عناوين عودة اللاجئين وإعادة الإعمار التي يرفعها الروس؛ حقيقية أو خلبية إعلامية ؟؟؟

زهير سالم*

يرفع المحتل الروسي في سورية منذ عدة سنوات عنوانين على طريق الحل السياسي؛ اعودة اللاجئين، وإعادة الإعمار

ويسعى " لافروف" وزير الخارجية مزدوج المهمة للدولتين، تسويق هذين العنوانين في الإقليم، وحول العالم.

والسؤال الواقعي الذي يفرض نفسه بقوة: هل الطرح الروسي صادق او جاد أو عملي؛ أو هو مجرد دخان يتم تحته تمرير المخطط الأبشع لأضخم عملية تهجير شهدها العالم في تاريخه المحفوظ ؟!!.

لقد شهدت سورية خلال العقد المنصرم وفِي ظل الاحتلالين الروسي والايرانيي أكبر عملية تهجير في تاريخ الانسانية جمعاء، وبحجم ١٥ مليون إنسان، لم يكن مثلها يوم انهدم سد مأرب، ولا يوم السبي البابلي الكبير!!

فهل الروس ، صانعو القرار السوري بامتياز ، يعتقدون ان هذه العملية، قد حققت أهدافها، وأنه من الممكن الآن، استرداد بعض المهاجرين، لإقناع العالم ان الحل "الروسي" في سورية قد نجح، وأن سورية " المتجانسة" قد أصبحت " قمرة وربيع" وأن على أصحاب الخزائن ان يفتحوا خرائنهم لما يسمونه "عودة الإعمار" !!

 

بالمناسبة يذكرني وضع الدول التي تقوم على ما سماه بشار الاسد القاعدة "المتجانسة " على كواهل الآخرين، لستُ اقتصاديا ولا متابعا للشأن الاقتصادي العالمي ولكن هل من يخبرنا ما هي حجم المعونات الاقتصادية النقدية فقط، التي تلقتها "الدولة اليهودية" المتجانسة منذ ٧٣ سنة حتى اليوم. وهل ستعامل "الكيانات السورية المتجانسة " في الغد على الطريقة نفسها من الكرم والإغداق او أن بعض الناس يحلمون؟!!

ملحوظة: وصف " الدولة اليهودية" هو اختيار أصحابه مع الإصرار عليه منهم، والتأييد العالمي له.

ولنعد إلى أصل السؤال: هل حقا ان الروس ومؤيديهم في سورية من إيرانيين وأسديين يؤمنون عمليا بإعطاء الفرصة الحقيقية لعودة اللاجئين؟!

ان كل ما يجري على الارض السورية عمليا ينبئنا بعكس ما يعلن بوتين وخمنئ وبشار الأسد عنه..من أن الوقت قد حان لعودة اللاحئين..

ونحن هنا لن نستشهد بمصير بعض المغرورين أو المضطرين من السوريين الذين اضطرتهم ظروفهم للعودة فوقعوا في الفخ الذي عنه نتسامع وتتسامعون..

ربما كانت كلمة المدعو " عصام زهر الدين" الأكثر صدقا وهو القاتل الجزار الأثيم..!! "اسمعوها من هذه الذقن ولا تعودوا" ولعله دفع حياته ثمنها، ففي عوالم المافيا كل شيء يجوز.

إشاعة الأخبار عن السوريين الذين حاولوا العودة فعادوا، فتم اغتصاب النساء والرجال منهم على المعابر الحدودية هو جزء من الدعاية المخابراتية الأسدية، بل الروسية والإيرانية لتحذير السوريين من العودة.

ولنضع الأمور في نصابها أكثر ننبه أن ما نكتبه هنا هو ليس دعوة للعودة إلى عالم الخوف والقهر والجوع، بل هو محاولة للفهم. ثم للتعاطي الرشيد.

التغيير الديموغرافي في المنطقة العربية والإسلامية هو هدف استراتيجي عالمي وعلينا ان نعي هذا ونتعامل معه بحكمة ورشد وبعد نظر.

واليوم وسورية والسوريون يعيشون تحت مظلة الدعوة الروسية للعودة علينا أن ندرك أمرين..

أولا ان أسباب الهجرة ودواعيها "الأمنية" في سورية ما تزال قائمة بكل أبعادها؛ فما زال الطيران يقصف، والميليشيات تتغول، وأجهزة الأمن السرية تسلخ الجلود تحت سمع العالم وبصره، ولا أحد في هذا العالم يحاول التغيير ..

ثانيا- وقد انضم إلى كل هذا أسباب أخرى تدعو السوريين للهجرة؛ فمن لم يهجره الخوف من سورية اليوم، هجره الجوع.

ولا شك ان سوريتنا الحبيبة الجميلة هي أسوأ مكان اليوم للعيش في العالم أجمع.

وأمام تحد أو شبح الجوع لا يمكن ان ينقسم السوريون إلى متجانسين وغير متجانسين.

تحد التهجير أو الهجرة اليوم يفرض نفسه بجدية على أجندة العاملين الصادقين.

كيف نواجهه، وكيف نوظفه، وكيف نلتف عليه.

في البدء

كانت ثورتنا عفوية... هذا واحد..

وبدأت ثورتنا جماعية ..وهذا اثنان

لا يمكن ان تؤول ثورتنا اليوم " فردية" تتخلى الهيئات والمرجعيات عن واجباتها، ويصير الناس وحالهم "وكل شاة معلقة من كرعوبها" وعلى قاعدة " انج سعد، فقد هلك سُعيد، ولا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية