شهر على حرب بوتين في أوكرانيا، سبع سنوات على احتلال سورية...

زهير سالم*

والوقت المسفوح ليس في مصلحة كل السوريين

تشير الأخبار أن عدد القتلى أو الضحايا الروس في أوكرانيا بلغ خمسة عشر ألف جندي حتى الآن..

من موقف إنساني، تستطيع أن تسمي كل قتلى الحروب "ضحايا" . وتنظر إليهم على أنهم ضحايا غرور وغطرسة وطشامة قادتهم الذين أشعلوا فتيل الحرب. وحين تتصور أن كل قتيل "إنسان" وله أم وأب أو زوجة وأطفال، ربما تغير وجهة نظرك من بعض الحروب. وهذه مجرد وجهة نظر أعرضها ، ولا أفرضها. ثم لا بد أن نفرق في السياق نفسه بين إنسان يخوض حربا قد فرضت عليه ولم يسع إليها، كما حصل مع السوريين والأوكرانيين، وبين من يخوض حربا ساعيا إلى العلو في الأرض ونشر والفساد!!

 

على كلٍ؛ شهر مضى على الحرب البوتينية القذرة في أوكرانيا، ولا يفتأ بوتين يهدد العالم، ومنذ يومين كان أحد كبار الطاقم البوتيني يقول "قد تتسبب هذه الحرب بمحو روسية عن خارطة الجغرافيا، ولكن سيكون العالم قد فني!!" وتناقلها بعضنا على أنها اعتراف بهزيمة محتملة، مع أن التصريح في حقيقته تهديد للحياة على الكوكب ومن أقسى أنواع التهديد، وأقول للمأفون وقى الله الناس والحيوان والشجر والحجر من شر غطرستكم. وأتلو (للَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ)

ومرة ثالثة، شهر مضى على حرب بوتين في أوكرانيا، والحصيلة كما يقولون خمسة عشر ألف قتيل و"س" طائرة و"ص" دبابة ..بينما سبع سنوات على الاحتلال الروسي لسورية، وأظن حصيلة ما وقع عندنا تعجب بوتين أكثر !! وأسأل لماذا؟؟ وأعلم أن كثيرين مستعدون أن يردوا عليّ بعنقود من الأسباب، ويصدقون في كل ما يشيرون إليه من تواطئ العالم والإقليم، أقبل كل ما يقال، ولا أرده ولكن ..، وأحب دائما ما بعد ولكن، ولكنني أعتقد أن قيادة الثورة والمعارضة السورية، لم تستقبل الاحتلال الروسي والاحتلال الإيراني بكل أطيافه بما يستحق.

انظروا إلى استراتيجيات الثورة على جميع المستويات- بعد الاحتلال الروسي وقبله- لم يتغير منها شيء، بل انظروا إلى تكتيكات الثورة والثوار وخطاب المعارضة، هل تغير منه شيء ؟؟

أحيانا يخطر ببالي معاتبة ضباط الجيش السوري خريجي دورات الأركان، والمتلقين لأرفع العلوم العسكرية، يخطر ببالي أن أعاتبهم فأسألهم: هل مسيرتنا الثورية تقوم أو تقوّم على معايير العلم العسكري؟؟ ثم أعود على نفسي بالقول: وماذا يفعل الرجل المعلِّم صاحب الرأي المحكك، إذا عزله قومه، ولم يصغوا إلى قوله؟؟؟ مرة بمن رأينا، وأخرى بمن عرفنا؟؟

ولكنها ما تزال مسئوليتهم، والأمل ما يزال معقودا عليهم. وتصحيح مسار الثورات ومثارها ، يكون برجال يملكون ثلاثة أمور: العلم والإرادة وعلبة كبريت...فقط علبة كبريت، أو رأس دبوس. الشهر الذي مضى كان وقتا مضاعا، بل فرصة مضاعة.

ولا أعترض على أي نوع من التحالفات الإقليمية، على أن تبقى مصلحتنا الذاتية هي رائدنا في كل ما نأتي وما ندع.

وأريد أن أضيف معنى جديدا في هذا السياق: بشار الأسد وبوتين والولي الفقيه ومن تظنون أنهم ضدهم ولن أسميهم كلهم يراهنون على الوقت في سورية!!

التمطي على مقاعد جنيف لم يكن ينفع، ولكنه اليوم أصبح جريمة..

الوقت الذي يسفك في سورية ليس لمصلحة السوريين، كل السوريين، ولا أعرف كيف أقولها، لا في مصلحة ثوار، ولا في مصلحة معارضين، ولا في مصلحة ما يسمونهم زورا "موالين" أنا لا أعتقد أن في سورية كلها قسيما مجتمعيا حقيقيا يمكن أن نسميهم موالين، هناك قسيم مجتمعي مغلوب على أمره، اختار، من باب ما ظنه أهون الشرين أن يعيش في ظل الخوف والذلة والجوع على أن يذوق طعم الاغتراب، وأن يطبع على جبينه كلمة لاجئ.

سورية اليوم الدولة والديموغرافيا والجغرافيا والتاريخ والمستقبل، أشبه بقطعة جليد باتت تذوب في صيف لاهب. أو شبه بجريح نازف مدنف ينتظر عبوة دم..هي معادلة الزمن وسيارة الإسعاف. قد لا يهتم كثيرا المقبور وليد المعلم في لعبة: الإغراق بالتفاصيل ولا فيصل المقداد، ولكن أعتقد أن في سورية كل سورية وعلى كل ضفافها أطفالا جياعا يهتمون...!!

أعود فأقرر الوقت الذي يراق على مدارج اللقاءات الخلبية ويتبارى "الخطباء" فيه بتسجيل النقاط، ويخرج أحدهم كما في الحكاية البلدية فيزعم أنه.. وأنه.. وأنه مثل حديث "صاحب الطبنجة" حديث بلدي مكرور..أصبح الاشتراك في لعبته على أي طريق وبأي وجه من الإثم والعار الذي سيظل يجلل أصحابه إلى أبد الأبدين. سيحيق ذلك بالمشكو والشاكي ..على السواء.

وأعود ..

شهر على الحرب الروسية في أوكرانيا، ونحتاج نحن السوريين إلى إعادة اعتبار. إلى مثل قول أولنا "لو استقبلت من أمرنا ما استدبرت" إلى من يلقن بوتين أننا شعب لسنا أقل..

نحن نحتاج إلى رجال اللحظة، ورجال اللحظة في كثير من الأحيان لا يكونون أكثر مائة. "قرارهم من راسهم، ويبحثون عن خلاصهم"

سيقول لي أحدهم : ولماذا لا تقول هذا الكلام لنفسك ولربعك.

وأجيب بكل تواضع وود: أنا دائما أكتب وأمامي مرآة . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية