إسرائيل تضغط لمزيد من إضعاف الشعب السوري

زهير سالم*

إسرائيل تضغط لمزيد من إضعاف الشعب السوري

وقوى عربية تؤيدها فما هو البديل؟!

زهير سالم*

[email protected]

تناقلت صحف عبرية وغربية وعربية عديدة خبر القلق الإسرائيلي من تنامي قدرات الثوار في سورية . ومطالبة المسئولين الإسرائيليين الولايات المتحدة بالضغط على الدول العربية لوقف تزويد الثوار السوريين ( بالأسلحة الثقيلة !! ) . ثم أصبح هذا الخبر في شقه الثاني دون الأول موضع متابعة الصحفيين تعقيبا وتعليقا وتعليلا وتفنيدا ...

القليلون هم الذين لفتهم الموقف الإسرائيلي ، الذي رغم ما يبديه من حرج ظاهر من توحش بشار الأسد الحليف الاستراتيجي على الأرض السورية ، فإنه ما يزال متمسكا به على المستوى الدولي ، مدافعا عنه ، محاولا أن يمنع أي موقف جاد يمكن أن يؤثر فيه. هذا الحلف التاريخي بين ( أسرة الأسد ) وبين الكيان الصهيوني هو مفتاح اللغز السوري بكل أبعاده الإقليمية والدولية . وحقيقة هذا الحلف التي ما يزال يراوغ عنها ، مع الأسف ، بعض الأشقاء العرب من هنا وهناك وهنالك هي مسلّمة من مسلمات التاريخ والواقع والعقل بالنسبة للسواد العام في المجتمع السوري .

بالعودة إلى الخبر الأول الذي تلقاه البعض بالتسليم وتلقاه آخرون بالتأييد ، على اختلاف الدوافع ، من حقنا أن نتساءل ما هو المدلول العملي لمصطلح ( السلاح الثقيل ) ؟! وأي نوع من الأسلحة الثقيلة بل المتوسطة رصد الاستراتيجيون في أيدي الثوار الأحرار ؟! إن جل ما في أيدي الثوار من أسلحة وعتاد هو البندقية الفردية ، و في حال أفضل بعض الرشاشات الفردية وأثقل ما وصل إلى يد الثوار رشاش 14,5 الذي غنمت بعض قطعه عن قوات النظام .نضيف إلى ذلك قاذف ( الأرب ي جي ) المضاد للدرع وهو في حد ذاته سلاح فردي وليس سلاحا ثقيلا بحال ..

وحين يتحدثون عن الأسلحة الثقيلة لا بد أنهم يقصدون مدفعية الميدان بعياراتها وأمدائها المختلفة ، ويقصدون حاملات الجنود والدبابات وراجمات الصواريخ والقاذفات على أنواعها ؛ أين هي كل هذه الأسلحة في ترسانة الثوار أو الجيش الحر ؟! ومن رصد فرق الدبابات يمتطيها رجال الثورة تتقدم نحو المدن والقرى مهاجمة أو مدافعة عن المدنيين الأبرياء ؟!

إن التماهي مع عملية تضخيم ما في أيدي الثوار من سلاح وما يصل إليهم من مدد إنما هو انخراط عملي في المشروع الواحد ( الأسدي – الصهيوني ) القائم على رغبة أكيدة من التخويف من الضحايا ومن الدعوة إلى المزيد من إضعافهم وتجريدهم من أي قدرة من الدفاع عن أنفسهم .

كل الاستراتيجيين الثقاة الذين يراقبون المشهد السوري يقرون بلا أدنى تردد أن السلاح الأمضى والأوثق بيد الثوار هو إيمانهم وثباتهم وعزائمهم .

وكل هؤلاء الاستراتيجيين يؤكدون ، أن ما يصل إلى يد هؤلاء الثوار من سلاح  على شحه وصعوبة الحصول عليه هو سلاح فردي ، لا يكفي عمليا لخوض معركة متكافئة للدفاع عن النفس ؛ بله أن يكون سلاحا هجوميا يساعد على تنفيذ أي مشروع لإسقاط هذا النظام ..

 يتابع المجتمع الدولي طيران بشار الأسد وهو يعربد فوق المدن والبلدات السورية فيقتل الإنسان ، ويهدم البنيان ، دون أن يتطوع قريب أو بعيد بتزويد الثوار السوريين ببعض الصواريخ المضادة للطائرات . وهي في حقيقتها أسلحة فردية خفيفة ودفاعية أيضا .  مما يوفر لعصابات الأسد سماء مفتوحة ليقتل من السوريين من يشاء .

لم يشأ المجتمع الدولي بل العالم الحر بل مجموعة ما تسمى - ادعاء - أصدقاء الشعب السوري أن توفر للمدن السورية وللأطفال السوريين مناطق حظر جوي تحميهم من قذائف المجرمين – وما كان أسهل ضرب مثل مناطق الحظر هذه يوما على شمال وجنوب العراق - ؛ ولم يشأ هؤلاء أيضا أن يعينوا السوريين على الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم بإمدادهم ببعض ما يقتضيه المقام .

وعجز بل رفض كل المؤيدين العرب – على كثرتهم – أن يشاركوا في مشروع حماية اعناق أطفال سورية من الذبح . حسنا انتم هاتوها ونحن سنقول غنمناها وإن شاء الله سنغنمها قريبا من مستودعاتنا الوطنية .

ذرائع كثيرة يتذرع بها اليوم أولئك الذين يدعون إلى إضعاف قدرات الشعب السوري على الدفاع عن نفسه .

ذرائع كثيرة يتذرع بها أصحاب ( اللاءات الاستراتيجية ) يطلقونها وهم متكئون على آرائكهم . وهم على يقين أن مسلسل التعاطف ( اللائي ) لن يكلفهم إلا القليل من اهتزازات الحبال الصوتية . يصرخ أحدهم : لا ... ثم لا ... ثم لا .... ونحن مع الشعب السوري ، مع أن ينال حقوقه ومع ذهاب هذا البشار . ( أيها السوريون مقسوم لا تأكلوا فأنتم أعلى .  صحيح لا تقسموا فهو أغلى ..) . هل يخبرني أحد إن كان قد قبض من هذه الريح شيئا ؟ !

في المشهد السوري يتوافق مع بشار الأسد الصهيوني والروسي والصيني والأمريكي والأوربي وأدعياء صداقة الشعب السوري بمن فيهم الكثير من العرب والمسلمين ؛ يتوافقون على أمور كثيرة منها : الموقف السلبي الممتنع كل على طريقته . إن توحش بشار الأسد أحرج الكثيرين من حلفائه التاريخيين والاستراتيجيين فاكتفوا بالشطر السلبي من الإدانة أو الشطر السلبي من التأييد .

ومنها الاتفاق على تجريد الشعب السوري من أي قدرة لنصرة مشروعه أو الدفاع عن نفسه وعن عرضه . وهو اتفاق بالمؤدى وإن اختلفت الدوافع أو الذرائع واحد ..

موقف يقوم عند الأشرار على تمسك مطلق بالشيطان الرجيم القاتل السفاح ، ويقوم عند الأخيار على حسن ظن  – لم يفارقهم فيه – وكل ذلك يضع الشعب السوري أمام بديل عملي واحد يقدمه لهم أولئك وهؤلاء : وهو تفويض بشار الأسد بذبح المزيد منهم مع كل صباح .

لتسقط كل السوريات والسوريين وعاشت لاءات الإسلاميين والقوميين والليبراليين والعرب والعبرانيين ففي سورية وحدها تتوحد لاءات هؤلاء جميعا .

جردوهم من سلاحهم يقول الصهاينة . أوثقوهم جيدا قبل الذبح يقول من يحفظ قوله عليه الصلاة والسلام ( وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ) سوءة وسحقا لأولئك وشكرا على لا شيء لهؤلاء . أخاف أن أكتب غير هذا .

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية