هل يجب أن نكون - نحن السوريين- معنيين بزيارة بايدن إلى منطقتنا؟

زهير سالم*

سؤال في غاية المباشرة والحياد. ونطرحه من وجهة نظر سورية، حيث مرر بايدن قبل وصوله إلى منطقتنا بأيام قليلة، الإرادة الروسية، من حيث التحكم بآلية إيصال المساعدات الإنسانية، إلى ثلاثة ملايين سوري محتاجين إليها، أغلبهم من النساء والأطفال. 

بالنسبة إلينا نحن السوريين لا شيء يقنعنا بأن الولايات المتحدة كانت طرفا مستقلا في الموقف الدولي من سورية. الحقيقة الناصعة الجلية التي لا يشك فيها عاقل، هي أن الموقف الدولي من الثورة السورية، بل من الشعب السوري أجمع، كان موحدا استراتيجيا إلى أبعد الحدود، مع خلاف بسيط أحيانا في التفاصيل، وأحيانا في طرائق التعبير، ظل جون كيري أي أوباما يسيران خطوة خطوة مع لافروف أي بوتين، ثم تبعهم ترامب، واليوم بايدن على الطريق نفسه. طريق إعادة تأهيل القاتل الموثوق الذي يثق به المجتمع الدولي فيأتمنه على مخزونات السارين، ولم يأتمن ثائرا سوريا واحدا على صاروخ مضاد للطائرات!! إن الفروق بين الاستراتيجية الأمريكية والاستراتيجية الروسية في سورية هي أقل من أن يعوّل عليها، وهي في جملتها ليست في قوس طموح الثوار السوريين، بل معارضة لإرادتهم.

 

حين يصل الرئيس الأمريكي إلى المنطقة، فإنه سيكون أقرب إلى زيارة داخلية، يتفقد بها أحوال بعض الولايات الأمريكية. وربما يتمتع رئيس أي ولاية أمريكية إزاء رئيس الاتحاد بصلاحيات دستورية واعتبارية أكبر. 

ولن نحاول في هذا السياق أن نميز ، فمن الكيان الصهيوني إلى بقية الأرخبيل الشرق أوسطي، يجتمع الجميع على مطلب واحد هو "طلب الرضا" و"الطمع في الحظوة"و" ترشيح الذات إلى دور"

الرئيس الأمريكي الذي أعد خبراؤه ومستشاروه كل شيء، لم يتبق له من دور غير تقديم المسحة الحانية على رؤوس الطامحين، أستعمل لفظة المسحة من الاشتقاق الذي اشتُق منه لقب "المسيح" 

لن يجد الرئيس الأمريكي قادة سياسيين يريد أن يحاورهم ويرضيهم، وإنما سيجد طبقة من الطامحين، سيحاول أن يرضيهم ومن حسابهم أيضا. 

في أمثالنا البلدية كثيرا ما نتحدث عن براعة الرجل الذي يرضي غريمه من كيسه، أي من كيس الغريم نفسه. وحين تصبح مصافحةبايدن لبعض المستقبلين قضية يلعب عليها الإعلام مسبقا، فإن انتزاع هذه المصافحة سيصبح المكسب الأكبر لصاحبها، إن كانت..

لقد آن الآوان للشعب اليوري ولمن اختار تمثيله ، أن يقنعوا بحقيقة أنهم يجب أن يعيدوا حساباتهم على قاعدة أن لا أحد في هذا العالم يحسب حسابهم. وأن عليهم أن يخمشوا بأظافرهم على الزجاج... 

هذا ليس حال السوريين وحدهم ..والفلسطينيون ليسوا أسعد حالا فيما يعلم العالمون.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية