الاسلاميون الهابطون من المريخ بلوح تزلج

ساجد تركماني

بعض الطروحات و المفردات ولكثرة تردادها وقوة اللوبي الذي يقف خلفها و سعة انتشار المنابر الإعلامية المروجة لها وحجم الانخداع والتأثر بها تتحول من مجرد طروحات و آراء الى مايشبه المُسلَمات المحسومة بل و الثوابت غير القابلة حتى للنقاش أو التفنيد ودون حتى التفكير فيها أو التعنّي في سبر معانيها ومراميها

من تلك الطروحات على سبيل المثال :

– الإسلاميون ركبوا ثورات الربيع العربي

– الإسلاميون يمتطون حراك الشعوب

– الإسلاميون يعملون لأجندات خاصة

– الإسلاميون يستغلون الدين في السياسة

الإسلاميون ..والإسلاميون ..الخ

 

وكأن هؤلاء الإسلاميين هبطوا فجأة بالبرشوت من المريخ مصطحبين معهم لوح تزلج لركوب موجة الثورات العربية والحراك الشعبي!!!

أو أن هؤلاء الإسلاميين محرومون من الانتماء لأوطانهم ومنزوعوا جنسيتها فقط لأنهم… إسلاميون !!!

وكأنهم ممنوعون من أحلام التحرر ومحظورون من طلب الكرامة أو الرغبة بتغيير الأنظمة الحاكمة

محظورون من مجرد التفكير أو الرغبة في المشاركة السياسية… فقط لأنهم …إسلاميون !!!

أكثر ما يؤخذ على الإسلاميين عادة هو ما يسمى ( أجندات أو مشاريع خاصة)

ولست أدري ماهي الجريمة في أن يكون لهم أجندة خاصة ورؤية خاصة ومشروع خاص طالما كان ذلك ضمن الوسائل المشروعة والممارسات السياسية المتعارف عليها و المشرعة أبوابها امام الجميع؟!!

أي عيب في سعيهم لمشروعهم طالما كان ذلك تحت سقف الوطن وضمن دائرة الأفكار وعبر الوسائل السلمية؟!!

وبالمقابل من حق خصومهم الاختلاف معهم ورفض رؤيتهم لكن ضمن الوسائل الشريفة وبعيداً عن المكيافيلية المقيتة والببغائية و الشيطنة و الإرهاب الفكري .

هؤلاء الاسلاميون ..أليسوا في النهاية جزءاً من النسيج الاجتماعي للشعوب العربية ؟!!

أليسوا مكوناً من مكوناته ؟!!

ألم يقع عليهم ظلم وعسف وتهميش كما وقع على غيرهم ؟!!

ألم تكن أزقة المهاجر و سجون المستبدين تغص بهم أضعاف غيرهم طيلة عقود ؟!!

أليس لهم أحلام وتطلعات وآمال بل ومشاريع و أجندات كما لغيرهم؟!!

أليس لهم حقوق وحضور كما لغيرهم ؟!!

أي شرف لخصومهم و أي إنصاف وضمير للمختلفين معهم في محاولة محوهم وإلغائهم ومصادرة تطلعاتهم ..فقط لأنهم… إسلاميون؟!!

أي فخر ومصداقية لمنافسيهم في اغتيالهم معنوياً وتسفيههم سياسياً عبر نعتهم بعبارات مستوردة لكسب التأييد الخارجي ضدهم ؟!!

أي مشاركة سياسية وتوافق وعيش مشترك ينشده الأدعياء عندما يُسمَح للجميع مهما شذت أفكارهم وانحرفت مشاريعهم وارتهنت قراراتهم وتعددت ولاءاتهم وتشخصنت مصالحهم يُسمَح لهم بالتعبير عن أنفسهم وطرح مشاريعهم و تُحتَرم أفكارهم ويحتفى بهم فقط لأنهم… ليسوا إسلاميين ؟!!!

أي وطن نرجوا بناءه ونحن نهدم بني أوطاننا ونلغي بعض مكوناته وننكرها؟!!!

وأي حق نصبوا لاستعادته ونحن نسفح حق غيرنا حتى في التعبير عن نفسه ؟!!

أي فضاء حرية ذاك الذي نتحدث عنه ونحن نبني فيه سجوناً استباقية مخصصة للون معين حتى قبل أن نلجه و نتنسم عبيره ؟!!

ويبقى أخيراً الافتراء الأكبر وهو : دعوى استغلال الإسلاميين للدين في السياسة !!

رغم سخافة هذه الدعوى إلا أن تفنيدها لا مفر منه

فأي صاحب فكرة متأثر بها ومصطبغ بلونها يمارس الدعوة لها ضمن أطرها ومفرداتها التي يؤمن بها.

فالعلماني الذي يرفض فكرة إقحام الدين في الدولة يمارس ويدعو لفكرته في السياسة لأنه مقتنع بصوابها ومتأثر بصبغتها ومثله القومي الذي يمارس السياسة من خلال عِرقه و قوميته وعبر مفرداتها ولونها المقتنع بهما

فمن الطبيعي جداً أن يخوض الإسلاميون في السياسة من خلال قناعاتهم ومفرداتهم ، ليس لأنهم منافقون يستغلون الدين في السياسة كما يزعم خصومهم ..بل لأنها صبغتهم المتأثرين بها ومفرداتهم المقتنعين بصوابها وأفكارهم الراغبين بالتعبير عنها بأريحية ودون مواربة أو تلون .

الفكرة باختصار :

ليس هدف المقالة خلع الملائكية و إضفاء الطهورية على الإسلاميين و لا نكران أخطائهم أو تنزيههم

بل هي فقط لتوضيح جزئية وحيدة : أنهم كغيرهم لهم و عليهم

وعدم الارتياح لأفكارهم أو عدم القدرة على منافستهم في النور لا يعطي أحداً الحق في إلغائهم أو محوهم فهم في النهاية جزء من الشعوب وثوراتهم التي يزعم مخالفوهم أنهم ركبوا موجتها واستغلوها

(هم ليسوا محض هابطين من المريخ بلوح تزلج) .