إلى القلوب المكلومة في صور قيصر

زهير سالم*

( يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ..)

بطاقة بشرى ..أو بطاقة عزاء !!!؟

وراحت تطالعنا بنشر ملفات القيصر ، صور أحبابنا ، فتضطرب القلوب المكلومة وتفيض ، ولا بد للمحزون من فيضان ، تطالعنا صور الأحباب فتتردد في قلوبنا أصداء الألم المكبوت ، والجرح المفتوح على المدى ..مصابنا المزدوج جله مما نزل بأهلينا وإخواننا وأبنائنا وبناتنا من كثير السوريين الطيب الجميل .. أو مصابنا بإنسانية الإنسان المحلية والعالمية التي ما تزال تتسربل بالجريمة أو تسكت عنها منذ عشر سنين ...

وقبل أن .. يجب أن نقرر بكل وضوح وجلاء أن الجريمة التي وثقتها عدسة المواطن السوري الشهم القيصر ، ليست جريمة أدواتها المنفذين فقط . بل هي جريمة مشتركة انغمس فيها مع الأسدي بشكل مباشر الروسي والرافضي الشعوبي وكل من قدر على الأخذ على يد المجرم فلم يفعل ...

وأعوذ ، أمام هول الصور التي أرى ، باسم ربنا اللطيف .. ثم أعود فأعوذ بالعزيز الجبار المتكبر ..أعوذ بلطف اللطيف أن يلطف بمن بقي ، وأعوذ بعزته وجبروته وكبريائه أن يقصم الطغاة المستكبرين وكل من أيدهم أو حالفهم أو سكت على جريمتهم..

 أعوذ بلطف الله وبعزة الله .. وأعلم أن هذه الصور إنما هي حبات قلوب أمهات وآباء، أ بناء وبنات ، وإخوة وأخوات ، وأهل وعشيرة ... ومصاب الفرد أكبر حين يكون مصاب شعب ، ومصاب وطن . ومصاب السوريين يكون أكبر حين لا يكون مصابهم مصاب أمة .. تمر شعوب أمتهم بمصابهم كأنها لا تبالي ..!!

أيها السوريون المصابون المكلومون ... وأبشروا فلا كرب على أحباكم بعد اليوم ..

ونادت سيتنا فاطمة يوم وجع أبيها سيدنا رسول الله : واكرباه ..فرد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا كرب على أبيك بعد اليوم ...

وبقول سيدنا رسول الله نقول : أيها المكلومون .. المحبون .. المنتظرون : لا كرب على أحباكم بعد اليوم .. فقد ذهب الكرب ، وجاء الفرح وجاءت البشرى ..

( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ..)

وفي مثل هذا من قول ربنا كان في الأولين والآخرين عزاؤنا ..

وجاءت الربيّع بنت الحارث ، أم مكلومة ثكلى ، استشهد ابنها حارثة يوم بدر إلى رسول الله فقالت : يا رسول الله أخبرني عن حارثة لئن كان أصاب خيرا احتسبت وصبرت ... فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أم حارثة إنها جنان في جنة . لقد أصاب ابنك الفردوس الأعلى ....

وببشارة النبي نبشر اليوم أم حارثة وأباه وأخته وأخاه وزوجه وابنته و ابنه .. الفردوس الأعلى من الجنة إن شاء الله ، ندعو به لأحبابنا ، ونرتجيه ..ونحتسبه على الله ، في كل من سبق وقضى ، ولكل من ثبت على الحق ينتظر ..

أيها المؤمنون الصابرون المحتسبون ...

قد علم ربنا أننا ما خرجنا على هؤلاء الوحوش المتسربلين بثياب الآدمية ، أشرا ولا بطرا ولا سمعة ولا رياء ، ولا طلبا لعلو في الأرض ولا فساد .. ما خرجنا ولا خرج هؤلاء الأبرار الأخيار الشهداء على هذه الوحوش إلا دفعا للظلم وللفساد. يحفنا قول ربنا ( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ )

أيها المؤمنون الصابرون المحتسبون ..

وقد سبق قوم من أهل النفاق إلى القول فقالوا ( لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )

وإنما الآجال أقدار . وكل شيء عند ربنا بمقدار . ولا نقول إلا ما يرضي ربنا :

" إنا لله وإنا إليه راجعون "

وحسبنا الله ونعم الوكيل .

 ونحتسب عند الله ربنا كل زفرة ألم ، وكل لحظة كرب .. ولا ندري أهو أعزاء أو بشرى ..نتشاركه مع كل المكلومين ، أو نتقدم به للثكالى والأيامي والأيتام والمضيعين ..

تقبل الله شهداء الحرية في سوريتنا الجميلة ورفعهم في عليين ، وألحقهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ..

وسكب السكينة والصبر والسلوان وحسن العزاء في قلوب المكلومين الفاقدين ..

وإنا لله وإنا إليه راجعون ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية