لا تغتالوا الثورة فتقولوا: ماتت وإكرام الميت دفنه

زهير سالم*

الثورة حية باقية متألقة في قلوب الملايين من الصادقين...

ولا يصلح الناس فوضى...

ويكون الأمر أعجب حين يدعو من يدّعون أنهم سراة القوم إلى الفوضى..

أو حين ينام أصحاب الحق عن حقهم فلا يكادون يرفعون للدفاع عنه رأسا..

كان الناس في مجتمعنا يعتقدون أن صيحة يا قطان احترق قطنك، توقظ الأموات من قبورهم، ولكنها اليوم لا تبلغ من المتناومين مسمعا!!

 

تسمع أصوات التهاوش والتناوش عند المغنم، ويتوارى الناس لوذا عند المغرم. وأظل أقول لا بد لكلمة الحق في حياة الناس من حامل. ورب كلمة حق يجهر بها قائلها وقد تمعر وجهه في الله، تكون عند الله خير. وإذا وقعت الحاء على القاف: احك ولا تخاف. تعلمتها من والدتي رحمها الله تعالى. وتعلمنا أنه لا يقطع الرأس إلا الذي ركبها...

وعلمنا الذين علمونا الإسلام فتعلمنا وفقهنا أن الإنسان لو يلق الله بأي ذنب - غير الشرك- أيسر عليه من أن يلقاه بدم حرام. أولئك كانوا علماء ربانيين يعيشون لله و يعلمون لله ..

عندما قال الإمام أبو حامد الغزالي "مائة عام من الظلم ولا ساعة فتنة" لم يكن ،كما يدعي القاصرون، يدعو إلى الركون إلى الظلم، أو تسويغه والصمت عليه والتماهي معه ؛ وإنما كان يخوّف ويحذر من مفاسد الفتنة، يقول يستحل في ساعة الفتنة من الدماء والأعراض والأموال ما لا يستحل في مائة عام من الظلم..

ثم وهذا مهم

الإيديولوجيا لا تجعل القبيح جميلا، ولا الباطل حقا، ولا الخطأ صوابا.. بل القبيح من المسلم أقبح، و"الفتك" بالدم والعرض والمال تحت راية الإسلام أو الثورة أقبح وأخطر وأدهى وأمرّ

أمر عمرُ رضي الله عن عمر يوما أن يقاد الجماعة بالواحد، في جريمة وقعت في صنعاء، فروجع في ذلك فقال: لو اشترك أهل صنعاء في دمه لقدتهم به.

ودم الشهيد ودم أمثاله من الذين قتلوا بيد الفتّاك - والفتك إنما يطلق على قتل الغيلة، ودم زوجة أبو غنوم، ودم الجنين في بطن أمه سيكون لعنة على كل قتلته، على الجوق من تحت لفوق، وعلى كل الذين رأوا في قتله ذبابا مرّ أمام وجوههم ، فقالوا له كذا...

وقبل أبو غنوم ومع أبوغنوم وبعد أبو غنوم ما تزال تصل حكايات كأنها الأساطير، وكأننا في فناء مخافر بشار اتلأسد ..

وهؤلاء الشهداء الأبرار الذين قضوا ومضوا على طريق هذه الثورة ما استشهدوا لينال بعض الناس علوا في الأرض، هذه الثورة لن تكون مثل قبقاب العروس المصدف، تطول به القصيرة، وتتهادى عليه الغريرة...!!

وفي الأقاصيص التي ترتجف لها القلوب/ قال وهو يبكي، تجاوزت سيارته وأنا لا أعرفه، فأوسعني سبا وشتما ... وقال لي الناس: شرير احذر أن يقتلك..

هذا ليس في حي من أحياء دمشق ولا حلب ولا حمص حيث يرتع الفاسدون المفسدون من الأسديين، هذا في فناء المجتمع الذي يجب أن نجلس على الفضائيات فنباهي به.....

أيها السوريون..

نحن على نقطة مفصلية، والترقيع لا ينفعنا...

وتهويش الناس على بعضها بما هي فيه زيادة في أزيز الباطل..

وفي عالم الفوضى فقط يقتنص الحق باليد، تقول الخنساء عن قومها

كأن لم يكونوا حمى يتقى .. إذ الناس إذاك من عزّ بزّ

هي دولة بشار الأسد ولبيست دولة الثورة. هي الأرض المستعبدة، وليست الأرض المحررة. في الغابة القوي يأكل الضعيف، ولكن الضواري في الغابة تأكل على حسب بطونها، وليست مثل بشار الأسد لا يشبع من قتل ولا يروى من دم.. ليست مثل بشار الأسد ونظرائه، وكلما دققت في مصطلح "الأشباه والنظائر" اكتشفت الكثير، في الفرق بين الشبيه والنظير..

ومع ذلك، وفوق ذلك، يحدثونك عن سجون - آه من حديث السجون- تقلع فيها الأظافر، وتسلخ فيها الجلود...

وبعضنا ممن لا يسمع .. ولا يرى .. ولا يتكلم ... وأعجب كيف يتكلمون ويفتون، وأعجب كيف يتجاهلون فيصمتون..

وكنت أريد أن أسمع من الشيوخ أصحاب الاختصاص عن رأيهم في هذا، وعن استعدادهم أن يلقوا الله وفي صحائفهم مثله، يمارس على الناس، عن الذين استعبدوا الناس باسم هذه الثورة...مثل مدمرنا الأول: حذو النعل بالنعل!!

الرجل لا يكون خلقه من خلق نبيه، لا يؤتمن على سلاح باسم الإسلام، والسلاح لا يتخلق بخلق حامله، لا يسمى سلاح مجاهد...

لا تهمنا ألوان الريات سوداء بيضاء حمراء أو معصفرة ... ولا تهمنا العبارات المرقومة عليها ، فما أسهل الادعاء، وإنما يهمنا السلوك العملي، والانضباط اليومي، بالخلق الوطني الأسمى، وأن يبسط العدل لكل الناس، وأن يوطئ المتقدم كنفه للمسكين والمرأة واليتيم والجنين..

وعشت في مجتمع كانت تسمى المرأة فيه "حُرمة" كانت على ضعفها هي بين الناس الأعز وهي الأقوى، ومن يتجرأ على "الحرمة" إلا ساقط الرجولة عدبم المروءة معدود في الأراذل والساقطين...

قال له : أراه وزوجته .. قال اقتله مع زوجته ...

فميدي يا جبال عفرين...

اللهم ‘إنا نبرأ إليك من كل هؤلاء، ومن كل من لا يبرأ منهم...

ونمضي عهدنا معك منذ ستين سنة، أن نقلع من أرض الشام الظلم والظالمين...

لا بشار الأسد ولا ظله ولا تظله ...اللهم آمين.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية