روسية دولة محتلة وسورية وطن تحت الاحتلال ..
ومواقفنا بعد الاحتلال الروسي ليست كما قبله
يوما بعد يوم يتضح للشعب السوري الحر أبعاد المؤامرة الدولية على وجوده وحريته وكرامته . إن الاحتلال الروسي الآثم للأرض السورية ، والذي تمثل ، حتى الآن ، في مطار و قاعدة عسكرية مغلقين حتى في وجه الضباط المحسوبين زورا على الجيش العربي السوري أصبح حقيقة واقعة تحت سمع العالم وبصره ، حقيقة لا يراوغ في الاعتراف بها إلا المطموس على بصيرته وبصره .
إن القاعدة الروسية في المنطقة الساحلية، والتي تضم حتى الآن مطارا جويا و مراكز للقيادة والسيطرة وألفي جندي روسي مع العشرات من الطائرات والدبابات تشكل نقطة تمركز أولية لاستقبال المزيد من قوات الاحتلال ، كما تشكل نقطة انطلاق للتدخل السريع في أي اتجاه على الأرض السورية لفرض السيطرة ، والمشاركة في إبادة السوريين ، وكسر إرادتهم، دون أن ننسى البوارج الروسية المحتشدة على الشاطئ السوري . والجسر الجوي الروسي الذي ما زال يغذي نظام القتل بما يحتاج من عتاد وسلاح منذ أول هذه الثورة ،لينضم إليهما اليوم أفواج من المقاتلين الإرهابيين المشوحنيين بالحقد والكراهية التاريخيين .
إن أول ما يجب أن نذكّر به شعبنا وأمتنا العربية والمسلمة أن الاستعمار الروسي (القيصري والبلشفي كليهما) كانا في تاريخ أمتنا من أشر وأسوأ وأقسى أنواع الاستعمار وأكثرها وحشية وهمجية وانحطاطا . ولا أدل على شراسة هذا الاستعمار وتوحشه وهمجيته من موجات اللاجئين من أهلنا الشيشان والشركس، الذين قُتّلوا وعُذبوا وشردوا من ديارهم على مدى قرنين من الزمان ، والذين ما زالوا يقيمون بين ظهرانينا في الشرق العربي مرحبا بهم حتى اليوم.
إن من قرأ رواية ( ليالي تركستان ) للأديب المصري الوثائقي ( نجيب الكيلاني ) يدرك حجم الهمجية والوحشية التي امتاز بها هذا الاستعمار في مسلاخيه القيصري والبلشفي على السواء . ولاسيما حين يكون عدوه من أهل الإسلام حيث تتكرس فيه الهمجيتان القومية والصليبية .
ويزيدنا التاريخ شاهدا آخر على روح العدوان الصليبي الغارق في العصبية والجهل ؛ أن روسية القيصرية شنت قريبا من عشرين حربا على الدولة العثمانية في غضون قرنين لكسر شوكتها ، والذهاب بدولتها، وكانت تحرض عليها دائما مواطنيها ورعاياها من أرمن وبلغار وصرب ويونان في مكر خبيث للتحريض على الكراهية الدينية وبث نار الفتنة ، وإشعال نار الحرب ..
وإننا لنتساءل اليوم وقد أحاط العدو الصليبي الروسي الشرس بالدولة التركية من جنوب وشمال : ترى كيف سينظر الشعب التركي والمقاتل التركي اليوم إلى الواقع الاستراتيجي الجديد ، الذي يفرضه الاحتلال الصليبي لسورية على المنطقة .
ولا نحتاج أن نبعد في التاريخ أكثر لنثبت (صلبية) المستعمر الروسي وحقده وهمجيته فيكفي ما صدر من تصريحات على لسان القميء (لافروف ) من ادعاء دور لحماية المسيحيين في سورية مرات ومرات ومن مزاعم أكثر صليبية وقماءة من حرص روسي صليبي على الدفاع عن الأرثوذكس من المسيحيين بشكل خاص تارات وتارات. وللعلم فإن دعاوى الدفاع عن أرثوذكس الشرق ظل ذريعة القياصرة الروس في عدوانهم على بلاد المسلمين لأكثر من قرن من الزمان . ولكن العجيب أن تتكرر هذه الذريعة الصليبية الوقحة على لسان دبلوماسي المفروض أن يكون رفيعا وليس وضيعا ورقيعا في القرن الحادي والعشرين ..
وحتى لا يجادلنا مجادل في الدوافع (الصليبية ) الحاقدة لعملية الاحتلال التي قامت بها القوات الروسية لسورية اليوم فسنذكر ونذكّر بمسارعة (الكنيسة الروسية الأرثوذكسية) إلى المباركة الصريحة والمباشرة لعملية الاحتلال، في تعبير صليبي صارخ عن مشاعر مريضة وأحقاد تاريخية دفينة في التشفي من قتل المسلمين في سورية رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا وأطفالا تحت عباءة قتل الإرهابيين ، كما قتلوا مسلمي الأندلس من قبل في محاكم التفتيش تحت عباءة قتل الكافرين ، وكما قُتل أهل الشام وفلسطين من قبل الصليبيين تحت عباءة قتل الوثنيين وتطهير ( قبر السيد المسيح ). إن الرسوم التي كان يحملها بطرس الناسك وزمرته من الرهبان الجوالين ، بأمر البابا الشرير أوربان ، وهي تصورمسلما يصفونه بأنه وثني يبول على قبر السيد المسيح لتجييش مشاعر المسيحيين ضد المسلمين تتكرر اليوم في صورة التجييش ضد الإرهاب والإرهابيين.
كان البابا أوربان الشرير يدرك أن ديننا وأمتنا أكثر حبا وتجلة للمسيح وأمه العذراء البتول ، كما يدرك بوتين اليوم وأوباما وكل عصابة الشر ( الأوربانية ) أن الإرهابي الأول في سورية هو بشار الأسد وأن القاتل الأول هو الذي قتل أكثر من نصف مليون إنسان ، والذي شرد عشرة ملايين إنسان من ديارهم ، وليس الشعب السوري الحر الذي خرج يطالب بالعدل وبحقه في الحياة .
تدرك عصابة الشر الأوربانية بكل تلافيفها أن بشار الأسد وداعميه والمتواطئين معه هو الإرهابي الأول بالقتال ممن يسمونهم ( داعش) الجماعات التي استنفرها القهر ثم وظفتها يد الإثم والبغي .
ولا نظن أن تقرير هذه الحقائق يمكن أن يغضب مواطنينا من المسيحيين ، فهم في تاريخ حروب الشرير أوربان كانوا من جملة الضحايا . ولقد اصطدمت الحملة الصليبية الأولى بنصارى بيزنطية المتحضرين لتكون الحروب الصليبة في حقيقتها صداما حضاريا بين الهمج باسم الصليب وبين المتحضرين في الشرق وعلى الضفة الثانية من المتوسط من مسلمين ومسيحيين .
إن البدايات الاستهلالية لعمليات الروس القتلة على الأرض السورية ، واستهدافهم المباشر للمدنيين ، ولقوى الثورة الحرة ، تؤكد أن كل الكذب المكشوف الذي يتفوه به كل من بوتين ولافروف لا يمكن أن يجمل وجه الاستعمار القبيح ولا وجه الصليبية الوقحة التي يمارسها بوتين بالقتل وأوباما المرتد بالصمت .
إن الاستعمار الذي كانت أواخر أيامه عقود النصف الثاني من القرن العشرين يستحييه اليوم تحالف الأشرار حول العالم من جديد. إن الدماء السورية البريئة التي هانت على كل العالم ستكون لعنة على كل القتلة والمجرمين والمتواطئين والصامتين والمثبطين والمعوقين لموقف وطني يليق ببشاعة الجريمة ، وفداحة الخطب
إننا في تحليلنا لأبعاد الغزو الروسي لسورية اليوم لا نستطيع أن نستبعد زيارة نتنياهو قطب الشر الآخر الأخيرة لموسكو، والتي جاءت متزامنة مع عملية الاحتلال الروسي الصليبي لسورية لترتيب أوراق هذا الاحتلال ، وتحديد أولوياته . بعد أن فشل العاجز بشار الأسد عن القيام بدوره الوظيفي الذي عهد به إلى والده ثم إليه من بعد في حماية أمن إسرائيل ، وتمكينها ، والسماح لها بالنمو والاستقرار .
كما لا نستطيع أن نتغافل عن تخلي المؤسسات الدولية والإنسانية ودول العالم الكبرى التي يناط بها حماية القانون الدولي عن مسئولياتها تجاه الشعب السوري وما يطلقون عليه القيم الكونية ، ومواثيق حقوق الإنسان . إن الصمت عن سياسات القتل وجرائم حرب الإبادة ، وعن أشكال التدخل المذهبي الإيراني والعراقي واللبناني ثم الصمت عن الاحتلال الروسي لسورية اليوم لهو صمت مريب . بل هو تواطؤ مجرم على وجود الشعب السوري وهويته لا يقل بشاعة وإجراما عن الجريمة التي ارتكبت منذ سبعة عقود بحق إخواننا في فلسطين . مذكرين أبناء أمتنا وأبناء شعبنا أن الاتحاد السوفييتي يومها كان الدولة الأولى في العالم التي تمنح اعترافها وتأييدها لدولة إسرائيل ..
إننا أبناء الشعب السوري لنعلن موقفنا صريحا واضحا من عملية الاحتلال الروسي ونطالب كل قوى المعارضة الحية الانحياز إلى هذا الموقف وتأييده ؛ مؤكدين أن الكثير من المواقف التي وافقت عليها هذه المعارضة قبل هذا الاحتلال لا يمكن أن تستمر بعده ..
إن الاحتلال الروسي الصليبي لسورية ، والمشاركة الروسية العملية في قتل المسلمين السوريين رجالا ونساء شيوخا وأطفالا تفرض علينا أن نكرس الدولة الروسية من جديد عدوا تاريخيا لهذه الأمة ولهذا الشعب ، عدوا لا يمكن اللقاء به ، ولا الجلوس معه ، ولا القبول به . وتكريس كل من يلتقي به أو يقبل باحتلاله للأرض السورية عميلا للمستعمر ، خائنا للوطن ولدماء شهدائه. وإن إعلان هذه العداوة والنبذ إلى القتلة المستعمرين الروس على سواء هو أقل ما تستحقه دماء الشهداء من موقف متضامن وفي من قادة أمتنا وشعوبها .
إن أحرار شعبنا اليوم يعلنون أنهم في حرب مفتوحة مع الاستعمار الروسي والإيراني وكل عملائه وكل المتواطئين معه . وعلى جميع قوى الثورة والمعارضة أن تعلن بوضوح وصراحة موقفها من هذا الاستعمار، و قبولها بتحدي هذه الحرب الإرهابية ، التي فُرضت علينا على مدى خمس سنوات بغير إرادة منا ، وعلى هذه القوى أن تؤكد استعدادها للانخراط في معركة الدفاع والحفاظ وفاء لدماء الشهداء ، أو لتنزح من طريق هذا الشعب وهذه الثورة. ولا تكن إحدى العقبات ،وبعض البلاء
نرى في الاحتلال الروسي حملة صليبية جديدة كريهة ، وفي الحرب الروسية على شعبنا حربا إرهابية دينية متوحشة تسعى إلى إبادة كل مسلمي سورية تحت عنوان خادع كذاب اسمه (الحرب على الإرهاب ). إنها حرب قذرة كقذارة الإرهابي الأول في سورية قاتل ومشرد الملايين وداعميه والمتواطئين معه والساكتين عليه. ومن هنا فإننا ندعو كل مسلمي سورية ، وكل مواطنيها الأخيار والأحرار إلى التوحد تحت راية واحدة هي راية (مقاومة الاستعمار واقتلاع الإرهابي الأول بشار) . إن أي فصيل ثوري مهما كانت الراية التي يعمل تحتها يدخل نفسه في هذا الظرف الإسلامي والوطني الحرج في معارك جانبية لتفتيت الموقف ، وتبديد الجهد ، سيثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه جزء من المؤامرة الكبرى على الإسلام العقيدة والمنهج و على سورية الوطن والإنسان .
إن الاحتلال الروسي لوطننا يفرض علينا وعلى جميع القوى الإسلامية والسياسية اليوم أن تبادر إلى إعلان رفض قاطع لأي دور سياسي أو دبلوماسي روسي في حل الأزمة السورية .
إننا نرفض رفضا قاطعا أي شكل من أشكال الحل السياسي ، الذي كان في الأصل مطلبنا تحت حراب المحتل الروسي الصليبي ، أو المحتل الشيعي الصفوي . أو تحت مخرجات أي شكل من أشكال هذا الاحتلال .
وإننا لننتظرمن كل القوى الوطنية الشريفة أن تعلن بجلاء ووضوح أنها لن تدخل في أي عملية سياسية ما لم تخرج كل القوى المحتلة من الأرض السورية . إن الإدهان في دماء الشهداء لهو الخيانة بعينها . وإن كل أحرار شعبنا مدعوون لنبذ أي قوة معارضة تداهن أو تناور على حساب هذه الدماء
إن الاحتلال الروسي ومن قبله التدخل الإيراني وصمت المجتمع الدولي عليه يعني أن الجميع على الصعيد الدولي والإقليمي قد اختار أن يفرض على الشعب السوري حلا عسكريا يكون حواره بقذائف الطائرات والصواريخ . وإن المطلوب من كل أحرار الشعب السوري وقواه الحية أن يعلنوا كما نعلن اليوم رفضهم لأي حل يسمى زورا حلا سياسيا و يتم التمهيد له بقتل المزيد من الرجال والنساء والأطفال وتشريد المزيد من السوريين الأحرار .
إن سورية لن تكون روسيّة . وعلى بوتين أن يعلم أن سورية ليست أوكرانيا . وأن عروس ساحلها اللاذقية وما حولها ليس القرم وهي أيضا ليست نصيرية ولن تكون . وإن الفصيل يعرف كيف يأوي إلى أمه. . وأن ما لاقاه المستعمر الروسي الكريه في أفغانستان مقارنة بما سيلقونه في سورية بإذن الله ، لم يكن إلا نزهة لطيفة . وإن الروس إذ يفتحون على السوريين اليوم نار الحرب عليهم أن يعلموا أنهم إنما يفتحونها على أنفسهم . لقد أسقطنا ، نحن المسلمين ، بغزوهم إلى أفغانستان الاتحاد السوفياتي ، وسيسقط بإذن الله في جرأتهم على أهل سورية الاتحاد الروسي . وستجد كل المستعمرات المسلمة تحت نير الاحتلال الروسي بإذن الله استقلالها .
ننادي اليوم على كل المتذرعين بالقانون الدولي ، وبمواثيق حقوق الإنسان من كان منكم ناطقا فلينطق اليوم بحق ليدافع عن الحق ، وينصر براءة الأطفال المهدورة تحت وقع القذائف الصليبية الروسية في سورية لتنطقوا اليوم أو فلتصمتوا إلى الأبد . فلا يحق لكم أن تتكلموا باسم مواثيق كنتم أول من داسها وانتهكها وبغى باسمها عليها .
وننادي ، في هذه الأيام الوطنية المشهودة ، على كل قوى الثورة والمعارضة السورية وممثليها وقادتها من لم يجد منكم نفسه كفأ للمشهد الدامي ، وللحرب الضروس المفروضة علينا، فليرحها . ووالله إنها لذلة الدنيا وخسار الآخرة . ولا يتقدم الصف ، ولا يحتمل الراية إلا من كان أهلا لها ...
برئ الدين وبرئت الملة ، وبرئ الوطن وبرئت الوطنية ، وبرئ الدم والعرض ، و الحاضر والمستقبل ، من كل الذين يصمتون على جريمة الاحتلال الصليبي الروسي لسورية اليوم، أويتماهون معها ، ولا يقفون منها الموقف الذي تستحق ، ومن كل الذين يرقبون في حق الشعب السوري مصلحة شخصية ، أو مغنما عارضا ، أو إيثارا لسلامة يتوخونها ..
ننادي على شعوب أمة الإسلام في كل مكان وعلى حكوماتهم وقادتهم أن شام رسولكم اليوم تحت سنابك مستعمر صليبي حاقد وبغيض يسفك الدم وينتهك العرض فهل من مجيب ؟ وهل من مغيث ؟ وهل من معين ..
" ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما "
والله أكبر ولله الحمد
زهير سالم : نصف قرن عضو نشط في جماعة الإخوان المسلمين