كتابُ الحبّ

جعفر خليف

جعفر خليف

فؤادُ الفتى بالعشقِ يَغوَى ويَرشُدُ 

وطاعتُه في الحبّ تُشقي وتُسعِدُ

يبيتُ على نُعمى الوصالِ وأُنسِهِ 

ويصحو على ذكرى الفراقِ فيَهمُدُ

وتخدعُهُ الدّنيا بألوانِ وهمِها

فيَتبَعُ حلماً بالأسى يتبدَّدُ

فيا خيبةَ المسعى بلذّة ساعةٍ

ويا ضيعةَ الآمالِ يَشقى بها الغدُ

ويا سَعدَ أيّامي ويا فوزَ غايتي

نما في شغافِ القلبِ حبٌّ مُخّلَّدُ

فحبّكَ يا خيرَ الأنامِ سعادةٌ

وقربُكَ إنعامٌ ونورُكَ مَقصِدُ

على كلِّ روضٍ من بهائكَ مظهرٌ

وفي كلِّ مغنىً من جمالكَ مَشهَدُ

وتَظما عروقُ الأمنياتِ فتنثني

بذكرِكَ ريَّا باليقينِ تَجَدَّدُ

**********************

أتيتَ ودنيانا ظلامٌ ووحشةٌ

فشقَّ دياجيرَ الشّقاوةِ مَولِدُ

وآمِنَةٌ تُهدي العوالمَ بدرَها

ويسمو به للعُرْبِ مجدٌ وسؤْدَدُ

وأبرهةُ المأفونُ يسعى مكابراً

فيهلَكُ بالسّجّيلِ من جاءَ يُفسِدُ

وبُشرى لدين اللّات بالخزيِ والفَنا

فليسَ سوى الرّحمن بالحقِّ يُعبَدُ

**********************

طَلَعْتَ علينا من حراءَ منارةً

تضيءُ دُجى السّاري بليلٍ وتُرشِدُ

سجاياك هدْيُ الطامحينَ إلى الذّرى

ونهْجُكَ نبعٌ للمعالي ومَورِدُ

وتعطي عطاءً لا يَخافُ خَصاصةً

فيُمناكَ بحرٌ للنّدى ليسَ يَنفَدُ

إذا ابتسمتْ عيناكَ أنعشتَ روضةً

بهاؤُكَ يَسقي غُصنَها وَيُوَرِّدُ

وأنتَ الذي ربّيتَ بالحقِّ والهُدَى

رجالاً يَفيضُ العزمُ منهمْ ويَرفِدُ

فمِنْ قارئٍ يرتاحُ في ظلِّ آيةٍ 

إلى ساجدٍ بالذلِّ يسمو ويَصعَدُ

إلى تائبٍ يُلقي خطاياهُ باكياً

فيَجمعُهُ بالطُّهْرِ والنُّورِ مَوْعِدُ

إلى فارسٍ بُرْداهُ: صبرٌ وعِزَّةٌ 

وزينتُهُ: رُمْحٌ وسيفٌ مهنَّدُ

ويَشْملُهمْ عطفُ الحبيبِ ليَنعَمُوا

بصحبةِ خيرِ المرسَلينَ ويَسعدوا

**********************

تداركْتَ بالشّرعِ المؤَيَّدِ أمّةً

على جُرُفٍ هارٍ من الذّلِّ تَرْقُدُ

وأحيَيْتَ بالآمالِ موءودَ عزِّها

فما ذنبُها بالجهلِ والظُّلْمِ تُوْأَدُ

وأغمدتَ للثّاراتِ سيفَ شقائِها 

واطفأتَ للأحقادِ ناراً تَوَقَّدُ

وناءتْ شعوبُ البائسينَ بحِملِها

فسارتْ جيوشٌ بالسماحةِ حُشَّدُ

فحرَّرْتَ أرضَ اللهِ ، لا قيصرٌ بها

يصولُ ، ولا أجنادُ كسرى تُعربِدُ

فحرِّيَّةُ الإنسانِ نهجُ محمَّدٍ 

وذاكرةُ التّاريخِ بالحقِّ تَشهَدُ

**********************

تعاليمُكَ الغرَّاءُ أرستْ حضارةً

تغنّى بها حادٍ ورَنَّمَ مُنشِدُ

وكُنّا على البيضاءِ حينَ تركتَنا

على خيرِ حالٍ بالتُّقى نتزوَّدُ

فلمّا نكثْنا ضلَّ في التِّيْهِ سَعْيُنا

وأرهَقَنا ليلٌ من الزَّيغِ أسوَدُ

**********************

فيا صاحبَ الكفِّ الهَتُونِ سحابُهُ 

تُناديكَ أرواحُ الظِّماءِ وتَنْشُدُ

بكى جِذعُ أشواقي لنُعمى رحابِكمْ

فهلْ نظرةٌ تحنو وكفٌّ تُهَدهِدُ

ولوّنَتِ الأحزانُ جفنيَ بالأسى 

وليسَ سوى زاكي تُرابكَ إثمِدُ

وما زالَ يزهو فيكَ قلبي وخاطري 

فدَوْحُكَ فَيْنانٌ وفَرْعُكَ أَغْيَدُ

ينافسني فيكمْ يراعٌ مُضَمَّخٌ 

وقافيةٌ جَذلى وحَرفٌ مُغَرِّدُ

وتشرَبُ نَسغَ الحبِّ بيضُ صحائفي 

عسى "بكتابِ الحبِّ" يرضى مُحَمَّدُ