دعوة إلى إعلانها معركة تحرير ضد الإرهابيين المتطرفين والغزاة المحتلين

زهير سالم*

عفواً إخواني لم يعد يصلح الاسترسال ...

نعم عفواً إخواني وإياكم أعني وأخاطب ..

فلم يعد يصلح الاسترسال مع المسترسلين ، ولا الخوض في مخاضات الخائضين والواقع الذي بين أيدينا كله يتطلع إلى الجريء الجميل ..

لم يعد يصلح الاسترسال وعهدنا بهذه النخبة الطيبة المدركة الواعية المبادرة من أبناء هذا الشعب المعطاء أن تكون دائما الرائد الذي لا يكذب أهله ، والحصنَ الذي يجمع ، والدرعَ الذي يحمي ، ورأس الرمح الذي يقول للمخذلين والمثبطين والمشككين والطامحين والمتطلعين : إليك عني ، وواديّ ليس بواديك ...

لم يعد يصلح الاسترسال وقد أسفر الصبح لذي عينين ، وتكشفت حقائق الأعداء والأصدقاء عن كذبة كبرى ، وبدت العباءة التي يراد لبعض أصحاب المناكب العريضة حملها عباءة كذب وزور لهدر دماء الشهداء ، والتنازل عن تضحيات المضحين . عباءة خزي وعار وذلة تريد أن تعيد وطننا إلى مستنقع الإثم الذي تمردت عليه ، والذي يتآمر الشرق والغرب على إبقائها فيه ...

لم يعد يصلح الاسترسال ومنطق ( الحضور أفضل من الغياب ) وقاعدة ( إنقاذ ما يمكن إنقاذه ) ومقولة ( السياسية فن الممكن ) و( شيء خير من لاشيء ) ؛ هذا المنطق وهذه القواعد والمقولات لا تنتمي إلى منطق الثورة ، وأيُّ ثورة ؟! ثورة قدمت حتى اليوم الملايين من الشهداء والجرحى والمعتقلين والمشردين ..

وعلى من يرشح نفسه لتمثيل ( ثورة ) أن ينتمي أولا إليها ، وأول أمر من ينتمي إلى ( ثورة ) أن يفكر بمنطقها ، ويعمل حسب قواعدها ، وأن يحمي أهدافها ، وأن يعتمد وسائلها وأساليبها ...

لم يعد يصلح الاسترسال وقد تكشفت رحى الشر بشقيها عن أخطر وأخبث ما عرفه تاريخ الثورة ، شق إرهابية عدمية تشكل القاعدة وتقدم الذريعة ، وتخترق الآفاق من شرق إلى غرب تهيّج وتستثير وتستعدي وترتكب كل الشرور والآثام لتقطع على الحلم السوري الجميل الطريق وشق متغطرسة مدعية متذرعة تشكل الاستجابة المزورة في محاولة مكشوفة لحرف لوأد ثورة الشعب السوري ، والعودة بالشعب السوري إلى المربع الأول مربع الاستبداد والفساد والقتل والانتهاك ..

لم يعد يصلح الاسترسال وهذان المحتلان الروسي والإيراني قد بسطا سيطرتهما على سورية أرضا وفضاء وقرارا ، كما بسطا سيطرتهما على القرار الدولي في فيينا وغيرها وجاؤونا تحت شعار الحرب على الإرهاب بما لم يكن للقاتل المستبد بشار الأسد نفسه أن يدعيه ...

جاؤونا بقرار دولي يمنح مجرمي الحرب أولا شهادة براءة وحسن سلوك مطلقة ، ويخضع الشعب السوري الثائر لامتحان عدالة : هذا معتدل .. وهذا إرهابي ...وفي القبول في هذا وحده ، ولا نقول الرضا ، وفي النزول عليه ولو على سبيل المجاراة ما فيه من نقض لمشروعية الثورة ، وانقلاب على مصداقية ثوارها ...

وجاؤونا مع القرارات المنحازة بخيلهم وبرجلهم وبالإس 400 ليفرضوا على شعبنا ، ومن خلال منصات ( فيينا ) أو ديمستورا الموسومة زورا بأنها منصات للحوار، كل الذي به يحلمون وله يتخيلون ..

ودورنا أيها الأخوة الوعاة الأباة ....

 أن نقطع الطريق على هذه المنصات إن استطعنا ، وما استطعنا ، .فإن لم نستطع فأن نُخرج أنفسنا من مستنقعها ، وأن نقف وسط أبناء شعبنا من الثوار الأحرار موقف النذير العُريان . نفعل ذلك معذرة لربنا أولا ، ثم لشعبنا ثانيا ، ثم لتاريخ دعوة أبت على مدار التاريخ إلا أن تكون بيضاء نقية ...

ودورنا أن نفصل الحقائق (( وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ )) كل المجرمين ، ولنميز أولا بين مشروع ثورة هذا الشعب الحر الأبي في أفقها الوطني كثورة للحرية والعدالة والكرامة والمساواة ، وبين مشروع المتطرفين والإرهابيين على السواء . وأن يكون صوتنا صريحا وواضحا بأننا مع أبناء شعبنا أكفاء بما نملك من منطق وحجة وقوة وجهد لنطوق الإرهابيين ونرفع أيديهم عن ثورتنا . كما أننا عازمون بالتصميم نفسه على إسقاط مشروع المراهنين على هؤلاء الإرهابيين والمتذرعين بذرائعهم به ، والمتسترين زورا بالحرب عليهم وهم إنما يقتلون المستضعفين من الرجال والنساء والولدان من أبناء شعبنا..

ودورنا رابعا ...

 في هذه اللحظات الوطنية الحاسمة ، وقد تحول الظالم المستبد إلى مسنن صغير في آلة المحتلين الروس والإيرانيين ، أن نعلن بكل الصراحة والجرأة والوضوح : أن معركة التحرير ضد الغزاة المحتلين قد أصبحت اليوم هي نفسها معركة التحرر الوطني ، لن يسقط الأسد حتى تتحرر سورية من الروسي والإيراني ولن تتحرر سورية من الروسي والإيراني حتى يسقط الأسد . وأي مراوغة في الاعتراف بهذه الحقيقة – أيها الأخوة الوعاة الأباة – هو رغبة عن الحق ، وهُويّ في طريق الباطل والهروب ، بل هو ركون فاضح إلى الظالمين المحتلين (( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ))

إن الصوت الذي يجب أن تجهر به هذه الدعوة المباركة وبدون تردد ولا تلكؤ ولا تذرع ...

نعم للحل السياسي بين أبناء المجتمع السوري الواحد ،ولكن هذا لا يعني أبدا اللقاء أو الحوار مع القتلة والمجرمين . إن امتحان فحص العدالة الذي أقر في فيينا الأولى به أن يطبق على الزمرة التي قتلت بالسارين وبالبراميل المتفجرة وفي أقبية السجون تحت التعذيب ...

ثم ...لا لقاء ولا حوار مع المحتلين للأرض السورية إلا على تحقيق الجلاء الجديد وكذا لا لقاء ولا حوار ولا منصات في فيينا ولا في غير فيينا تحت وصاية وهيمنة المحتلين . هذا خيارنا نحن أبناء دعوة الإسلام العظيم ، ثم ليذهب إلى فيينا من الذين يختانون أنفسهم من يريد ...

إن سورية الجديدة التي ثار الشعب السوري من أجلها لن تبنى تحت حراب وقذائف المحتلين . لن تبنى وفي مطار حميم السوري صواريخ الإس 400 . العجب أن الإسرائيليين من هذه الصواريخ اليوم لا يقلقون ....

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية