هي حرب دولية على الشعب السوري

زهير سالم*

ليس نزاعا دوليا في سورية

زهير سالم*

[email protected]

يتحدث الكثير من المقررين والمحللين عما يجري على شعبنا وأرضنا في سورية بالقول : بأنه قد تم تدويل الصراع ، وأن النزاع ( هكذا تطيب لهم التسمية ) في سورية قد أصبح نزاعا دوليا وإقليميا ، ويؤكدون أنه قد خرجت أوراق القضية من يد الشعب السوري .

وهذا كلام لا تنقصه دقة التوصيف قبل التحليل فقط وإنما تنقصه مصداقية الرؤية لحقيقة ما يجري على الأرض السورية ولطبيعة الثورة وأبعادها ومواقف الأطراف الدولية منها

أما أن الصراع في سورية قد تم تدويله فنعم  ولكن لا بد لمن يتحدث عن التدويل أن يفرز بدقة موضوعية مواقع أطراف الصراع الدولي ودورهم فيه .  إن الحقيقة التي لا يجادل فيها منصف جاد هي أن هناك اصطفافا دوليا وإقليميا وإنسانيا ضد الشعب السوري وثورته وعلى المستويات كافة : العسكرية والسياسية والإعلامية والإنسانية  واشواهد في سياقاتها أكبر وأكثر من أن يشير إليها مقال ..

فعلى الصعيد العسكري والتعبوي ينقسم الموقف الدولي من ثورة الشعب السوري على ثلاث شعب كلها تصب في محصلتها النهائية  ي مصلحة  بشار الأسد وتدعم بقاءه وتمنع سقوطه وتعطي المزيد من الفرصة لنظامه . فمحور دولي وإقليمي يتمثل في روسية وإيران والصين يباشر الحرب عملياتيا مع بشار الأسد وبكل قواه وقدراته ( قادته وخبراؤه وجنوده وسلاحه وماله ) . وفي الوقت الذي يدير فيه هذا المحور معركته العسكرية على الأرض في مواجهة ثورة شعبية عفوية تفتقر إلى الكثير ، يدير محور دولي آخر ظهره للمعركة العسكرية منتظرا من نظيره الأول أن يحقق انتصاره . ولا يزال المنضمون تحت لواء هذا المحور يعلنون  يوما بعد يوم أنهم لا يؤمنون  بالحل العسكري وأن على الجميع أن يذهبوا إلى الحل السياسي وهم يقصدون عمليا الحل السياسي الذي سيفرضه المنتصرون من دول المحور الأول نتيجة عدوانهم العسكري بكل أبعاده على الشعب السوري .

ولا يزال  هؤلاء الذين يطلقون  يد الروس والإيرانيين في قتال الشعب السوري وفي قتله وفي استخدام كل أنواع الأسلحة التقليدية والمحرمة دوليا ضده ؛ يضعون شروطهم وقيودهم على بعض الدول الإقليمية التي تضطرها روابط الانتماء القومي والديني أن تساعد الإنسان المنتهك في سورية على  الدفاع عن دم وعن عرض ..

وفي الوقت نفسه لن نجد على مستوى الإقليم لا قوميا ولا إسلاميا دولة واحدة ساندت الشعب السوري – الذي هو في واقع الأمر أولى بالمساندة – كما ساندت إيران بشار الأسد . طيب الكلام الطيب من كل طيب ، ولكن الكلام الطيب لا يصد غارات الطائرات القاذفة ولا يرد أذى البراميل المتفجرة .

 والعصابات المنظمة والمدربة والمنضبطة التي يحركها الولي الفقيه حول العالم لا يكافئها أشتات من الشباب  استنفرتهم فظاعة الحدث فهبوا على غير ما وعي ولا تنظيم حاملين معهم مشروعا فوضويا كان في حقيقته وبالا على الثورة والثوار ..

بل والأعجب من كل ما سبق أن هؤلاء المناصرين  من دول الإقليم قد قاربوا الساحة السورية يحملون تناقضاتهم ومنافراتهم فكانوا سببا آخر من أسباب إضعاف الثورة وشق صف الثوار .

وإلا فهل كان من الصعب على  دول هذا المحور الإقليمي ( تركية والسعودية وقطر ومن أراد من دول الجامعة العربية أن ينضم إليهم )  أن يشكلوا قيادة مركزية لقيادة الثورة ودعمها تكافئ استراتيجيا القيادة المركزية الروسية الإيرانية ...؟!!!!!!!!!!!! هل خجلهم من فعل المعروف منعهم من ذلك أو مداراتهم لسياسات عالم لا يداريهم

وما قلناه على الصعيد العسكري والعملياتي نقوله على الصعيد السياسي حيث يجد بشار الأسد كتلة قليلة ولكنها  صلبة تدعمه بلا حدود بينما نجد في المواقف السياسية الأخرى اضطرابا مفتعلا  ينشأ عن غياب المبادرة ، وينشأ عنه تقديم المزيد من الوقت والفرصة لبشار ولحرب الإبادة التي يديرها الروس والإيرانيون باسمه ولحسابه ..

وإذ نصغي إلى لغة الإعلام الدولي الموجه نجد موجة عارمة من الاتهام والتجريح والتجني وتضخيم الأخطاء يخوض فيها كل إعلام الأرض ضد الثورة والثوار بينما يتم الإشارة على استحياء إلى حرب إبادة وجريمة ضد الإنسانية خلفت حتى الآن الملايين من المصابين والمشردين واللاجئين ...

وحين نذهب إلى البعد الإنساني في هذا ( النزاع ) كما يسمونه يكفي أن نذكر أن الأطفال في سورية يموتون من الجوع لأن سيد القانون الدولي في العالم ( بان كيمون ) يرفض أن يقطر على شفة طفل قطرة حليب  إلا بإذن القاتل المبير بشار الأسد ...

لا أحد يمكن أن يقنع السوريين بعدُ  أن لهم في هذا العالم أصدقاءً ، وسيكتب مؤرخو الثورة السورية أنه يوم خرج شعب سورية مطالبا بالعدل والحرية ومنافحا عن حقوق الإنسان وقف العالم كله إِلْبا واحدا ضده , وخاضت دوله جميعا حربها عليه دون أن تنسى توزع الأدوار ...

وتسألني : لماذا ؟!

ذلك جواب له تاريخ  ... ولشجرة الشر في هذا العالم  جذور وجذع وأغصان وأوراق وكلمات وحروف ..

أيها السوريون الأحرار الأبطال  ....

  عليكم أن تذكروا بكل فخر وشموخ واعتزاز أنكم في القرن الحادي والعشرين وبصدوركم العارية وزنودكم القوية ووسائلكم المحدودة حاربتم وعلى مدى سنين العالم كل العالم قولوها بكل فخر واحذوا أن تستثنوا ...

وأثبتوا للعالم أجمع أن أوراق الثورة ستبقى بأيديكم وليست بأيدي المتآمرين ولا المتخاذلين ولا المتسولين ..

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية