع هذا الاعتداء الآثم، وكان يعتمد علي الدعاء والابتهال، كما فعل عبد المطلب في مواجهة جيش أبرهة، وكما هي حال العرب حتى الآن، لكنه فكر في هذا المأزق، واهتدى إلي حل، وهو إدخال قوات الدولة العثمانية في هذا الصراع، ولذلك أرسل أحد أبنائه إلي مصر لمقابلة السلطان العثماني سليم الثاني في القاهرة ومعه بعض الهدايا من متعلقات الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

وعندما وصل ابن أمير مكة إلي القاهرة وقابل السلطان سليم الثاني وشرح له ما ينتظر الحرمين الشريفين من بلاء، أصدر السلطان علي الفور أمراً للقوات البحرية العثمانية باحتلال البحر الأحمر وتحويله إلي بحيرة إسلامية وطرد البرتغاليين من باب المندب.

ظل الأمر علي هذا النحو قرونا طويلة ليس بسبب الشعر العربي، والنفاق العربي، والعجز العربي، ولكن بسبب قوة العثمانيين وشدة بأسهم واستعدادهم لكل طارق.

إن مقدسات المسلمين هدف لا يغيب عن عين أعداء الإسلام، وهناك أحاديث في أوروبا وأمريكا تدور حول أرض اليهود في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل المسجد النبوي في أرض بني قريظة، أو غيرها، وكيف يصل اليهود إلي هذا الحق الذي يتوشح بالباطل، وربما لا يحتاج اليهود إلي قوة وعتاد وجنود وجيوش لأن من بني قومنا من يتشوق إلي العمالة اشتياقه للطعام الشهي، والشراب الطيب!

سألت أحد اليهود في أحد المؤتمرات، وكان يتحدث عن ذلك: هل ستهدمون المسجد النبوي؟ قال: لا، ولكننا سنحصٍّل رسوما علي الزيارة!

هذا حلم يهودي ينضم إلي حلم هدم الأقصى!

أما البحث عن هيكل سليمان، فالهدف ليس الهيكل وإنما الهدف هدم الأقصى، أما البيت الحرام والكعبة المشرفة فتتلاقى أراء أعداء الإسلام علي هدمهما.

وما حدث من رئيس وزراء بريطانيا عام 1917م حينما رفع المصحف في يده، وصورة للكعبة في اليد الأخرى، وقال: لن نستطيع العيش أو التنظير لمستقبلنا طالما أن هذين موجودان.

إنني أخاف كل الخوف من تحقيق آمال أعداء الإسلام، بسبب العجز العربي، والغباء العربي الحالي، والذي لم يعرف التاريخ مثله في يوم من الأيام .

 

الخلاصة: إذا أردنا تسجيل ما حدث في صورة محددة فإن أبرز معامها:

1)  عدوانا إسرائيليا غادرا.

2)  صمتا عربيا فاجرا.

3)  إيمانا فلسطينيا ثائرا.