أيُّ انتخابات تحت حراب الاحتلال الإيراني المتعدد الأذرع ؟!

زهير سالم*

أيُّ انتخابات

تحت حراب الاحتلال الإيراني المتعدد الأذرع؟!

زهير سالم*

[email protected]

يصر الإيرانيون المحتلون لسورية مع أذرعهم الإقليمية الضاربة على المضي في الكوميديا السوداء لمهزلة انتخابات  رئيس الجمهورية . وما يفعله الإيرانيون ، المحتلون لكل شيء في سورية  الأرض والإرادة والقرار ، ليس جديدا في سلوك المستعمرِين الذين تابعت الشعوب المستعمرَة سلوكهم خلال أكثر قرنين من عمر الاستعمار في العصر الحديث.

دائما ادّعى المستعمرون القدامى كما يدّعي المستعمر الإيراني الجديد على أنهم حماة مشروع سلام ووئام وبناء ، وأن إرادة الشعب المستعمَر عندهم هي في المحل الأول ولذلك تراهم يفتعلون دائما انتخابات صورية شكلية ، تقدم لإدارة مستعمراتهم شخصيات معتمدة موثوقة تخدم مصالحهم وتحقق أهدافهم وتؤمن لهم ما يدعونه الأمن والاستقرار والسلام والازدهار .

لا نأتي بجديد حين نؤكد تصريحات كبار المراجع الإيرانيين ومستشاري الولي الفقيه : إن سورية أصبحت محافظة إيرانية ، ارتأى بعضهم أن يعطيها رقم المحافظة الخامسة والثلاثين ، في حين زعم آخر أن تخلى إيران عن مستعمرتهم العربية في الأحواز أسهل عليهم من تخليهم عن مستعمرتهم في سورية ، لأسباب شرحها ووضحها .

إن تصريحات كبار القادة الدينيين والمدنيين السياسيين  والعسكريين الإيرانيين  ،على مدى أكثر من ثلاث سنوات هي عمر الثورة السورية ، كلها تؤكد على أن بشار الأسد ونظامه قد انتهى منذ عامين تحديدا ، وأن الصراع في سورية إنما يستمر بفضل الجهد الإيراني والدور الإيراني على كل المحاور السياسية والاقتصادية والعسكرية .

إن مقتل الجنرال الإيراني / عبد الله السكندري / في الأيام الأخيرة في الشمال السوري ‘ وليس في محيط قبر السيدة زينب كما زعم الإيرانيون ،  يشير إلى حجم انغماس الجيش الإيراني المحتل لسورية في الصراع ضد إرادة الشعب السوري .

يحمل الجنرال السكندري  الرتبة نفسها التي كان يحملها الجنرال غورو قائد الحملة الفرنسية على سورية سنة 1920 . وإن الدلالة المباشرة لوجود قائد بهذه الرتبة على الخطوط الأولى للصراع يؤشر إلى حجم القوى التابعة له والعاملة تحت إمرته هناك .

إلى جانب القوى الإيرانية المحتلة للأرض السورية وللقرار السوري هناك قوى إضافية إقليمية أخرى تنسق مع هذا الاحتلال وتدعمه وتعمل بمشورته هي الميليشيات اللبنانية التابعة لحزب الله والميليشيات العراقية التابعة للمالكي ولكتائب بدر ولغيرها من المراجع العراقيين ..

لن ننسى في السياق نفسه الإشارة إلى بعض القوى المتطرفة المنسقة بطريقة مباشرة مع أجهزة استخبارات الولي الفقيه وتأتمر بأمرها .

تعرف الشعوب أجمع مدى مصداقية أي انتخابات تجري تجري تحت حراب الاحتلال ، وقيمتها في التعبير عن إرادة الناس ؛ ولاسيما حين يكون الاحتلال طائفيا عنصريا يقتل ويدمر خارج إطار القوانين الدولية والقيم الإنسانية ..

وحين تسعى إيران اليوم إلى تجميل وجه هذه الانتخابات البشع باستقبال المؤتمرات الدولية للتصفيق لها ، أو بالإلحاح على تسويق هذه الانتخابات على أنها مدخل لحل لما تسميه الأزمة في سورية ؛ فهي تسعى بالحقيقة إلى  الالتفاف على إرادة الشعب السوري التي ما تزال تستخدم كل أنواع القوة  لكسرها بفعل حراب المقاتلين الإيرانيين بهوياتهم المختلفة.

( الانتخابات تحت حراب المحتل الإيراني )  هي مدخل إيران لاستكمال هيمنتها على سورية كما هيمنت بقوة ميليشيات حزب الله على لبنان ، وبقوة ميليشيا المالكي على العراق ، وكما تحاول أن تهيمن بقوة ميليشيات الحوثيين على اليمن .

إن المطلوب من قوى المعارضة السورية أن تسعى لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاعتبار سورية بلدا محتلا من قبل إيران وأذرعها الإقليميين وبالتالي إكساب المعارضة الثورية كل المزايا التي تتمتع بها القوى الثورية المقاومة للاحتلال وللاستعمار ..

وأن تتحمل إيران كدولة محتلة مسئوليتها عن كل الجرائم التي يرتكبها  عميلها الأول بشار الأسد وعصاباته والقوى المحتلة بكل عناوينها على الأرض السورية ...

ليست انتخابات ما سيجري على الأرض السورية غدا وإنما هو محاولة مكشوفة وسخيفة لتكريس مندوب سام إيراني ستقوم إيران بحكم سورية من خلاله على مدى السنوات القرن القادم ..

هكذا يهذون ..

ولكن الثورة لا تهذي كما يهذون ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية