خدعة المقاومة والممانعة

محمد عمر

بيان من المجلس الوطني السوري

ما زال نظام الأسد الدموي يستغل المهل التي أعطته إياها الجامعة العربية لإخماد الثورة في محافظة حمص فأدخل مئات الدبابات والمدرعات إلى محيط وداخل مدينة حمص وأدخل الاف الجنود والأمن والشبيحة فقتلوا مئات المواطنين وجرحوا واعتقلوا الالاف واستباحو المدينة حيا" إثر اخر وخاصة باب عمرو وباب السباع وباب الدريب ودير بعلبة و الخالدية وغيره من الأحياء ومدن وبلدات تابعة لمدينة حمص ومنها الرستن وتلبيسة وتلكلخ وغيرها والان أصبحت هذه الأحياء والمدن منكوبة بعد أن قطع عنها النظام الأدوية والأغذية والمحروقات فأصبح عشرات الالاف من أبنائها بحاجة ماسة إلى الحاجات الضرورية وخاصة الأدوية والأغذية وحليب الأطفال والمحروقات 

نتيجة الحصار الامني الخانق يعاني اطفال محافظة حمص الجوع والبرد والذعر والكثير منهم من حالة التشرد والحرمان من الشروط الدنيا التي تتطلبها الطفولة الامنة

ان أهالي حمص العدية يدفعون اليوم جزءا كبيرا من ضريبة حريتنا بدمائهم وارواحهم ويفتدون سوريا بالغالي والرخيص من اجل الحرية والكرامة والحفاظ على الوحدة الوطنية للشعب السوري ونحن نقدر ونثمن ذلك عاليا 

المجلس الوطني السوري الذي يدين الأعمال الوحشية للنظام السوري يناشد الجامعة العربية والأمم المتحدة للضغط على الحكومة السورية من أجل دخول منظمة الصليب الأحمر الدولي ومنظمات الإغاثة الدولية واللجان الحقوقية ووسائل الإعلام إلى كل المناطق في محافظة حمص للإطلاع عن كثب على الأوضاع المأساوية وإنقاذ المواطنين المشردين والجرحى والجياع .

المجد والخلود لشهداء حمص والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين والعودة للمشردين 

المجلس الوطني السوري 

التاسع عشر من تشرين الثاني لعام 2011

المكتب الاعلامي

               

إنعاش لأنظمة متهاوية

محمد عمر

لم ينجو أي نظام عربي او اسلامي، منذ احتلال فلسطين وحتى يومنا هذا، من المتاجرة بالقضية الفلسطينية، سواء على الصعيد الدولي او الداخلي، حتى الانظمة التي كانت على علاقة مع الكيان الصهيوني، ظلت تسوغ خيانتها وانحطاطها بإشهار اهتمامها البالغ والكامل بالقضية الفلسطينية وشعبها. حتى الشاشة الصغيرة والكبيرة، تاجر روادها بالقضية الفلسطينية، من اجل تبرير انحطاطهم الخلقي وعهرهم الذي يظهر على الشاشات بطريقة تندى لها كرامة الجرذان والفئران.

انور السادات، وحين اخذ قراره بخيانة التاريخ المصري والعربي والاسلامي، تنطح كثور ممعن في استغباء الناس، بان اعلن ان اتفاقية الخيانة المركزة انما هي من اجل فلسطين وشعبها، وكان يتفاخر ويستعذب القول بان لا صلح ولا اتفاقية بدون تحرير فلسطين قبل سيناء. واثبتت الايام، معنى فلسطين عند السادات ونظامه، وعند من خلفه.

لكن الاكثر حماقة وصفاقة وقحة من السادات ومبارك، النظام السوري، الذي اعلن ومنذ قيامه بانحيازه الى جانب المقاومة ومعاداة الاحتلال، واتخذ من القضية الفلسطينية قناعا واقيا ومموها من اجل استدرار عطف الشعوب والتلاعب على قدسية فلسطين في قلوبها وافئدتها.

طبعا نحن نعرف بان النظام السوري قد جاء ممرغا بالدماء، والمكر والخديعة والخبث والدهاء، بل ويمكن ان نقول بانه امتلك من ادوات النازية والفاشية اكثر مما امتلك هتلر وموسوليني، وصل الى الحكم بإرادة الدبابات والعسكر، من اجل انهاء نظام حكم ادعى انه لا يصلح لقيادة سوريا، وحين امسك بزمام الامور، استدعى عائلته المنسية وعائلة اخواله، ليضع السلطات الاقتصادية والعسكرية والسياسية بأيديهم حتى لا يقع له ما اوقعه هو بالنظام السابق، ومن يومها وحتى الان، كانت سوريا كلها ملك عائلة متمرسة بالإرهاب والجريمة والقتل والسفك والسرقة والنهب، الى حد الثمالة وما فوقها.

وكي يضيف الى قوته قوة، والى سره العميق بوحا يخطف ابصار الناس والجماهير، فقد اعتبر ذاته في صف الممانعة والمقاومة، وجعل من فلسطين عملا دعائيا يستطيع من خلاله احراج دول واعدام فصائل، ومطاردة المعارضين باسم الخيانة، وقد اثبت انه قادر على ممارسة هذا الدور بطريقة البهلوان الذي يذهل الناس ويعمي ابصارهم عن حقيقة حيله والاعيبه.

في عام 1967 كانت المواجهة بين العرب وبين الاحتلال، خسرت الدول العربية كلها امام الاحتلال خسارة مذلة، وكان نصيب النظام السوري من الذل فقدان الجولان، الذي يطل على العاصمة اطلالة تجعل المدافع وحدها قادرة على نسف الكثير من مناطق العاصمة، فماذا فعل النظام؟ تجرع الذل والمهانة بصمت الخزي والعار، وانزوى يبحث بين الشعب عن كل من ادان الهزيمة ليقتله وينفيه من الوجود، تحول الانتقام من جهة الاحتلال الى جهة الشعب، فانجز النظام مرحلة قمع وارهاب وتخويف جعلت الناس تتخفى بذاتها حتى لا ينالها سلاح الممانعة وجيشها الابي الباسل.

ومنذ ذاك اليوم وحتى الان، لم تطلق طلقة واحدة نحو الحدود التي يقف الاحتلال على قمتها، وبدلا من ذلك، حاول النظام بكل ما يملك من خبرة ووحشية السيطرة على القرار الفلسطيني، كي يحتكر لذاته السمعة الرنانة بين الجماهير العربية والشعوب.

وحين فشل امام ياسر عرفات الذي يعرف كيف يلعب على التناقضات العربية، انتظر وبفارغ الصبر حتى اتت له فرصة الانتقام من فلسطين وقضيتها واهلها، وحين تقدمت قوات الاحتلال نحو لبنان لاجتياحه، وقف ينظر الى المعركة من بعيد، وفي لحظة اقتناص تمكن من الدخول الى مخيم تل الزعتر بدباباته والياته وجنوده، فقام بقتل من فيه، وهدم المنازل على رؤوس الاطفال والشيوخ والرضع والنساء، وفعل ما لم يفعله احد بتاريخ المخيمات، قام بمحو المخيم عن خارطة الوجود، انتقاما لكرامة مدعاة استطاع عرفات ان يعريها ويبين مدى ما فيها من سطوة وشهوة لاحتواء القرار الفلسطيني.

بعدها قام بتسليح حركة امل، ومنحها السلطة والجرأة لتمارس البحث والتنقيب عن الفلسطينيين من اجل اعدامهم وجزرهم، فكان ان قتلت حركة امل من الشعب الفلسطيني ما لم يقتله الاحتلال اثناء اجتياحه للبنان.

وحين ادرك نظام " المقاومة والممانعة الدمشقي " بان امتلاك القرار الفلسطيني ابعد من قدراته، عمل بخبث مركب الى استقطاب مجموعة من الفصائل الفلسطينية ومنحها حمايته من اجل ان يضرب بها شرعية الثورة الفلسطينية وقرارها المستقل، وقام ايضا بايجاد شرخ داخل حركة فتح عن طريق العمله وابو موسى، فانشأ تنظيم فتح الانتفاضة الذي لم يكتب له حياة اطول من حياة امنيات النظام السوري في امتلاك القرار الفلسطيني.

وحين ايقن النظام بهزيمته امام الثورة الفلسطينية، وامام قرارها المستقل، لم يتوانى ابدا بقصف طرابلس قصفا ادى الى خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان تمهيدا لمجزرتي صبرا وشاتيلا، التي كان العامل الاكبر بحدوثها بركات المقاومة والممانعة التي قصفت الثورة واجبرتها على الخروج.

ولا يفوتنا هنا ان ننوه بان اغتيال البطل سعد صايل قائد غرفة عمليات المقاومة الثورية الفلسطينية ضد الاحتلال وتقدمه، قد نفذته عصابات النظام السوري من اجل افراغ المقاومة من احد دعائمها وابطالها.

في كل هذه الاحداث، واحداث استعمار الوطن اللبناني من قبل الجيش السوري، كان النظام يملك القدرة والارادة والقوة والجرأة من اجل ابادة الشعبين الفلسطيني واللبناني، لكنه لم يملك أي نخوة او جرأة ليطلق رصاصة واحدة نحو الاحتلال وهو يجتاح لبنان ويطرد جيوش النظام السوري وزبانيته، ولم يملك أي قوة او جرأة ليحرك ذبابة او بعوضة نحو الجولان المحتل والمغتصب.

وحتى حين قامت طائرات الاحتلال بقصف بطاريات الصواريخ الروسية، لم تتحرك نخوة النظام وكرامته لرد الصفعة والاهانة، وكل ما تجرأ عليه هو الاعلان عن حقه بالرد في الوقت المناسب، وهو الرد الذي سيتبع كل اهانة وصفعة توجه الى ناصية النظام ورأسه.

ويوم حلقت طائرات العدو فوق مسكن بشار، وانتهكت الاجواء والسيادة السورية، لم تتحرك ذبابة او بعوضة للرد على الانتهاك، بل اكتفى النظام " المقاوم والممانع " بحقه في الرد في الوقت المناسب.

ويوم اغتيال عماد مغنية في دمشق، عاصمة النظام " الممانع والمقاوم " صرح النظام بمسؤولية العدو عن عملية الاغتيال، لكنه ايضا وحزب اللات لم يردوا، وجل ما قالوه انهم يحتفظون بحق الرد في المكان المناسب والوقت المناسب.

وحين اجتمعت مصالح الثالوث، ايران والنظام السوري وحزب اللات، على استعمار لبنان وتدميره وتحويله الى ساحات لصور الملالي وآيات الله، تفاخر الثالوث بحمله هم القضية الفلسطينية وعذابات الشعب الفلسطيني، ودعا نصر اللات الى اغتيال الرئيس الفلسطيني كما اغتال خالد الاسلامبولي السادات، وكأن ما عجز عنه حافظ ووريثه بشار ظل حلما مؤرقا وشهوة لم ترتوي، فجاء نصر اللات يطالب الشعب الفلسطيني بتنفيذ رغبة النظام السوري منذ الانقلاب فالتوريث فاكتمال الثالوث.

حزب اللات يقول على لسان زعيمه، بانه سيغير خارطة المنطقة ان تجرأ العدو على خوض معركة جديدة في لبنان، ونحن نتساءل: اذا كان هذا الحزب قادر على تغيير خارطة المنطقة وزرع الوجع والالم في كبد الاحتلال، واذا كانت فلسطين حقا ضمن اهتماماته لماذا لا يبادر هو بانتزاع الحق من فم الاحتلال؟

نفس السؤال نوجهه الى ايران، التي تصرح ومنذ ايام بانها ستزيل الكيان الصهيوني عن الوجود اذا حاول ضرب المفاعل النووي الايراني، لماذا الانتظار حتى تتم الضربة ان كانت فلسطين ضمن حساباتكم وتوجهاتكم وقناعاتكم؟ اليست فلسطين بشهدائها وجرحاها واسراها وعذاباتها وآلامها اكبر واغلى من المفاعل الايراني؟ الم يقل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فيما معناه بان دم المسلم عند الله من الكعبة؟

سئمنا من المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وسئمنا اكثر من تلطيخ قدسية فلسطين وشعبها بدماء الشعوب التي تطالب بالحرية من استعمارها الداخلي.

نحن مع الشعوب العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، وضد الحكام الطغاة المستعمرين للشعوب والثروات والمقدرات، ولا حاجة لفلسطين باي نظام يمارس القتل والترويع والذبح والسلخ شعبه، وليس هذا فقط، بل نحن نربأ بقضيتنا وبلدنا وقدسنا ان تدنس بلوثات هؤلاء المعتوهين بالسلطة والقتل والترويع.

كنا نتوقع من نظام " الممانعة والمقاومة " في سوريا ان يحرك الدبابات والطائرات والمجنزرات والجيوش نحو الجولان، ليثبت شرفه وعزته، لكن النظام الممرغ بالذل والهزيمة لا يملك سوى الانحناء امام الاعداء، انحناء العبيد امام السادة. تماما كرامي مخلوف الذي عرض الخيانة على الاحتلال من اجل بقاء النظام في سدة الحكم، فقوبل هو والنظام بالإهمال والاحتقار، حتى انهم لم يتلقوا الرد بالرفض.

لكنهم امتلكوا كل القوة والجرأة لاستخدام كل الجيش وادواته العسكرية من اذلال الشعب السوري والثورة السورية التي تميزت بقوة حقها الذي منحها القدرة على مجابهة النظام الجبان الذي لا يخجل من عرض نفسه على العدو من اجل ممارسة الخيانة في سبيل بقاءه على سدة حكم لم يكن لها اهل منذ الانقلاب وحتى التوريث وحتى اللحظة الحاضرة.

مثل هذا النظام الجبان، عليه ان يترك لفلسطين اسمها المبارك، مع بقايا الثالوث، حتى تظل البركة ويظل النقاء ملازما للقدس وما حولها.