التدخل الخارجي بين العقل السياسي والعقل الغرائزي

زهير سالم*

ندعو بشار الأسد ولفيفه إلى التنحي والرحيل فورا

زهير سالم*

[email protected]

اليوم والمجتمع الدولي يتهيأ لتوجيه ضربات يصفها بأنها تأديبية إلى نظام بشار الأسد ؛ لن يغيب عن أحد من العقلاء تقدير عواقب مثل هذه الضربات واحتمالاتها وتداعياتها .

 إن بشار الأسد الذي أثبت أنه يمتلك مخزونا عارما من الكراهية والحقد مكنته من أن يخوض معركة الدفاع عن مصالحه الشخصية والفئوية بكل هذه القسوة والعنف ؛ مدعو اليوم إلى مراجعة سريعة ليس إلى حسابات الربح والخسارة فقط بل إلى حسابات مستقبل قد يهمه في يوم من الأيام كيف يكون صِير الأمر فيه .

وإن أبسط ما سيشير إليه التاريخ هو أن بشار الأسد الذي استخدم في حربه لكسر إرادة الشعب السوري كل ما وصل إلى يده من سلاح ، بدأ من الرصاص الحي ومرورا بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطائرات المروحية والقنابل العنقودية والطائرات الحربية المدمرة والصواريخ البعيدة المدى وأخيرا بالغاز الكيماوي الخانق ؛ الذي راح ضحية موقعة واحدة من مواقعه آلاف الأبرياء بين شهيد ومصاب .

ثم إن بشار الأسد بذهابه بعيدا في الخروج على كل القيم الإنسانية والأخلاقية ، وباستهتاره بالقانون الدولي ، وبتحديه للمجتمع الدولي هو وحده المسئول عن استدعاء التدخل الخارجي ضد سورية ، وهو وحده المسئول عن تداعيات هذا التدخل ، وسيسجل التاريخ أن بشار الأسد ولفيفه لم يكتفوا بقتل السوريين بكل أدوات القتل والدمار التي في أيديهم بل بلغ بهم الاستهتار أنهم تسببوا في تعريض هذا الشعب لمخاطر التدخل الخارجي وما يمكن أن يتسبب به من مصائب كارثية .

 يستشعر الشعب السوري اليوم أنه أصبح محاصرا بفعل حقد بشار الأسد وحمقه بين نارين إحداهما نار بشار الأسد التي تحرقه والأخرى نار المتدخل الخارجي التي ( تريد ...!!) أن تنقذه .

في الموقف الضنك يسهل على الخليين المتكئين على أرائكهم إرسال الكلام ، والحلم بالحلول السهلة ، والأماني العذاب . ولكن كم سمع العقلاء عن أخطاء الأسلحة الذكية ، وعن الدمار الذي تحدثه ، وعن تداعيات حروب قوم على أرض قوم آخرين ، أو فوق رؤوس أبنائهم وأطفالهم وفوق عمرانهم وبنيانهم . ربما لا أحد يحتاج ليذكرنا بهذا ، ولا ليخوفنا منه . ..

ولكن كل هذا لن ينسينا أن نتساءل ما هو البديل إذن ؟!  ما هو البديل ونحن نتابع مسلسل الكذب منذ ثلاثين شهرا يسوغ ويشرعن مسلسل القتل القتل بكل الوسائل التي تصل إلى يد بشار الأسد ويد زبانيته من حوله ويد حلفائه من الروس والإيرانيين ...

ما هو البديل ؟! سؤال مطروح على المحتجين على لجم الشر الصائل الذي لا يتوانى عن القتل ولا تردعه قيمة عن انتهاك كل شيء ؟! هل البديل هو إصدار المزيد من بيانات الشجب والإدانة وشلال الدم السوري يسيل ؟! هل البديل هو التذكير مع كل صباح بالواجبات التي ينتظرها المنتظرون من بشار الأسد على طريقة بان كيمون الأمين العام للأمم المتحدة ؟! .

ثم هل في احترام القانون الدولي الذي يتباكى البعض عليه أنه من حق حاكم أيا كان شأنه أن يخوض حرب إبادة ضد مواطنيه برجالهم ونسائهم وشيوخهم وأطفالهم ؟! هل من احترام القانون الدولي أن تقصف الأحياء بالطائرات الحربية وبالصواريخ البعيدة المدى ثم بالغاز الكيمائي الذي يخنق الطفل في مهده والشيخ الكبير على سريره ..؟!

الساعة والتدخل الخارجي في الفضاء السوري أصبح قاب قوسين أو أدنى؛ البديل العملي الوحيد الذي يستطيعه محبو سورية والسوريين أن يتوجهوا إلى بشار الأسد ولفيفه ، حمايةً للحياة  في سورية وإيثارا لما تبقى من بنيانها وعمرانها ، أن يتنحوا فورا عن مواقعهم ، وأن ينزاحوا من طريق السوريين ، وأن يجدوا لأنفسهم الملاذ الذي يقيهم . والعقلاء يختارون أخف الضررين ، والمخلصون يفدون أوطانهم بدمائهم !!!

بديل وحيد عاجل وحاسم يجعلنا جميعا نلتقي في بحبوحة رفض التدخل الخارجي بكل أشكاله وأبعاده ..

التدخل الخارجي الذي يقوّمه العقلاء بأهدافه وليس بهوية صاحبه . وهذا فرق أساسي بين العقل السياسي والعقل الغرائزي الذي انطلق يحك جرب بعض القوم هذه الأيام.

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية